أشار محللون عسكريون في الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم، الجمعة، إلى أن الغارات الإسرائيلية الشديدة التي استهدفت اليمن لن تردع الحوثيين من الاستمرار في إطلاق صواريخ باليستية باتجاه إسرائيل، وأن الأفكار المطروحة في إسرائيل الآن، وبينها مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، قد لا تحقق النتائج التي تريدها إسرائيل التي ترفض وقف الحرب على غزة.
وحسب المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشواع، فإن إسرائيل تسعى إلى فرض حصار بحري وجوي على اليمن، "للقضاء على محور التهريب الإيراني"، لكنه أشار إلى أنه لا تزال لدى الحوثيين قدرات لإنتاج صواريخ وطائرات مسيرة، "وعلى الجمهور أن يدرك أن بمقدورهم الاستمرار بإطلاق الصواريخ يوميا، والتقديرات هي أن هذا ما سيفعلونه".
وأضاف أنه "في الجيش الإسرائيلي ينظرون بعين الرضا إلى الهجوم (في اليمن) الذي شكل مثالا حيا على قدرات سلاح الجو في أماكن بعيدة"، وأن أقوال قائد سلاح الجو، تومِر بار، بأنه "قادرون على أكثر من ذلك بكثير" هي تلميح لهجوم إسرائيلي ضد إيران.
وتابع يهوشواع أنه بعد تصريح وزير الأمن، يسرائيل كاتس، أنه "سنصطاد جميع قادة الحوثيين"، لا تزال هناك "مشكلة صغيرة توصف بالقدرة العملياتية. ففي غزة، التي تبعد ساعتين سفر تقريبا من مكتب الوزير في تل أبيب، استغرق وقتا طويلا إلى حين رصد مكان قيادة حماس. وفي لبنان، جرى جمع معلومات استخباراتية بصورة منهجية من أجل القضاء على قيادة حزب الله. وتصفية زعماء إرهابيين مدربين يختبئون في دولة بعيدة وتسودها فوضى ليست كنزهة في متنزه".
من جانبه، لفت المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، إلى أن إطلاق الحوثيين صواريخ وفّر تذكيرا بأن الحرب لا تزال بعيدة عن نهايتها، وأن "إسرائيل تجد نفسها داخل حرب استنزاف جديدة، تُدار من اليمن هذه المرة، وعلى ما يبدو من إيران بصورة غير مباشرة".
وبحسبه، فإنه ليس واضحا للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية إلى أي مدى عمليات الحوثيين مستقلة وما مدى التشجيع الذي يحصلون عليه من إيران، بعد أن بقي الحوثيون "جبهة التهديد المركزية على وسط إسرائيل، وبمجهود يراوح الصفر بالنسبة لهم".
وأضاف هرئيل أنه "يكفي إطلاق صاروخ واحد كل يومين بالمعدل، كي يبقى الحوثيون في الوعي أنهم آخر من يتحملون عبء الكفاح ضد إسرائيل، بينما من أجل الرد عليهم مطالبة إسرائيل ببذل جهود هائلة، على شكل هجوم لطائرات مقاتلة في مسافة 1800 كيلومتر، والذي يتوجب تخطيط واستثمار موارد كثيرة".
وتابع أنه "في إسرائيل يدركون أن ما تم تنفيذه ليس كافيا من أجل إنهاء تبادل الضربات، والمؤسسة الأمنية تأمل بأنه سيكون بالإمكان تكثيف التنسيق الأمني مع الأميركيين والبريطانيين من أجل زيادة الضغط على الحوثيين. وثمة شك كبير إذا كان اتجاه العمل هذا سينجح".
ولفت هرئيل إلى أنه "التناقض هو أنه بالرغم من الضرر الذي تلحقه إسرائيل كبير للغاية، إلا أنها لا تجد الطريق من أجل ردع الحوثيين، الذين واجهوا بنجاح الحكومة المحلية والسعودية والإمارات. ويصعب تهديد نظام بإعادته إلى العصر الحجري بينما هو موجود فيه تقريبا، باستثناء قدراته التكنولوجية في القتال".
وفيما أوصى رئيس الموساد، دافيد برنياع، أمام رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بالرد على صواريخ الحوثيين بواسطة هجوم في إيران، شدد هرئيل على أنه "عدا مصدر الإزعاج الحوثي، الذي ثمة شك إذا كان قابلا للحل الآن بدون صفقة مخطوفين ووقف القتال في غزة، تختبئ مسألة إستراتيجية أكبر، تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني وسبل مواجهته فيما النظام في طهران أقرب مما مضى لتحقيق قدرة نووية كاملة".
واعتبر هرئيل أن "المتغير المركزي في المعادلة، إلى جانب موقع الضعف النادر الذي وصلت إيران إليه، يتعلق بالسياسة الأميركية. وسيتعين على الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، أن يقرر إذا كان سيتجه إلى اتفاق نووي جديد، أم أنه سيدعم هجوما إسرائيليا يستهدف لأول مرة المنشآت النووية نفسها".
وأضاف أن "التعهد يمنع إيران نووية هو مبدأ إستراتيجي أساسي لنتنياهو منذ عقدين على الأقل. ولذلك فإن إمكانية هجوم إسرائيلي يركز هذه المرة على إبعاد إيران عن قدرة نووية، سيخيم على الشرق الأوسط في الأشهر الأولى من ولاية ترامب الثانية. وبالإمكان الاعتقاد أن محادثات مكثفة حول هذا الموضوع جارية بين ترامب والحكومة الإسرائيلية".