تعاني إسرائيل من أزمة حادة في قطاع الزراعة منذ بدء الحرب على قطاع غزة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وعلى خلفية المواجهات مع حزب الله والعدوان المتصاعد على لبنان، حيث أدت مجموعة من العوامل الاقتصادية والأمنية والمناخية إلى ارتفاع كبير في أسعار الفواكه والخضروات، ما أثر بشكل مباشر على الأسعار، ووضع المستهلك الإسرائيلي أمام تحديات مالية إضافية.

تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"

وتشير البيانات إلى أن أسعار الخضروات ارتفعت بأكثر من 30% مقارنة بالعام 2021، بينما شهدت أسعار الفواكه زيادة بنسبة 17%. في تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، سجلت الأسعار ارتفاعات إضافية بلغت 11% للخضروات و3% للفواكه، مع قفزات ملحوظة في أسعار بعض المنتجات الأساسية مثل البطاطا التي زادت بنسبة 69%، والبندورة (46%) والخيار (54%).

وأظهرت بيانات "ستورنكست"، التي ترصد الأسعار الفعلية في متاجر الأغذية، أن الأسعار الحالية للخضروات والفواكه وصلت إلى مستويات غير مسبوقة؛ ومن بين الأصناف التي شهدت زيادة كبيرة في الأسعار: الجزر زيادة بنسفة 44%، والفلفل (31%). أما الفواكه، فقد ارتفعت أسعار الكلمنتينا والتفاح بأكثر من 30%. فيما زادت أسعار المانجو، والشمام، والجريب فروت، والكمثرى: زادت بين 20% و24%.

الارتفاعات في الأسعار:

  • ارتفعت أسعار الخضروات بمتوسط يزيد عن 30% مقارنة بعام 2021، في حين ارتفعت أسعار الفواكه بنسبة 17%.
  • ارتفعت أسعار الخضروات بنسبة 11% والفواكه بنسبة 3%، مقارنة بتشرين الثامي/ نوفمبر 2023.
  • المنتجات التي شهدت ارتفاعات كبيرة: البطاطا (69%)، الخيار (54%)، البدورة (46%)، والجزر (44%). أما الفواكه، فقد ارتفعت أسعار الكلمنتينا والتفاح بأكثر من 30%.

وترجع هذه الأزمة إلى عدة عوامل، أبرزها غياب الاستيراد من تركيا، الذي كانت تعتبر المصدر الرئيسي للخضروات في السوق الإسرائيلية، وارتفاع تكاليف الاستيراد من دول مثل اليونان وإسبانيا. كذلك، يعاني القطاع من نقص حاد في العمالة بعد مغادرة أكثر من 30 ألف عامل أجنبي وفلسطيني خلال الحرب، ورغم استقدام عشرين ألف عامل جديد، إلا أن الفجوة في القوى العاملة لا تزال كبيرة.

ونقلت صحيفة "هآرتس" عن أحد التجار قوله: "نستورد نصف الخضروات في هذا الوقت من السنة، وغالبًا من تركيا والأردن. لكن هذا العام توقف الاستيراد من تركيا، كما أن وزارة الزراعة لم تخفض الرسوم الجمركية على المنتجات المستوردة. على سبيل المثال، تبلغ الرسوم على البطاطا نصف شيكل للكيلوغرام الواحد. يضاف إلى ذلك تكلفة الاستيراد من اليونان أو إسبانيا، ما يؤدي إلى مضاعفة السعر النهائي للمستهلك".

وبعد اندلاع الحرب، غادر حوالي 10 آلاف عامل تايلاندي البلاد، فيما حظرت إسرائيل دخول حوال 20 ألف عامل فلسطيني في القطاع الزراعي. وانخفض عدد العاملين الإجمالي في القطاع إلى 20 ألف عامل مقارنةً بـ 50 و60 ألف عامل في الأوقات الطبيعية.

سوق لبيع الفواكه والخضار من المزارعين المتضررين من الحرب في تل أبيب (Getty Images)

ورغم جلب 20 ألف عامل أجنبي منذ بداية الحرب، لا يزال العدد أقل من الاحتياج الفعلي بحوالي 10 آلاف عامل. وتواجه هذه العملية تحديات فنية، إذ يُسمح فقط بجلب العمال الذين كانوا مسجلين في إسرائيل منذ 2010. فيما يشتكي المزارعون من خسائر كبيرة بسبب هروب العمال إلى مراكز المدن.

إلى جانب ذلك، أثرت الظروف المناخية القاسية هذا الصيف، مع تسجيل درجات حرارة مرتفعة غير مسبوقة، على جودة الإنتاج الزراعي وكميته. كما أن الحرب الدائرة في جنوب لبنان ألحقت أضرارًا بالغة بمزارع الأشجار المثمرة، حيث دُمرت نسبة كبيرة من هذه المزارع الواقعة قرب الحدود اللبنانية، ما أدى إلى توقف عمليات الحصاد والصيانة بسبب المخاطر الأمنية المستمرة.

الأسباب الرئيسية للأزمة:

  • وقف الاستيراد من تركيا بسبب القيود الجمركية وارتفاع تكاليف الاستيراد من دول أخرى كاليونان وإسبانيا.
  • نقص حاد في العمالة، حيث غادر نحو 30 ألف عامل أجنبي وفلسطيني البلاد خلال الحرب. رغم استقدام 20 ألف عامل جديد، لا تزال الفجوة كبيرة.
  • وجود 80% من الأشجار المثمرة في منطقة المواجهات التي يستهدفها حزب الله قرب المنطقة الحدودية مع لبنان وتحديدا في الجليل الجولان السوري.
  • الظروف المناخية القاسية خلال الصيف، مع تسجيل درجات حرارة مرتفعة أثرت سلبًا على الإنتاج.

وذكرت صحيفة "هآرتس" أن حوالي 80% من الأشجار المثمرة التي تزود السوق الإسرائيلي في الخضار والفواكة تأتي من مزارع في الجولان السوري المحتل ومناطق الجليل خصوصا تلك الحدودية مع لبنان، وألحق استمرار الحرب والمواجهات مع حزب الله أضرارًا هائلة فيها. وذكرت أنه "في بعض الحالات، تعرضت المزارع للإهمال بسبب منع الوصول إليها، ما أدى إلى خسائر قد تستغرق سنوات للتعافي".

كما أشارت الصحيفة إلى أن أسعار المياه المرتفعة لا تزال تشكل عبئًا كبيرًا على القطاع الزراعي في إسرائيل، مما ينعكس سلبًا على تكاليف الإنتاج وتكاليف السعر للمستهلك؛ كما لفتت إلى أن "استيراد كميات متزايدة من الفواكه، يؤدي إلى رفع الأسعار بسبب الجمارك العالية المفروضة على هذه المنتجات".

وذكرت أن الرسم الجمركي على كل كيلوغرام من التفاح يبلغ حوالي 1.3 شيكل. ووفقًا لبيانات "ستورنِكست"، ارتفع متوسط سعر كيلوغرام التفاح في العام الماضي بشيكل واحد، بينما زاد بمقدار 3.5 شيكل منذ عام 2011. ويضع هذا الواقع المستهلك الإسرائيلي أمام تحديات مالية إضافية، مع استمرار الارتفاع في الأسعار الذي ينعكس مباشرة على تكاليف المعيشة اليومية.

ويتوقع خبراء القطاع الزراعي أن تستمر أسعار الفواكه والخضروات في الارتفاع خلال السنوات المقبلة، نظرًا للتحديات الكبيرة التي تواجه المزارعين، بما في ذلك إعادة تأهيل المزارع وإصلاح الضرر الناتج عن الحرب. هذا الواقع يضع القطاع الزراعي أمام تحديات طويلة الأمد تهدد استقراره وقدرته على تلبية احتياجات السوق المحلية.