تشكك منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التابعة للأمم المتحدة في أن نظام بشار الأسد لم يقدم الصورة الكاملة لمخزون هذه الأسلحة في سورية، خلال التحقيقات التي أجريت منذ العام 2013.
وأعرب المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، فرناندو أرياس، في 25 تشرين الثاني/نوفمبر، عن "قلقه الشديد" بشأن مخزونات سورية المحتملة، وقال إن هناك "كميات كبيرة من عناصر أسلحة كيميائية أو ذخائر كيميائية قد تكون غير معلنة أو لم يتم التحقق منها".
ومنذ العام 2014، طرحت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية 26 مسألة منفصلة بشأن المخزونات المحتملة في سورية، ولم يتم حل سوى سبع منها.
وقال أرياس للمندوبين في الاجتماع السنوي للمنظمة إنه "على الرغم من العمل المكثّف منذ أكثر من عقد، ما زال من غير الممكن إغلاق ملف الأسلحة الكيميائية في الجمهورية العربية السورية".
وأعلنت المنظمة، أمس، أنها اتصلت بالسلطات السورية للتأكيد على "الأهمية القصوى" لتأمين الأسلحة.
وكان نظام الأسد قد وافق في أعقاب ضغط روسي وأميركي، في أيلول/سبتمبر 2013، على الانضمام إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والكشف عن مخزونه وتسليمه لتجنب شن الولايات المتحدة وحلفائها ضربات جوية.
وجاء ذلك بعد أن شن النظام هجوما كيميائيا في الغوطة في ضواحي دمشق، وأسفر عن سقوط أكثر من ألف قتيل، وشكل تجاوزا "للخط الأحمر" الذي حدده الرئيس الأميركي آنذاك، باراك أوباما.
وفي كانون الثاني/يناير 2016، أعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية عن الإزالة الكاملة لـ1300 طن من الأسلحة الكيميائية من سورية وتلفها، بعدما صرحت عنها السلطات. لكن المنظمة تشتبه في أن إعلان سورية الأولي، عام 2013، كان مليئا بـ"الثغرات والتناقضات".
وقال الباحث في المعهد الملكي البريطاني للخدمات المتحدة، ليني فيليبس، إنه "أرى أنه من الواضح أن التصريح لم يكن كاملا على الإطلاق وأنهم يمتلكون أسلحة كيميائية لا تزال مخزنة في مكان ما".
في العام 2021، حرم أعضاء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية سورية من حقوق التصويت بعد تحقيق ألقى اللوم على دمشق في هجمات بالغاز السام نفّذت بعدما قالت إن مخزونها لم يعد موجودا.
وتوصلت المنظمة التابعة للأمم المتحدة إلى أن القوات الجوية السورية استخدمت غاز السارين وغاز الكلور في ثلاث هجمات على قرية اللطامنة في العام 2017.
وتصاعدت الضغوط عندما خلص تحقيق ثان أجرته المنظمة إلى أن مروحية سورية ألقت قنبلة كلور على مدينة سراقب، أثناء سيطرة فصائل معارضة عليها، في العام 2018.
وامتنع النظام عن الالتزام بمهلة التسعين يوما للتصريح عن الأسلحة المستخدمة في الهجمات، والكشف عن مخزوناته المتبقية، والامتثال لعمليات التفتيش التي تقوم بها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
في العام 2014، أنشأت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ما أسمته "بعثة لتقصي الحقائق" بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية.
وأصدرت البعثة 21 تقريرا غطت 74 حالة استخدام محتمل للأسلحة الكيميائية، وخلص المحققون إلى أن الأسلحة الكيميائية استخدمت أو من المرجح أنها استخدمت في 20 حالة.
وفي 14 من تلك الحالات، كانت المادة الكيميائية المستخدمة هي الكلور. وفي ثلاث حالات أخرى، استُخدم غاز السارين، وفي الحالات الثلاث المتبقية استُخدم غاز الخردل.
أنشأت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أيضا بعثة ثانية باسم "فريق التحقيق وتحديد الهوية"، من أجل تحديد المسؤولية عن استخدام الأسلحة الكيميائية. وباستخدام التحليل الجنائي ومقابلات مع شهود واختبارات طبية على الضحايا، خلص الفريق إلى أن جيش النظام السوري كان وراء ثلاث هجمات.
وبالإضافة إلى هجوم اللطامنة عام 2017 والهجوم على سراقب عام 2018، اتهم الفريق قوات النظام أيضا بشن هجوم بغاز الكلور على مدينة دوما أثناء سيطرة فصائل معارضة عليها في العام 2018، ما أسفر عن مقتل 43 شخصا.
وخلص "فريق التحقيق وتحديد الهوية" الدولي إلى أن تنظيم "داعش" نفذ هجوما بأسلحة كيميائية، في أيلول/سبتمبر 2015، في مدينة مارع السورية.
وقال مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية إن الجيش الأميركي لديه "معلومات دقيقة" في ما يتعلق بمواقع الأسلحة، وأنه "نبذل كل ما في وسعنا لضمان أن هذه المواد إما غير متاحة لأي طرف أو يتم الاشراف عيها".
من جهتها، أعلنت "هيئة تحرير الشام" التي قادت تحالف الفصائل الذي أطاح بالأسد أن "ليس لديها أي نية أو رغبة" في استخدام الأسلحة الكيميائية.
وقال فيليبس من المعهد الملكي للخدمات المتحدة إنه "أظن أنهم يريدون نوعا ما من التدخل الخارجي لمساعدتهم إما على إزالة تلك الأسلحة الكيميائية أو تدميرها".