أجرى قائد المنطقة الجنوبية للجيش الإسرائيلي، الجنرال يارون فينكلمان، في الساعة الثالثة قبيل فجر 7 تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، مداولات من خلال هاتفه الخليوي المشفر، على خلفية معلومات حول "رفع الجهوزية في عدة وحدات في حماس بحجم محدود"، حسبما جاء في تحقيقات داخلية في الجيش الإسرائيلي ونقلتها صحيفة "يديعوت أحرونوت" اليوم، الإثنين.

تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"... سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات

واستعرض ضابط في وحدة الاستخبارات التابعة لقيادة المنطقة الجنوبية ومندوب عن الشاباك، خلال هذه المداولات، عدة "مؤشرات مقلقة" جمعتها الوحدة 8200 والشاباك في الساعات التي سبقت المداولات، إلى جانب مؤشرات أخرى دلّت على أن الوضع اعتيادي. وبعد هذه المداولات، أجرى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، تقييما للوضع في الليلة نفسها.

ويتبين من التحقيقات أن الجيش كان يميل أكثر إلى الاعتقاد أن حماس تسعى إلى استمرار الهدوء في قطاع غزة، وقال فينكلمان حول رفع الجهوزية في حماس إنه قد يكون ناجم "من إجراء حماس تريبا" أو أنه تم "رفع الجهوزية على إثر تخوف من مبادرة إسرائيلية بعد أعياد شهر تِشري" اليهودية التي انتهت في 7 أكتوبر حينها، لكن في نهاية المداولات طرح فينكلمان إمكانية أن حماس موجودة في "حالة جهوزية للمبادرة إلى مفاجأة، وخاصة لتوغل بري".

سقوط صاروخ أطلق من غزة في تل أبيب، في 7 أكتوبر 2023 (Getty Images)

وأشارت الصحيفة إلى أنه قبل سنة من هجوم حماس في 7 أكتوبر، كان فينكلمان قائدا للواء العمليات في هيئة الأركان العامة، واطلع على خطة توغل بري لحماس وأطلقت عليها تسمية "سور أريحا"، وحصلت عليها الوحدة 8200 في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية.

ونقلت الصحيفة عن ضابط إسرائيلي كبير قوله إنه "ليس واضحا كيف حدث أن الشخص نفسه، الذي كان يعي خطورة الخطة وحتى أنه حذّر من كيف بإمكان حماس أن تفاجئ إسرائيل، يفشل في النقطة نفسها. وليس واضحا أيضا لماذا سارع فينكلمان، قبل انتهاء التحقيقات، إلى تعيين أشخاص كانوا جزءا من الفشل القيادي، وأحدهم كان حاضرا في تلك المداولات المصيرية (ليلة 7 أكتوبر 2023) ورسخت عمليا انهيار الجيش الإسرائيلي في الفخ الذي نصبته حماس، في مناصب جديدة وترقيتهم".

وحسب الجيش الإسرائيلي، فإن الوحدة 8200 حصلت على خطة "سور أريحا" في العام 2022، وكانت هذه صيغة أخرى لخطة وضعتها حماس قبل ذلك بعدة سنوات ووصلت إلى إسرائيل. "ورغم ذلك، لا أحد في القيادة الجنوبية وفرقة غزة لعسكرية والشاباك وشعبة الاستخبارات العسكرية، ربط بين النقاط ورأى أن هذه ليست خطة جديدة، وإنما خطة تتطور وقوية وذكية من شأنها التغلب على الفرقة العسكرية"، حسب الصحيفة.

وفي 25 تموز/يوليو العام 2022، عممت وحدة الاستخبارات في فرقة غزة العسكرية وثيقة بعنوان "خطر توغل حماس في قطاع غزة"، التي اعتبرت أن خطة "سور أريحا" هي أحد السيناريوهات، ووُصفت في الوثيقة بأنها "خطة توعل كبيرة الحجم، التي وضعت في مقر العمليات، وفي تقديرنا لن تُعمم على الألوية والكتائب. وفي إطار الخطة، سوف تُنفذ عملية تشمل توغل بري لـ14 سرية ستغزو مناطق البلاد بالتزامن، في موازاة عمليات توغل جوي وبحري، إطلاق قذائف هاون وقذائف مضادة للمدرعات ونيران قناصة وإطلاق طائرات مسيرة مفخخة".

ونظر جميع الضباط في القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي الذين تعاملوا مع خطة حماس على أنها "بوصلة لبناء القوة" وليس كخطة عملية تريد أو قادرة حماس على تنفيذها، وفقا للصحيفة.

وبعد يومين من تعميم الخطة، عقد فينكلمان، كقائد للواء العمليات في هيئة الأركان العامة، مداولات تحت عنوان "تعمق استخباراتي في ’سور أريحا’، بمشاركة مندوبين عن لواء العمليات وفرقة غزة العسكرية وقيادة المنطقة الجنوبية وشعبة الاستخبارات العسكرية، بهدف وضع "استجابة عملية" لخطة "سور أريحا".

وقال الضابط الكبير نفسه للصحيفة، أمس، إن "فينكلمان قال في تلك المداولات إن الطريقة الوحيدة لمفاجأة إسرائيل من خلال ’سور أريحا’ ستكون جهوزية (حماس) بغطاء تدريب أو شيء ما مشابه، أو خطأ في الجانب الإسرائيلي، مثل الاعتقاد أن حماس ترفع الجهوزية لأنها تعتقد أن إسرائيل على وشك الهجوم. وفعليا، هذان بالضبط هما السيناريوهان اللذان طرحهما بنفسه ليلة 7 أكتوبر، وسقط ضحية تلك الخطة".

وأوعز فينكلمان، خلال المداولات في العام 2022، بتنفيذ عدة خطوات استعدادا لاحتمال أن تخرج حماس خطتها إلى حيز التنفيذ، وقال إنه "يجب الاستعداد للخطة على أنها سيناريو محتمل في إطار قتالي والبحث في الأوامر الموجودة لحالات الطوارئ إذا كانت توفر ردا عملياتيا كافيا، وليس فقط بمستوى التخطيط العملياتي وإنما في جانب عديد القوات وجهوزيتها أيضا".

وكُتب في ملخص المداولات التي أجراها فينكلمان قبيل فجر 7 أكتوبر، أنه "أوعز بتعزيز جهوزية القوات من خلال التشديد على ما يلي: أولا، الحفاظ بشكل كبير على المعلومات الاستخباراتية التي وصلت والامتناع عن أي عمل بإمكانه أن يسلم العدو (معلومة) أن إسرائيل تعلم أنه يحدث عنده أمر غير مألوف. ثانيا، الحفاظ على عمليات تحت سقف يمكن أن يؤدي إلى سوء فهم".

وأشارت الصحيفة إلى أن حديث فينكلمان، قبيل فجر 7 أكتوبر، عن "توغل" يعني بلغة القيادة الجنوبية تسلل عدد قليل من المسلحين إلى عدد قليل من الأماكن على طول الحدود بهدف تنفيذ عملية قتل أو أسر جنود أو مواطنين، وليس هجوما واسعا كالذي شنته حماس.