أصدرت لجنة "نغل" برئاسة يعقوب نغل تحذيرات جدية بشأن الأمن الإسرائيلي، موصية بتغيير الإستراتيجية من الاحتواء والدفاع إلى المبادرة والردع. بدأت اللجنة أعمالها في آب/ أغسطس من العام الماضي بهدف تطوير خطة إستراتيجية جديدة بعد الأحداث التي وقعت في السابع من أكتوبر، مع التركيز على ميزانية وزارة الأمن والآثار الاقتصادية المرتبطة بها.
تشير اللجنة إلى أن إيران تمثل التهديد الأكبر لوجود الدولة اليهودية، وتدعو إسرائيل للاستعداد لمواجهة هذا التحدي، حتى بغياب دعم خارجي. كما تسلط اللجنة الضوء على التغيرات الحاصلة في المنطقة العربية الإسلامية بعد انهيار النظام السوري، مدعوما من تركيا، مما ينذر بتهديدات جديدة على الحدود الإسرائيلية.
وفي ضوء ذلك، توصي اللجنة بتعزيز الهيمنة الإسرائيلية في الفضاء خلال السنوات الأربع المقبلة، بما في ذلك تزويد سلاح الجو بطائرات وقود لأداء مهام عسكرية بعيدة. كل هذا يتطلب تغيير مفهوم الأمن الإسرائيلي من الاحتواء والدفاع إلى المبادرة والردع، مما يحتم بناء قدرات رد فورية.
كما تؤكد اللجنة على أهمية بناء اقتصاد قوي يدعم الأمن الوطني، والتوازن بين احتياجات الدفاع والهجوم، مع زيادة حجم الجيش وتحسين ظروف الخدمة، مما يؤكد ضرورة تعزيز الجاهزية البشرية ومعالجة أزمة التجنيد في جميع شرائح المجتمع.
وفي السياق التكنولوجي، توصي اللجنة بتحسين السيادة والاستقلالية التسليحية، وتطوير القدرات الهجومية والدفاعية. كما تطالب بتغييرات تنظيمية في هيكلية الجيش لمواجهة التحديات المتطورة.
بدوره علق نتنياهو على توصيات اللجنة قائلاً إنه "أود أن أشكر الأعضاء في اللجنة على العمل الكبير والمهم للغاية لأمن إسرائيل. نحن في وضع يشهد تغييرا جذريا في الشرق الأوسط. لقد كنا نعلم لسنوات أن إيران تمثل التهديد الأكبر بالنسبة لنا، سواء بشكل مباشر أو من خلال وكلائها. بالطبع، ضربنا هذا المحور ضربات قوية، لكنه لا يزال قائما، بالإضافة إلى تدخل قوى أخرى في المنطقة. وعلينا أن نكون دائماً مستعدين لما هو قادم. نعم، العمل الذي قمتم به يعدنا لما هو قادم؛ دائرة قريبة، دائرة بعيدة، وكل ما هو في المنتصف. أيضاً، يعزز جاهزيتنا في تنويع الأسلحة، ويدفعنا لدراسة مسألة استقلالية تسليح إسرائيل، وتنظيمنا الداخلي، وموضوع البنية التحتية تحت الأرض. سنقوم بدراسة التوصيات كلها، وسنتخذ قرارات التنفيذ المناسبة."
خلاصة القول: إسرائيل قوية لأن عقولها تخطط وساستها ينفذون، وهذه هي الميزة الأبرز للدولة اليهودية العميقة. لجنة "نغل" طرحت توصيات في غاية الأهمية، منها تغيير الإستراتيجية الإسرائيلية والانتقال من سياسة الاحتواء والدفاع، التي ميزت مرحلة ما قبل السابع من أكتوبر، إلى إستراتيجية المبادرة والهجوم والحرب الاستباقية، مع الأخذ بعين الاعتبار ما حدث في سورية ودخول تركيا بمشروعها الواسع إلى المنطقة، مما يشكل خطرا محتملا على الدولة اليهودية في الأيام المقبلة. وقد أخذت هذه التوصيات بعين الاعتبار أنه في أوضاع معينة قد يتخلى عن إسرائيل حلفاؤها كما تخلت روسيا وإيران عن نظام بشار الأسد، وأميركا عن جنوب فيتنام، رغم أهميتها الإستراتيجية في شبه جزيرة الهند الصينية، المتاخمة لها من الشمال الصين، التي تتنافس اليوم مع أميركا على الهيمنة في العالم.
لهذا كله، أوصت لجنة "نغل" أيضا ببناء شبكة دفاعية عسكرية تحت الأرض على غرار الأنفاق، مستوحية أهميتها الدفاعية من تجربة الحروب في غزة وجنوبي لبنان. في السياق نفسه، أوصت اللجنة بضرورة الجاهزية القصوى للموارد البشرية، مع معالجة أزمة تجنيد جميع شرائح المجتمع، بما في ذلك "الحريديم"، حيث قال نغل "نحن في الدقيقة التسعين، قبل لحظة اللاعودة."