لم تتمكن عائلة ضحية جريمة القتل في جسر الزرقاء الشاب فارس عماش (23 عامًا) من إكمال فرحتها بتحرر ابنها من السجن، وذلك بعد حبسه في السجون الإسرائيلية لمدة 3 سنوات، بادعاء مشاركته في أحداث هبة الكرامة عام 2021، إذ أنه تحرر من السجن قبل نحو شهرين، وقُتل مساء يوم الأحد الماضي، بعد تعرضه لجريمة إطلاق نار على مدخل منزله في القرية.
لم تتوقع عائلة الضحية أن تكون وجبة العشاء تلك هي الأخيرة له مع العائلة، حيث أنه اعتاد أن يجتمع والعائلة برفقة والدته التي تعاني من مرض السرطان، لكن بعد دقائق من الانتهاء من العشاء، سُمع دوي إطلاق نار داخل بيت الضحية، ليتضح أن فارس قُتل عند مدخل منزله.
تستهجن عائلة الشاب عماش سلوك الشرطة الذي انتهجته عشية جريمة القتل، إذ عملت على إزالة كاميرات المراقبة في موقع الجريمة، بالإضافة إلى تصرف الشرطة المستنكر والمرفوض بعد اقتراف الجريمة، حيث قامت بالاعتداء على الأهالي بالضرب ورش غاز الفلفل عليهم، كما أكدت العائلة.
6 ضحايا في جرائم القتل منذ مطلع العام
قُتل منذ مطلع العام الجاري 6 ضحايا في جسر الزرقاء، بينهم امرأة، في جرائم قتل مختلفة، معظمها بإطلاق نار، ولم تفك رموز غالبية الجرائم التي وقعت، على الرغم من افتتاح محطة كبيرة للشرطة في القرية في العام 2017، وتعزيزها بعشرات عناصر الشرطة، بل تمددت الجريمة مع تمدد الشرطة.
وقتل في جسر الزرقاء الشاب مراد محمد جربان (27 عامًا)، في جريمة إطلاق نار، يوم 27 أيار/ مايو، فيما قتلت سامية عماش (33 عامًا) بعد تعرضها لجريمة طعن وقتل في 31 من ذات الشهر.
وفي شهر حزيران/ يونيو قتل الشقيقان مصطفى (20 عامًا) وكرم أبو حامد (19 عامًا) بعد تعرضها لإطلاق نار في منطقة برديس حنا.
وفي شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، قتل الشاب مهاد هاني جوهر (40 عامًا) في جسر الزرقاء، بعد تعرضه لجريمة إطلاق نار، وفي ذات الشهر قتل الشاب فارس عماش (23 عامًا) بعد تعرضه لجريمة إطلاق نار في القرية.
وقالت عدن عماش، شقيقة ضحية جريمة القتل في جسر الزرقاء فارس عماش، لـ"عرب 48" إن "شقيقي فارس قتل بدم بارد وأمام أعيننا على مدخل المنزل، حيث أن شقيقي من خيرة الشباب وبعمره لم يؤذ أحدا، وجنازته أمس تشهد على محبة الناس له. ما يحصل فاق كل الحدود".
وعن حادثة قتل شقيقها فارس، أوضحت أنه "قبل مقتله كان يضحك ويبتسم للجميع، وقبل مقتله كان يتحدث معي عبر الهاتف وكان يضحك، وعندما خرج من المنزل قتلوه عند مدخل البيت".
وتطرقت عدن إلى حبس شقيقها فارس، قائلة إن "شقيقي فارس اعتُقل في أعقاب هبة الكرامة وسجن لمدة ثلاث سنوات، وذلك بادعاء إلقاء حجارة، قضى الأعوام الثلاثة في السجن، وكان عمره 20 عامًا، خرج من السجن قبل عدة أشهر، وعمل في محاولة لبدء الحياة، ولكن قتل برصاص الغدر".
وختمت شقيقة الضحية حديثها بالقول إنه "عندما قتل فارس تجمعت الشرطة عند مدخل المنزل، واعتدت علينا وعلى كل الموجودين، وكان الأجدر بها أن تعمل وتلاحق المجرم الذي قتل شقيقي".
وقالت الحاجة صالحة جربان، خالة الشاب فارس عماش، لـ"عرب 48" إن "فارس كان مميزًا مع جميع الأهالي، أحب الجميع وكان يطمئن عليهم دائما، كل الأقارب والجيران والأهالي يشهدون له بذلك، كان حنونًا ومحبًا ، قُتل بدم بارد دون اقتراف أي ذنب".
ولفتت إلى أنه "عند وقوع الجريمة كنت عند شقيقتي والدة فارس والتي تعاني من مرض السرطان، حالتها صعبة وطلبت منا أن نطبخ لها أكلة 'الشيشبرك '، أعددنا لها الطعام وأكل فارس معنا، وعندما خرج من المنزل قُتل بدم بارد في مدخل المنزل".
وعن الجريمة في المجتمع العربي، قالت صالحة جربان إن "الجرائم في المجتمع العربي مستشرية بشكل كبير، وهناك من يُقتل على أتفه الأسباب. الأمهات يفقدن أولادهن في مجتمعنا، وكأنه لا يكفي أننا في حرب. للأسف، في مجتمعنا هناك حرب أخرى وهي الجريمة، ويجب وضع حدود لهذا القتل وإنهاء هذه الجرائم التي تحرق قلوب العائلات. تعبنا من هذا القتل والعنف، كفى للعنف والقتل".
وأكدت أنه "لا نريد هذه الشرطة التي لا تقوم بعملها من أجل مكافحة الجريمة في مجتمعنا، هذه الشرطة لا تريد إنهاء الجريمة، وبحال أرادت تستطيع إلقاء القبض على المجرمين، ولكنها غير معنية بذلك طالما أن العربي يقتل عربيا. الشرطة وصلت إلى موقع الجريمة عندنا ولم تتحدث معنا عن الذي حصل ولم تجمع شهادات وإفادات، ولم تأخذ عينات من مكان الجريمة، بل بدأت بضرب النساء والأهالي في المكان، ورش الغاز المسيل للدموع علينا. هذه الشرطة بحال بقيت على هذا الحال ستزداد الجريمة دون رادع".
وختمت خالة الضحية حديثها بالقول إنه "نتألم جدا ولقد تعبنا من هذه الجريمة، إذ أنني أحزن على كل ضحية، والضحايا ليس فقط من قتلوا وفارقوا الحياة، هناك أيضا بعض المصابين الذين أصبحوا مع إعاقات إثر تعرضهم في جرائم إطلاق النار، وهناك الأمهات والعائلات التي ستبقى تنزف على فقدان أبنائها".
وقال الناشط المجتمعي، محمد أنيس جربان، لـ"عرب 48" إن "الوضع في مجتمعنا العربي صعب وسيئ في ظل تفاقم الجريمة. للأسف، جرائم القتل هذه تجاوزت كل الخطوط الحمر. مهما كانت أي مشكلة وخلفيتها فهناك حلول لها، لكن لا أحد يسمع وبالتالي تتطور الأمور إلى أن تصل حد اقتراف جرائم القتل".
وعن جسر الزرقاء، أوضح أن "البلدة معروفة بناسها وأهلها والكم الهائل من الطيبين. الشباب يريدون أن يكونوا أحرارا وألا يتدخل بهم أحد. نحن مع حرية الشباب، ولكن دون التعدي على الآخر، بتنا كل عدة أيام نفقد شابا وهذا صعب ومؤلم على جميع أهالي البلدة".
وختم جربان حدبثه بالقول "أدعو كافة أهالي القرية لاجتماع تشاوري بعد صلاة الجمعة، وذلك لطرح هذه القضايا وبحث السبل من أجل إيقاف شلال الدم، وعلى كل شخص أن يبدأ من بيته ومحيطه، حتى نوقف ما يحصل من عنف وإجرام".
وأضاف أن "الشرطة تستطيع جمع كل الأسلحة من القرية خلال مدة قصيرة، لكنها غير معنية بذلك ولا يهمها جمع الأسلحة".
ووجّه جربان حديثه لأهالي القرية بالقول إنه "شخصيًا، لا أؤمن بالعائلية، عائلات جسر الزرقاء هم عائلتي وأحبابي. من الضروري أن نحب الخير للغير كما نحبه لأنفسنا، ومن الضروري أن يناهض أهالي جسر الزرقاء والمجتمع العربي العنف والجريمة وأن نخرج من هذا المستنقع".
وقال أحد أقارب ضحية جريمة القتل فارس عماش، والذي طلب عدم نشر اسمه، لـ"عرب 48"، إنه "قبل يوم من ارتكاب الجريمة أمام منزل الضحية فارس عماش، وفي المكان الذي قتل فيه، قامت الشرطة بإزالة كل كاميرات المراقبة التي كانت في الشارع ومكان وقوع الجريمة".
وأضاف أن "إزالة كاميرات المراقبة من قبل الشرطة يجعلنا نفكر بهذه الخطوة التي قامت بها الشرطة، وعلى ما يبدو الشرطة قامت بذلك من أجل حماية المجرم الذي اقترف الجريمة النكراء".