تزداد وتيرة هدم المنازل في منطقة وادي عارة، إذ بات المواطن يهدم منزله ذاتيًا، وذلك تجنبًا لدفع الغرامات المالية والتكاليف الباهظة التي يتكبدها المواطن، بحال هُدِم المنزل من قبل السلطات الإسرائيلية، والتي تتجاوز مبلغ 300 ألف شيكل، وقد تبلغ مليون شيكل.

تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"... سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات

وتشهد منطقة وادي عارة تراجعًا كبيرًا في بناء المنازل من قبل المواطنين وتحديدًا منذ العام 2017 وحتى يومنا هذا، بسبب قانون "كامينتس" الذي ضيّق الخناق على المواطنين العرب، إذ تراجعت نسبة البناء في وادي عارة 70% بسبب سياسات القانون العنصري، والذي يفرض غرامات مالية باهظة على المواطنين العرب، ويهدم منازلهم بذريعة البناء دون ترخيص.

ويهدد خطر الهدم أكثر من 260 منزلا ومنشأة ومبنى في منطقة وادي عارة، حيث تتوزع أوامر الهدم على البلدات العربية، أم الفحم وعارة وعرعرة وكفر قرع وقرى طلعة عارة، مصمص ومشيرفة والبياضة وسالم وزلفة.

جبارين: هدمت منزلي تجنبًا لدفع غرامة مالية باهظة

وفي سياق متصل، هدم المواطن محمد صادق جبارين، الأسبوع الماضي، منزله في حي عقادة بمدينة أم الفحم، إثر تلقيه إخطارًا من قبل السلطات الإسرائيلية، لهدم المنزل خلال 24 ساعة بحماية من قبل الشرطة وتهديده بفرض غرامة مالية وتكاليف الهدم، قد تبلغ نصف مليون شيكل، الأمر الذي أجبر جبارين على هدم منزله ذاتيًا تفاديًا لتسديد الغرامة الباهظة.

محمد صادق جبارين

وقال محمد صادق جبارين لـ"عرب 48" إنه "مع نهاية العام 2024، وفي اليوم الأخير من السنة، بدأت بهدم منزلي بشكل ذاتي في منطقة عقادة بأم الفحم، وأنهيت هدم المنزل في اليوم الأول من العام 2025، وذلك بسبب الإخطارات التي تلقيتها من قبل لجنة التنظيم والبناء اللوائية، والتي حذرتني بأنه سيُهْدَم المنزل خلال 24 ساعة، لذلك أجبرت على هدم المنزل ذاتيًا لتجنب الغرامات المالية الباهظة التي ستكون بحال هُدِم المنزل من قبل السلطات".

وأضاف أنه "قبل 3 سنوات اشتريت قطعة أرض في منطقة عقادة، وذلك بعد تأكدي من البلدية أن الأرض ستضم إلى منطقة البناء قريبًا الأمر الذي يمكنني من استصدار ترخيص، وبعد ذلك بدأنا ببناء المنزل في العام 2023، وبعد مدة من بداية البناء فوجئنا بتعليق أمر هدم على المنزل".

محاولات لمنع الهدم

أكد جبارين أنه "بعد تلقينا أوامر الهدم وكلنا محام وأيضًا توجهنا إلى البلدية، وخضنا كل المسارات والطرق لمحاولة منع الهدم، ولكن دون فائدة، فقد باتت كل محاولاتنا بالفشل، على الرغم من أنه كان بعض الأمل نوعًا ما لمنع الهدم، خاصة أن البلدية كانت تعمل على مخططات، ويوجد بالمنطقة المجاورة عدة منازل بعضها مأهول بالسكان، ولكن عندما تلقينا الإخطارات الأخيرة، وأن الشرطة ستهدم المنزل خلال ساعات، هدمنا المنزل لتجنب دفع الغرامة المالية الباهظة".

وعن الغرامة المالية، أوضح جبارين أن "خيار هدم المنزل ذاتيًا لم يكن ورادًا لدينا، خاصةً أنه كان مخططات وعملا في تلك المنطقة، ولكن تلقينا أوامر بأنه سيهدم المنزل خلال ساعات من قبل الشرطة، وبحال لم نهدم المنزل ذاتيًا سنجبر على دفع غرامة مالية تصل إلى نصف مليون شيكل، لذلك لم يكن أية خيار أمامنا سوى هدم المنزل تجنبًا للغرامة والخسارة التي ستضاعف على خسارة المنزل".

انعدام الدعم الشعبي

عن الدعم الشعبي، قال صاحب المنزل، إن "المجتمع بات مختلفا عن السابق، حيث إنني عندما كنت أهدم المنزل، لم يكن أية تضامن شعبي معي، وما كانت تعرف بالفزعة الفحماوية اختلفت عن السابق، إذ إنه كان تعاطفا شعبيا عند التهديد بالهدم، وكنا نرى نصب خيام الاعتصام، والمجتمع برمته يقف إلى جانب صاحب البيت المهدد بالهدم، ولكن اليوم بات الواقع مختلفا، ولم يحضر أي مسؤول أو قيادي أو بعض أهالي المدينة إلى مكان الهدم.. بت وحدي أواجه هذه المصيبة".

تراجع في البناء

وقال رئيس اللجنة الشعبية للدفاع عن الأرض والمسكن في وادي عارة، المهندس أحمد ملحم، لـ"عرب 48" إنه "خلال السنوات الأخيرة نلاحظ أنه يوجد تراجع كبير بالبناء في منطقة وادي عارة، حيث إن المواطنين باتوا يخشون بدء البناء، وذلك خوفًا من أوامر الهدم والغرامات المالية الباهظة، لذلك بات المواطن يتخوف من البناء".

أحمد ملحم

وأضاف ملحم أن "المعطيات التي تصدر عن السلطات الإسرائيلية، وتحديدًا المختصة في مجال البناء، تُظهر أن التراجع بالبناء في المجتمع العربي بدأ مع بداية العام 2017، وذلك بعد بدء تنفيذ قانون كامنيتس، الذي يفرض بصرامة كبيرة على المواطنين، حيث إن التراجع بالبناء بعد قانون كامينتس وصل إلى 70%، وهذا معطى مرتفع جدًا".

وعن الهدم الذاتي، قال ملحم إنه "على السلطات المحلية في كل بلدة أن تعلم بقضية الهدم الذاتي، ولكن للأسف الشديد السلطات المحلية العربية غير معنية بنشر المعلومات حول أوامر الهدم والهدم الذاتي، بالإضافة إلى إخطارات الهدم المنتشرة في البلدات العربية، بالتالي تكون المعلومات شبه معدومة عدا عن التقارير التي تنشر من قبل السلطات الإسرائيلية".

غرامات تتجاوز مليون شيكل

وعن الأسباب التي تؤدي إلى الهدم الذاتي لدى المواطنين، أوضح ملحم أن "عدة أسباب وأمور تؤدي إلى الهدم الذاتي لدى المواطنين، ومنها حالة اليأس التي تصيب المواطن، والشعور بأنه وحده يواجه المؤسسات كلها، وأيضًا فقدان الأمل بالتخطيط في المناطق لتجنب الهدم، على الرغم من أن معظم المناطق في البلدات العربية تحت نفوذها، لكنها دون تخطيط الأمر الذي يجعل المواطن وحيدًا أمام اللجان اللوائية للتنظيم والبناء والمؤسسات التي تستفرد بالمواطنين".

وأكد أن "الغرامات المالية الباهظة التي يجبر المواطن على تحملها بحال هُدِم المنزل أو المبنى أو حتى جدار، تبدأ من مبلغ 400 ألف شيكل، وتصل في بعض الأحيان إلى مليون شيكل وأكثر، لذلك المواطن يحاول تجنب ذلك، ويهدم ذاتيًا خوفًا من الغرامات المالية المرتفعة".

وختم ملحم حديثه بالقول إن "المواطن الذي يفكر بالبناء، ويرى الغرامات المالية الباهظة وأوامر الهدم يتراجع عن فكرة البناء، وهذا الأمر أدى إلى النسبة التي ذكرناها بالتراجع عن البناء وهي 70%، خوفًا من الغرامات والهدم والمعاناة التي يتكبدها المواطن وحده".

المواطن وحده يواجه مؤسسات هدم المنازل

قال المحامي توفيق سعيد جبارين، المختص في قضايا الأرض والمسكن، لـ"عرب 48" إن "أصحاب المنازل الذين يهدمون منازلهم باتوا وحدهم في مواجهة آلة الهدم المستشرية في المجتمع، حيث إن الأمر اختلف عن السابق، وبات أصحاب المنزل يواجهون أوامر الهدم وحدهم، دون وقوف السلطات المحلية إلى جانبهم في ظل هجمات الهدم المختلفة على المجتمع".

توفيق سعيد جبارين

وتطرق جبارين إلى الغرامات المالية، وقال إن "هناك البعض يهدمون منازلهم خوفًا من أن تُهْدَم من قبل السلطات التي تفرض عليهم غرامات مالية، بالإضافة إلى أجرة الآليات التي تهدم، والتي تصل إلى 600 - 700 ألف شيكل، وهذه غرامات باهظة تزيد العبء على العائلات، لذلك ارتفعت وتيرة الهدم الذاتي في البلدات العربية".

وعن مدى قدرة السلطات المحلية العربية حماية المنازل، أكد أن "السلطات المحلية تستطيع أن تحمي المنازل هذه عن طريق تقديم خرائط تفصيلية للمنطقة التي توجد فيها المنازل، ولكن يبقى السؤال مدى إقدام السلطات المحلية على تقديم خرائط تفصيلية لهذه المنازل التي يهددها الهدم، وليس مخططات هيكلية".

وعن ظاهرة الهدم الذاتي، قال جبارين إنه "خلال السنوات الأخيرة، وفي السابق أيضًا هُدمت منازل ذاتيا، قد تكون بوتيرة أقل، ولكن لم يكن يعلم بها المواطنون. الظاهرة موجودة منذ سنوات، وليست حديثة".

اقرأ/ي أيضًا | أم الفحم: مواطن يهدم منزله لتفادي الغرامة وهدمه من قبل السلطات الإسرائيلية