قال قائد العمليات العسكرية في سورية أحمد الشرع، المعروف بأبي محمد الجولاني، زعيم "هيئة تحرير الشام"، إن الحجج الإسرائيلية التي كانت تبرر تدخلها في سورية باتت واهية، مشددا على أن إسرائيل تجاوزت خطوط الاشتباك مما يهدد بتصعيد غير مبرر في المنطقة.
تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"
وأوضح الجولاني في مقابلة مع "تلفزيون سوريا"، اليوم السبت، أن إسرائيل كانت تتحجج بالوجود الإيراني لدخول سورية، مشيرًا إلى أن هذه الحجج لم تعد موجودة، وقال: "إسرائيل كانت تنوي دخول سوريا بذريعة التواجد الإيراني وحجتها انتهت الآن".
وأكد الجولاني أن السلطات الجديدة ليست بصدد الدخول في أي حروب في ظل الأوضاع المنهكة التي تعيشها سورية، مشددًا على أهمية مخاطبة المجتمع الدولي في هذا السياق. وأضاف: "لا حجج لأي تدخل خارجي الآن في سورية بعد خروج الإيرانيين".
وفيما أكد أن الحجج الإسرائيلية لا تبرر تجاوزاتها الأخيرة، قال الشرع "بعد سنوات من الحرب والصراعات لا يسمح الوضع بالدخول في أي صراعات جديدة". وشدد على أن الأولوية في هذه المرحلة هي إعادة البناء والاستقرار، وليس الانجرار إلى نزاعات.
ودعا الشرع المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل وتحمل مسؤولياته تجاه هذا التصعيد، مشددًا على أهمية ضبط الأوضاع في المنطقة واحترام السيادة السورية. وأكد أن الحلول الدبلوماسية هي الطريق الوحيد لضمان الأمن والاستقرار، بعيدًا عن أي مغامرات عسكرية غير محسوبة.
إسقاط النظام... نتاج مشترك للسوريين
وفي سياق آخر، قال إن الجهود المبذولة للإطاحة بالنظام السابق لم تكن فردية، بل كانت نتاجًا مشتركًا للسوريين جميعًا. وقال: "نحن أدوات سخرها الله لتحقيق النصر على النظام البائد، ولكن الجهد هو جهد كل السوريين".
وأشار الجولاني إلى أن المعارضة تمكنت من السيطرة على مدن كبيرة في سورية دون أن تشهد تلك المناطق موجات نزوح، موضحًا: "هناك كواليس كثيرة في المعركة سنكشف عنها لاحقًا... ما حصل ليس صدفة بل حضرنا له لسنوات". وأضاف "لدينا خطط لعلاج كل أزمات سورية ونحن في مرحلة جمع المعلومات... ولدينا خطط جاهزة للبناء والتطوير في سورية".
إنجاز عسكري سريع بعد تخطيط طويل
وأوضح الجولاني أن إسقاط النظام السوري تم خلال 11 يومًا فقط، بعد سنوات طويلة من التخطيط والإعداد. ووصف هذا الإنجاز بأنه دليل على حجم الجهد والتنسيق الذي رافق العمليات العسكرية. ورغم ذلك، أشار إلى أن الثورة السورية واجهت تحديات معقدة، أبرزها النزاعات الداخلية والتدخلات الدولية، التي حالت دون التوصل إلى حلول سياسية شاملة.
التوسع الإيراني: خطر انتهى
وفيما يتعلق بالدور الإيراني، أكد الجولاني أن التوسع الإيراني في سورية والمنطقة كان أحد أبرز المخاطر التي واجهت البلاد، لكنه شدد على أن هذا الوجود قد انتهى. وقال: "تمكنا من إنهاء الوجود الإيراني في سورية، ولكننا لا نكن العداوة للشعب الإيراني، فمشكلتنا كانت مع السياسات التي أضرت ببلدنا".
انتقادات للنظام السابق وإعادة بناء الدولة
وانتقد الجولاني النظام السوري السابق، واصفًا إياه بأنه لم يكن سوى "مزرعة لتحقيق المصالح الشخصية". وأشار إلى أن بشار الأسد أمر بطباعة العملة دون غطاء مالي، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية وزيادة معاناة الشعب السوري.
وشدد الجولاني على أن المرحلة القادمة تركز على بناء دولة حديثة تقوم على القانون والمؤسسات، كما أكد على ضرورة نقل العقلية من العمل الثوري إلى بناء الدولة، معتبرا أن مستقبل سورية يعتمد على إرساء أسس الحوكمة والعدالة.
وأشار الجولاني إلى أهمية إدارة العلاقات الدولية بحذر، بما في ذلك مع روسيا، التي أكد أنها بحاجة إلى إعادة تقييم سياساتها تجاه سورية. وأضاف أن المرحلة الحالية تتطلب تحقيق التوازن بين المصالح الوطنية والعلاقات الخارجية لتحقيق الاستقرار والتنمية في البلاد.
وختم الجولاني حديثه بالتأكيد على أن مستقبل سورية يعتمد على الابتعاد عن أخطاء الماضي، وإرساء أسس الحوكمة والعدالة بما يضمن حقوق جميع السوريين، مع العمل على تجاوز المآسي التي خلفتها الحرب الطويلة.