تحوّل مطار المزة العسكري، الذي كان يُعتبر أحد أبرز رموز القبضة الأمنية لنظام بشار الأسد، إلى مشهد للدمار والفوضى عقب انسحاب قوات النظام منه وسيطرة فصائل مسلحة على المكان.

تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"

ووسط حطام الطائرات والذخائر المحترقة نتيجة الهجمات الإسرائيلية، أعاد معتقلون سابقون استرجاع ذكريات المعاناة في هذا الموقع الذي كان يضمّ سجنًا سيئ السمعة تابعًا لفرع الاستخبارات الجوية.

وأدى انسحاب قوات بشار الأسد من مطار المزة العسكري عند مشارف العاصمة دمشق إلى سلسلة من الغارات الإسرائيلية بزعم منع وصول فصائل المعارضة المسلحة إلى ترسانة الأسلحة السورية.

وسمح ذلك أيضا لمعتقل سوري سابق باستعادة ذكرى المعاناة التي تكبدها على يد قوات رئيس النظام المخلوع، بشار الأسد، الذي سقط حكمه بفراره إلى روسيا، الأحد الماضي.

جدران معتقل فرع الاستخبارات الجوية في المزة (Getty images)

وأمس الأربعاء، راح عدد من شبان الفصائل المسلحة يجولون في أرجاء المزة مطلقين النار في الجو من حين إلى آخر من مضادات طيران سوفياتية الصنع قديمة.

في حين ينتشر حطام طائرات مقاتلة ومروحيات على مدرج المطار العسكري وقد دمرت بعضها غارة إسرائيلية إلا أن المكاتب وورشات التدريب اقتحمها المواطنون.

وأخرجت كومة من المخدرات يبدو أنها أقراص "كبتاغون" من مبنى تابع للقوات الجوية وأتلفت حرقا.

لم تكن المزة قاعدة عسكرية للمقاتلات والمروحيات الهجومية فحسب بل أيضا سجنا يديره فرع الاستخبارات في القوات الجوية.

وراح رياض حلاق البالغ 40 عاما والأب لثلاثة أبناء، يفتش بين أنقاض قاعة مؤتمرات ضمت في فترة من الفترة 225 معتقلا.

جدران معتقل فرع الاستخبارات الجوية في المزة (Getty images)

وفي بدايات الثورة السورية، اعتقل حلاق في مطلع العام 2012 خلال مشاركته في تشييع محتجين قتلوا برصاص القوى الأمنية.

وقد أوثق هذا الخياط وضرب واحتجز مدة شهر في غرفة تدريب للطيارين قبل أن ينقل إلى منشأة أخرى اعتقل فيها لشهرين و13 يوما إضافيا.

وعندما سمع المقاتلون عند المدخل قصته، سمحوا له بالعودة إلى مسرح معاناته ليحصل على أدلة يأمل في أن تساعد عائلات أخرى في إيجاد أحباء مفقودين.

وهنا، صورة الأسد مرمية على الأرض إلى جانب شعار فرع الاستخبارات في القوات الجوية، ولفة أسلاك شائكة بين منضدات كان يجلس عليها التلاميذ الطيارون لتلقي تدريبهم.

ويروي حلاق كيف أنه لم يكن يُسمح له بالخروج من القاعة خلال شهر كامل إلا مرتين في اليوم لاستخدام المرحاض في مجموعة من ثلاثة معتقلين كانوا ينامون متلاصقين على الأرض الخرسانية الباردة.

جدران معتقل فرع الاستخبارات الجوية في المزة (Getty images)

وفي أحد الأيام، سمع دوي انفجار في الخارج، ففرح مع المعتقلين الآخرين أملا في أن تكون الفصائل المسلحة تقتحم المطار إلا ان ضابطا رفيع المستوى سخر منهم وكذلك فعل جنود استرسلوا بالضحك.

وقال حلاق "لو كان أحد منا يشتكي من الظروف يقول الضابط لنا إننا نتلقى معاملة خمس نجوم مهددا بنقلنا إلى مكان آخر".

وأنجب حلاق مع زوجته ثلاثة أطفال وبات بإمكان العائلة الآن أن تأمل بالعيش بحرية أكبر في سورية التي تخلصت من حكم عائلة الأسد الذي استمر لنصف قرن.

وفيما كان يفتش عن ملفات آملا بأن تساعده في إلقاء الضوء على معاناته ومصير أصدقاء مفقودين، واجه صعوبة على غرار كثيرين في سورية في التعبير عن مشاعره.

ويقول: "من الصعب التفسير. لا أجد كلمات لأوصف ذلك. لا يسعني الكلام".