لقد ظهر مُصطلح الروبوت قبل ظهور مصطلح الذكاء الاصطناعي بفترة ليست قليلة. ولكننا نجد اليوم من يخلط بين المفهومين ويستخدمهما بالتبادل، فما هو السبب ؟
يمكننا أن نخمّن ببساطة أن السبب هو وجود الروبوتات المبرمجة بالذكاء الاصطناعي، والتي جعلت الروبوتات تقارب البشر من حيث التفكير والمحاكمة المنطقية أكثر من أي وقت مضى. وسنتحدث اليوم عن تكامل الروبوتات والذكاء الاصطناعي وكيف أثمر تكاملهما في تحسين حياتنا اليومية، وما الذي ننتظرهُ منها خاصة بعد إعلان ماسك الأخير عن روبوتهُ أوبتيموس.
حتى ندرك تماماً مفهوم الروبوتات المبرمجة بالذكاء الاصطناعي، علينا أن ننطلق من تعريف كلا المفهومين. الروبوتات في البداية هي تخصص هندسي، مهمتهُ هي تصميم الآلات القادرة على أداء المهام آليًا أو (أتمتة المهام).
أمّا الذكاء الاصطناعي فهو تخصص برمجي معلوماتي يدرس إمكانية محاكاة العمليات المعرفية للبشر عن طريق الآلات، ونحن نتحدث هنا عن عمليات معرفية من قبيل التعلم والاستدلال من أجل حل المشكلات وتنفيذ مهام محددة.
عندما نجمع بين الإثنين، نجد أن الذكاء الاصطناعي هو الدماغ والروبوتات هي الجسم. وحتى نفهم ذلك بأفضل ما يمكن لنفترض أننا نريد برمجة روبوت لأداء مهمة محددة وهي: التقاط صندوق ووضعهُ على الطاولة وتكرار هذهِ المهمة حتى يُطلب منه التوقف. حتى اللحظة نحن أمام روبوت، لكن مع إضافة كاميرا للروبوت بالإضافة إلى برمجتهُ بواسطة خوارزمية الذكاء الاصطناعي، يمكنه أن يرى الصندوق، ويكتشف ماهيتهُ ويحدد ماهية الطاولة التي يجب عليه وضعه عليها. في هذهِ الحالة نحن أمام روبوت ذكي.
لقد فهمنا بشكلٍ سريع الفرق بين الروبوتات والذكاء الاصطناعي عبر فقرتنا السابقة، ولكننا سنتوسع في هذهِ الفقرة لنفهم جميع الفوارق بينهما. ونبدأ من مجال التطبيق. فالروبوتات تقدم لنا آلات تتمتع بقدرتها على الحركة. ومن خلال المثال السابق أشرنا أنها تُستخدم عموماً لأداء مهام متكررة وعالية السرعة والدقة، وهي بذلك مثالية لقطاعات مثل القطاعات الصناعية للإنتاج أو في مجال الطب. في المقابل، يركز الذكاء الاصطناعي على معالجة البيانات وتصميم الخوارزميات وهو ما يجعلهُ مثالي لقطاعات مثل الرعاية الشخصية والتعليم.
من ناحية ثانية وكما أشرنا في المقدمة، كانت الروبوتات كما نعرفها اليوم موجودة منذ عقود، ويعود مصطلح الروبوت إلى عام 1921، وهو ما صاغهُ الكاتب المسرحي التشيكي كارل تشابيك. واليوم، توجد معاهد علمية مشهورة عالمياً مكرسة خصيصاً لتصميم الروبوتات. في حين أن الذكاء الاصطناعي هو تقنية جديدة نسبياً، ظهرت في عام 1956 في مؤتمر دارتموث. وغالباً ما يتم تطويرها بحذر وتأني أكبر بسبب المخاوف المرتبطة بالخصوصية ومعالجة البيانات والقضاء المحتمل على العمالة البشرية.
قبل بضعة أيام، وتحديداً في يوم الخميس 10 أكتوبر 2024 وخلال الإعلان الخاص بشركة تيسلا عن سيارة Robotaxi الجديدة - وهي سيارة ذاتية القيادة بالكامل بالمناسبة- كشف الرئيس التنفيذي للشركة إيلون ماسك أيضًا عن أحدث إصدار للشركة من Tesla Bot، ويبدو أن روبوت تيسلا أوبتيموس شهد تحديثات مرعبة منذ الإعلان عنه لأول مرة في عام 2022. فهو الآن قادر على المشي أسرع، كما أن اليد أصبحت مرنة أكثر في حركتها ولديها أجهزة لاستشعار اللمس!
ليس هذا كل شيء، لأن ماسك لم يكتف بالكلام فقط وعرض مقاطع الفيديو لأوبتيموس ظهر فيها وهو يسقي النباتات ويحمل البقالة ويقدم المشروبات. وأشار ماسك صراحة إلى أن روبوتهُ الوليد صمم ليكون أي شيء تريدهُ، فهو قادر على تدريس أطفالك والاعتناء بهم، كما أنه قادر على اصطحاب حيوانك الأليف في نزهة، يقص العشب في حديقتك، أو يحضر لك البقالة، ويمكنك اعتباره مجرد صديق يعد لك القهوة. وتوقع ماسك أن تتراوح تكلفة تلك الروبوتات عند طرحها بين 20 ألف دولار و30 ألف دولار.
بعد بث حدث تيسلا الأخير عبر تطبيق X، أصيب الناس على وسائل التواصل الاجتماعي بالارتباك الشديد. فمن جهة فإن ما يقدمه ماسك هو الثورة القادمة التي ستفتح باب المستقبل على مصراعيه لتسهيل الحياة اليومية وإلغاء المهمات الشاقة أو الخطيرة. ومن جهة ثانية، فإن كل ما يجري اليوم يذكرنا بأفلام الخيال العلمي التي تتحدث عن سيطرة الروبوتات على البشر، أو ارتكاب الجرائم والوقوع في حب على أقل تقدير.
أشارت صحيفة الإندبندنت البريطانية لهذا الطرح عندما تحدثت في مقالها الأخير عن الفعالية عن مدى تشابه اختراعات تيسلا مع تلك التي ظهرت في الفيلم الكلاسيكي الذي يعود تاريخهُ إلى عقود مضت Robot لويل سميث. هذا الفيلم الذي تدور أحداثه في عام 2035 وسط عالم مليء بالروبوتات شديدة الذكاء تشغل وظائف الخدمة العامة ومهمتها هي الحفاظ على سلامة البشر. الحبكة في هذا الفيلم تتحدث عن أنهُ وبعد وفاة مؤسس الشركة، يشتبه في أنهُ قُتل على يد أحد الروبوتات.
في الختام، لقد أصبحنا مدركين أن الروبوتات والذكاء الاصطناعي وتكاملهما عبر الروبوتات المبرمجة بالذكاء الاصطناعي هو تطور حديث نسبياً. ومع استمرار تطويرها وفقاً للنهج الذي نراه اليوم، يمكننا أن نتوقع أن تبدأ الروبوتات الذكية اصطناعياً في عكس تلك السمات البشرية التي نراها في الأفلام. فهل سيجعلك ذلك متحمسًا للمستقبل أم قلقًا منه؟