رصد الجيش الإسرائيلي، مؤخرا، قرابة 30 حالة تقديم دعاوى شملت إجراءات جنائية ضد ضباط وجنود شاركوا في الحرب على غزة، وكانوا يخططون للسفر إلى خارج البلاد، وحذرهم الجيش بالامتناع عن السفر، تحسبا من اعتقالهم أو تعرضهم للتحقيق في الدولة التي يخططون للسفر إليها.
ويقدر الجيش الإسرائيلي أن إصدار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي مذكرات اعتقال ضد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن السابق، يوآف غالانت، بشبهة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة، يدعم إصدار مذكرات اعتقال دولية أخرى وإجراءات جنائية في أنحاء العالم ضد ضباط كبار وجنود نظاميين وجنود في قوات الاحتياط شاركوا في الحرب على غزة.
وطالب الجيش الإسرائيلي قسما من ضباطه وجنوده المتواجدين في دول أجنبية بمغادرتها على الفور، تحسبا من إجراءات قضائية ضدهم، وبينهم ثمانية على الأقل يتواجدون في قبرص وسلوفانيا وهولندا، حسبما ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" اليوم، الأربعاء.
وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش الإسرائيلي لا يمنع سفر جنوده وضباطه في هذه الأثناء، لكنه يضع "تقدير مخاطر" لأي جندي يقدم طلبا للخروج من البلاد، وخاصة أولئك الذين شاركوا في الحرب في غزة.
وجرى التركيز على هذه السياسة على إثر التأييد المتزايد في العالم لقرار المحكمة الجنائية إصدار مذكرات الاعتقال ضد نتنياهو وغالانت.
وطالب الجيش الإسرائيلي جنوده وضباطه الذين شاركوا في الاجتياح البري لقطاع غزة بالامتناع عن نشر صور ومقاطع فيديو لهم أثناء تواجدهم في القطاع، كي لا تستخدم ضدهم كأدلة في تحقيقات جنائية بشبهة ارتكاب جرائم حرب.
ووضع ناشطون في عشرات المنظمات الداعمة للفلسطينيين، في أوروبا خصوصا، قوائم سوداء منتشرة في أنحاء العالم وتشمل تفاصيل وصور ومقاطع فيديو لجنود وضباط إسرائيليين الذين التقطوها وسجلوها بأنفسهم ونشروها الشبكات الاجتماعية.
ويتابع الناشطون حسابات الجنود والضباط الإسرائيليين في الشبكات الاجتماعية بهدف رصدهم خلال زيارات لدول في أنحاء العالم، بهدف تقديم دعاوى ضدهم إلى السلطات القضائية المحلية في الدولة التي يزورونها، والمطالبة باعتقالهم أو التحقيق معهم ومنع مغادرتهم لتلك الدولة، بحسب الصحيفة.
ويوعز الجيش الإسرائيلي لجنوده وضباطه قبل سفرهم بالامتناع عن نشر أماكن تواجدهم في العالم، كي لا يتعرضوا لدعاوى قضائية أو "مخاطر أمنية شخصية". وأفادت الصحيفة بأن الكثير من الجنود والضباط الإسرائيليين لم يزيلوا صورهم ومنشوراتهم من حساباتهم في الشبكات الاجتماعية، والتي عبروا فيها عن تفاخرهم بارتكاب جرائم في القطاع.
وحسب تقديرات النيابة العسكرية الإسرائيلية، فإن مكتب المدعي في المحكمة الجنائية الدولية لن يتعامل جنود أو ضباط برتب متدنية، بادعاء أنهم نفذوا الأوامر العسكرية التي تلقوها في ميدان المعركة، وبزعم أن إسرائيل تحقق ضد جنود وضباط ارتكبوا جرائم في القطاع، علما أن عقوبات كهذه تكاد تكون معدومة.
والتخوف الأكبر في الجيش الإسرائيلي هو أن تصدر المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال ضد ضباط كبار – مثل قادة فرق عسكرية، وقائد المنطقة الجنوبية للجيش الإسرائيلي، وقائد سلاح الجو وكذلك رئيس هيئة الأركان العامة.
وأضافت الصحيفة أن جهازي الأمن والقضاء في إسرائيل لم يرصدا حتى الآن مؤشرات على إصدار مذكرات اعتقال، بشكل سري أو معلن، ضد ضباط إسرائيليين كبار، "لكن هذا يعتبر تهديد كبير للغاية".
ونقلت الصحيفة عن مصادر في الجيش الإسرائيلي قولها إنه "لأي جندي وضابط كهذا، إذا اعتقل في خارج البلاد أو طولب بالمثول لتحقيق وحتى إذا شعر أنه مراقب أو يتم تصويره، ستقدم إسرائيل مساعدة قضائية فورية بواسطة السفارات المحلية أو من خلال غرفة مراقبة الوضع في وزارة الخارجية".
ويتوقع أن تتصاعد الخطوات القضائية ضد الجنود والضباط الإسرائيلية في العالم كلما تتراجع الحرب في قطاع غزة وتدخل إليه منظمات حقوق إنسان وصحافيين بشكل حر من أجل توثيق الجرائم الإسرائيلية.
وتستعد إسرائيل لوضع كهذا من خلال تشكيل طاقم عمل واسع بضم مندوبين عن عدة وزارات، بقيادة وزارتي القضاء والخارجية ودائرة القانون الدولي في النيابة العامة والنيابة العسكرية والموساد والشاباك، ويصدر الطاقم تقييمات للوضع حول مستوى مخاطر والدول التي قد يعتقل فيها جنود وضباط.
وفي موازاة ذلك، استأجرت إسرائيل خدمات محامين محليين في عشرات الدول بهدف متابعة تعديلات قانونية وقرارات محاكم في هذه الدول متعلقة بإسرائيل وقوانين الحرب المحلية، وكي يرصدوا أيضا أنشطة محلية ضد جنود وضباط إسرائيليين وتمثيلهم أمام المحاكم المحلية.
ونشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا، أمس، تضمن 11 توثيقا على الأقل لجنود إسرائيليين التقطوا صورا وسجلوا مقاطع فيديو لأنفسهم أثناء ارتكابهم جرائم في قطاع غزة، مثل تفجير وهدم مباني وتهجير فلسطينيين من مناطق سكنهم ومباني تشتعل فيها النيران واعتقال فلسطينيين، وأخرى لجنود يعلنون أن مهمتهم في قطاع غزة هي "الاحتلال وطرد السكان والاستيطان".
وأشار تقرير الصحيفة الأميركية إلى أن "خبراء قانون الذين اطلعوا على مقاطع الفيديو قالوا إنه في الحالات الأكثر خطورة يوثق الجنود عمليا أدلة على انتهاكات محتملة للقانون الإنساني الدولي".