وصف المحامي والباحث القانوني، علاء محاجنة، تصديق الهيئة العامة للكنيست بالقراءتين الثانية والثالثة على مشروع قانون يمنع تمويل الحكومة الإسرائيلية للدفاع العام في وزارة القضاء الإسرائيلية لدى تمثيل أسرى فلسطينيين اعتقلوا في أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 أو الحرب على قطاع غزة، وخصمها من مستحقات المقاصة للسلطة الفلسطينية بأنها "عملية غير شرعية أو بلسان آخر قرصنة أموال دافع الضرائب الفلسطيني، وهي إجراء سياسي محض لا علاقة له بالجانب القانوني".

تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"... سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات

وعن قانونية هذا القرار من الناحية الدستورية، قال الحقوقي محاجنة لـ"عرب 48" إنه "لفهم هذا القانون وتأثيره الفعلي أو المقصد من تشريعه علينا فهم الواقع، نحن نتحدث عن قانون يستهدف من ليس لديهم إقامة أو مواطنة إسرائيلية، وواقع الحال أن الأسرى الفلسطينيين عادة يدافع عنهم محامون من قبل هيئة الدفاع عن الأسرى، أو محامون يتم توكيلهم بشكل خاص من الأسرى أو عائلاتهم".

وأوضح أنه "لا أذكر حالة يواجه فيها فلسطيني تهما أمنية بدون أن يرافع عنه محام، سواء من هيئة الدفاع عن الأسرى أو محام خاص، لذا فإنه من الواضح أن من وراء هذا القانون أجندة سياسية، هذا بغض الطرف عن تعاملهم الفض مع أموال المقاصة الفلسطينية وكأنها أموالهم، وفي هذا السياق سبق وأصدر القاضي السابق، موشيه دروري، قرارا بإمكانية خصم مبالغ من المقاصة الفلسطينية للعائلات الإسرائيلية المتضررة من عمليات المقاومة الفلسطينية في حال صدور قرار حكم بتعويض المتضررين من أي محكمة، وهي محاولة واضحة لتقويض السلطة الفلسطينية ماليا والسيطرة عليها".

وأكد أن "الإسرائيليون يعون مدى ارتباط السلطة بأموال المقاصة التي تمر من خلال إسرائيل بناء على الاتفاق منذ العام 2008، وإسرائيل تتعامل مع هذه الأموال وكأنه يمكنها فعل أي شيء بهذه الأموال، وهذا ما يأتي هذا القانون لفعله، وهو الحصول على أموال أتعاب المحامين، بشكل مناف للقانون".

علاء محاجنة

"عرب 48": قرار غير قانوني، ولكنه مُشرّع من قبل الكنيست؟

محاجنة: غير قانوني لأن تعيين محام للدفاع عن شخص في مسار جنائي هو إجراء قانوني إسرائيلي لإظهار وجود مسار قضائي إسرائيلي "عادل"، ولا يمكن فعل ذلك من خلال الاعتماد على أموال دافع الضرائب الفلسطيني، فهي ليست أموال إسرائيلية، ثم إنه من غير الممكن قانونيا أن تربط بين شخص فعل مخالفة ما داخل الأراضي الإسرائيلية وبين السلطة الفلسطينية، فلا يمكن إثبات علاقة كهذه، فالدفاع العام هو مسؤولية الدولة التي ترى بنفسها نظاما قضائيا نزيها وعادلا، ولا يمكن إدارة ملف جنائي في إسرائيل بدون تمثيل محام، إلا إذا تنازل الشخص عن حقه بعد أن أوضح له الأمر مرارا، وحتى في هذه الحالة أحيانا يعيّن له محام على الرغم من تنازل الشخص عن تمثيله قضائيا، وهذا ليس من أجل المتهم وإنما من أجل سلامة النظام القضائي وكي يعتبر الجهاز أنه ينفذ واجباته بنزاهة ومنها أن يمثل المتهم من قبل محام، فالنظام مجبر على ذلك، ثم يكون هذا التناقض أن الدولة تريد أن تحافظ على نظام قضائها ولا تريد تحمل تكلفة هذا النظام.

"عرب 48": هل يمكن محاكمة أسرى وفقا للقانون الإسرائيلي، ألا يجدر أن يعامل هؤلاء كأسرى حرب أو كما تنص عليه القوانين الدولية باعتبار غزة منطقة غير مسيطر عليها من قبل إسرائيل أو في حالة الأراضي المحتلة؟

محاجنة: هناك أمران مختلفان، في كل الدول في العالم في حال وقع فعل جنائي على أراضيها يمكنها محاكمة الشخص وفقا لقوانينها، مثلا فلسطيني ينفذ جناية في تل أبيب يمكن للدولة محاكمته وفقا لقوانينها، وفقا للرابط السيادي لها. ولكن فيما يتعلق بمن تعتقلهم إسرائيل من غزة أو الضفة فهي عملية اختطاف أناس، وتحضرهم إلى إسرائيل وتحاول إلزام السلطة الفلسطينية دفع أجرة محامين عنهم، وهذا بحد ذاته غير شرعي وغبن مزدوج، أولا عدم شرعية اختطاف هؤلاء على الرغم من أنهم لم يرتكبوا مخالفات على أراض إسرائيلية، ثانيا محاولة قرصنة أموال السلطة الفلسطينية في عملية الدفاع عنهم، فهؤلاء ينبغي أن يعاملوا كأسرى حرب وفقا لكافة القوانين الدولية، أما في إسرائيل فالتعامل يتم من خلال ما يعرف بقانون "مقاتلين غير قانونيين"، والقضاة يتعاملون مع القانون على أن هناك صلاحية لمحاكمة هؤلاء وهذا موضوع آخر. ولكن كما قلنا في البداية إن إسرائيل تتعامل مع أموال المقاصة الفلسطينية وكأنها منة منها تعطيها للسلطة الفلسطينية وتتعامل مع هذه الأموال كما تشاء، وهذا غير منطقي، فإسرائيل هي خصم للسلطة ولا يعقل أن يمنح الخصم حق التحكم بأموال السلطة، والهدف واضح وهو تقويض السلطة الفلسطينية.

"عرب 48": ربما يكون هذا هو المقصود فعليا خاصة وأنه هدف معلن لمن بادر للقانون وحزبه؟

محاجنة: نعم، عضو الكنيست سيمحا روتمان، من حزب "الصهيونية الدينية" يتصرف بطريقة القرصنة، إذا كانت إسرائيل تعتبر أن لديها جهازا قضائيا يعمل وفق معيار نزيه فعليها تحمل هذه الأعباء وليس وضع اليد على أموال دافع الضرائب الفلسطيني لأنها سرقة. الدولة عليها أن تقرر إما أنها لا تريد تمثيلا قانونيا وعندها سينظر للجهاز القضائي في إسرائيل بأنه لا يمنح حق التمثيل القانوني، ولكنها تريد أن يتم التعامل معها على نحو ينظر إليها كمن يمنح حق تمثيل محام لمتهم بنزاهة أمام المحكمة، ومن جهة ثانية من يتحمل تكاليف ذلك دافع الضرائب الفلسطيني.

اقرأ/ي أيضًا | الكنيست يصادق على خصم أتعاب محامي الدفاع عن الأسرى الفلسطينيين من مستحقات المقاصة