قال الناشط السوري، عمر الشغري، إن الألم الجسدي "لم يكن السلاح الوحيد" الذي استخدمه النظام، وإن معتقلين أجبروا على تعذيب أو قتل بعضهم بعضاً، أو اختيار من سيموت في اليوم التالي.

تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"... سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات

ومنذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ ديسمبر الفائت، تتكشف الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان في نظام البعث في سورية، يوماً بعد يوم أمام العالم.

ويكشف التعذيب المنهجي، والمقابر الجماعية، وعقود من القمع، عن الانتهاكات الكبيرة لنظام الأسد.

وكما هو الحال لدى انهيار الديكتاتوريات على مرّ التاريخ، يتقدم الناجون والشهود واحداً تلو الآخر لوصف الفظائع التي عاشوها.

الشغري، المعتقل السابق والناشط في مجال حقوق الإنسان، هو واحد من القلائل المحظوظين الذين استطاعوا الخروج أحياء من السجون الوحشية لنظام الأسد.

في عام 2015، نجحت محاولة تهريب الشغري من السجن، وانتقل إلى أوروبا لاجئا، ليستقر في السويد، ويعمل شاهداً رئيسياً في القضايا المرفوعة ضد المسؤولين عن الجرائم في سورية.

ويشارك منذ سنوات في إلقاء كلمات ومداخلات في منصات مثل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وكلية الحقوق بجامعة هارفارد الأمريكية.

العالم يعلم بفظائع سورية

في حديث للأناضول، قال الشغري: "العالم كان على علم بالفظائع" في سورية، مشيراً إلى "وثائق قيصر" التي تحتوي على آلاف الصور الفوتوغرافية، التي توثق تعذيب المعتقلين في سورية وإعدامهم منذ عام 2011.

ولفت إلى وجود 53 ألف صورة توثق التعذيب، وأن هذه الصور تظهر العديد من أساليب التعذيب، من قلع الأظافر، إلى قلع العيون، وحتى الموت.

و"قيصر" هو لقب أطلق على موظف منشق عن النظام السوري، نشر صوراً لنحو 11 ألف جثة لأشخاص قُتلوا تحت التعذيب في الفترة بين أيار/ مايو 2011 وآب/ أغسطس 2013. وقد كشفت الصور عن أساليب التعذيب التي تعرض لها المعتقلون في معتقلات النظام.

وأكد الشغري أن الألم الجسدي "لم يكن السلاح الوحيد" الذي استخدمه النظام، وأن المعتقلين أجبروا على تعذيب بعضهم بعضاً، أو قتل بعضهم بعضاً، أو اختيار من سيموت في اليوم التالي.

تحقيق الحلم

وفي حديثه عن مقاطع الفيديو التي تظهر لحظات إطلاق سراح المعتقلين السوريين بعد انهيار نظام الأسد، قال الشغري: "كنت أحلم بهذه اللحظة منذ 9 سنوات".

وأضاف: "كانت هذه لحظة فرح وسعادة غامرة، وشخصياً لم أشعر بمثلها حين أُطلق سراحي".

وأردف: "لكن اليوم، خرج الشعب المحرر إلى الشوارع واحتفلوا، رافعين أيديهم. وهذا يعني الحرية، والشرف، والديمقراطية".

توثيق الفظائع

وأشار الناشط السوري إلى أهمية توثيق الجرائم التي ارتكبها نظام الأسد، وأنه من المهم تدوين تجارب السوريين في التاريخ، حتى لا تتكرر مثل هذه الفظائع مرة أخرى.

ولفت إلى أن النظام السوري السابق شكل تحالفات مع أنظمة دكتاتورية في عدة دول، وهو ما "عزز قبضته على السلطة".

وقال: "النظام أراد لنا أن نشعر بأنه لن يسقط أبداً. لكنني كنت أؤمن دائماً أن النظام سيسقط، ولهذا واصلت العمل ورفعت صوتي، تماماً مثل ملايين السوريين".

وأوضح أن انهيار نظام الأسد كان لحظة الحقيقة والعدالة لمن تعرضوا للتعذيب، ومن فقدوا أحباءهم، ولم يبق لهم أمل في العيش.

وأضاف: "أتمنى ألا يجعلنا التاريخ نعيش هذه اللحظة أبداً مرة أخرى. لا نريد ديكتاتوراً في سورية مرة أخرى".

أزمة الهوية والعودة

وأعرب الشغري عن تفاؤله بمستقبل سورية بعد انهيار نظام الأسد، وقال إنه متفائل "رغم صعوبة تحقيق الاستقرار في المرحلة الجديدة".

وشدد على أن إعادة بناء البلاد واستقرارها يحتاج إلى الوقت والجهد، وأنه يؤمن بأن السوريين سيعملون بإصرار من أجل الحرية والكرامة.

وأكد أنه على الرغم من رغبة بعض السوريين في العودة، إلا أن عملية اتخاذ القرار معقدة، لا سيما للذين قضوا معظم حياتهم في أوروبا.

ومستشهدا بإخوته الأصغر سناً، الذين نشأوا في السويد، قال: "ستكون هذه مشكلة هوية لهم. إنهم يشعرون بالارتباط بالسويد حيث لديهم أصدقاء وحياة".

وفي 8 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بسطت فصائل سورية سيطرتها على دمشق، عقب السيطرة على مدن أخرى، لينتهي بذلك 61 عاماً من نظام حزب البعث الدموي، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.

وفي اليوم التالي، أعلن قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، تكليف محمد البشير، رئيس الحكومة التي كانت تدير منطقة إدلب (شمال)، منذ سنوات، بتشكيل حكومة سورية لإدارة المرحلة الانتقالية.