انتخب قائد الجيش اللبناني، جوزيف عون، رئيسا للجمهورية، اليوم الخميس، في جولة تصويت ثانية لمجلس النواب اللبناني، الأمر الذي أنهى شغورا في سدة الرئاسة استمر لأكثر من سنتين.

تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"

وحصل قائد الجيش على 99 صوتا من أصل 128، في جولة تصويت ثانية، بعد أن قرر حزب الله وحركة أمل، دعم انتخابه رئيسا للجمهورية، بعد أن أخفق المجلس في انتخابه في جولة أولى.

وقال رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، بعد انتهاء فرز الأصوات "تعلن الرئاسة (مجلس النواب) أن الرئيس هو جوزيف عون".

وكان بري قد علق جلسة البرلمان لمدة ساعتين، إثر جولة التصويت الأولى، حيث اجتمعت كتلتا "الوفاء للمقاومة" و"التنمية والتحرير"، بقائد الجيش بين جولتي الاقتراع، في مقر البرلمان.

وأكدت مصادر من حزب الله وحركة أمل أن أكثرية نواب الحزبين البالغ عددهم 30 صوتوا في الجولة الثانية لصالح عون، ما منحه الأكثرية المطلوبة للفوز.

وفي الجولة الأولى، حصل العماد جوزيف عون على 71 صوتًا، فيما بلغ عدد الأوراق البيضاء 37 ورقة، و16 صوتًا ذهبت لـ"السيادة والدستور"، بينما تم إلغاء 4 أوراق.

ويحتاج المرشح في الدورة الأولى إلى غالبية ثلثي الأصوات، أي 86 صوتا من أصل 128، للفوز. وفي حال جرت دورة ثانية، فالغالبية المطلوبة تكون بالأكثرية المطلقة، أي 65 صوتا.

وفي انتخاب عون انتهاك للدستور اللبناني الذي يمنع انتخاب موظفين من الفئة الأولى وهم في المنصب وحتى عامان من استقالتهم أو إحالتهم إلى التقاعد.

عون يؤكد ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وبدء حوار مع سورية

وفي خطاب القسم، دعا عون في كلمة ألقاها أمام مجلس النواب عقب أدائه القسم إثر انتخابه، إلى مناقشة سياسة دفاعية متكاملة، بما يمكن الدولة من إزالة الاحتلال الإسرائيلي ورد عدوانه، مؤكدا أن لدى لبنان فرصة لبدء حوار جاد مع الدولة السورية.

وقال عون "أدعو لمناقشة سياسة دفاعية متكاملة، بما يمكن الدولة من إزالة الاحتلال الإسرائيلي ورد عدوانه". وتعهد بـ"إعادة إعمار ما هدمه العدوان الإسرائيلي في الجنوب والبقاع والضاحية وجميع أنحاء لبنان".

وتابع "عهدي أن أمارس دوري كقائد أعلى للقوات المسلحة، وتأكيد حق الدولة في احتكار حق حمل السلاح". وعن العلاقات مع سورية قال "لدينا فرصة لبدء حوار جاد مع الدولة السورية وإقامة علاقات جيدة بيننا".

ودعا عون إلى "تغيير الأداء السياسي"، وإلى بناء وطن يكون الجميع فيه "تحت سقف القانون والقضاء"، وقال "عهدي إلى اللبنانيين أينما كانوا، وليسمع العالم كله، اليوم تبدأ مرحلة جديدة من تاريخ لبنان"، متحدثا عن "الحياد الإيجابي" الذي ستنتهجه الدولة اللبنانية.

وأضاف "سأكون الخادم الأول للحفاظ على الميثاق ووثيقة الوفاق الوطني، وأن أمارس صلاحيات رئيس الجمهورية كاملة كحكم عادل بين المؤسسات"، وشدد على أنه يطمح إلى تعزيز العلاقات مع الدول العربية والغربية.

كواليس انتخاب عون

وبدا واضحا خلال الساعات الماضية أن قائد الجيش سيكون على الأرجح الرئيس المنتخب، وهو يحظى بدعم من عدد من الدول الإقليمية والدولية، على رأسها الولايات المتحدة والسعودية.

ويرى متابعون ومحلّلون أن الدور المطلوب من الجيش في المرحلة المقبلة لتنفيذ وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله شكل عنصرا حاسما في ترجيح كفة عون.

ويعتبر عون خامس قائد جيش في تاريخ لبنان يصل إلى رئاسة الجمهورية والرابع على التوالي.

ومنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في تشرين الأول/أكتوبر 2022، فشل البرلمان اللبناني خلال 12 جلسة في انتخاب رئيس.

وتكثفت الاجتماعات والمشاورات بين القوى السياسية في الساعة الأخيرة بهدف التوصل إلى "توافق" حول قائد الجيش، على وقع ضغوط خارجية، في بلد متعدد الطوائف والأحزاب لا يضم برلمانه أكثرية واضحة، ويصل الرئيس فيه إجمالا بموجب تسويات سياسية.

وبرز اسم جوزيف عون في الأيام الأخيرة على أنه المرشح الأكثر حظا. وشدّد موفدون دوليون خلال لقاءاتهم في بيروت، وفق مسؤولين لبنانيين، على ضرورة انتخاب رئيس.

ومنذ مطلع الأسبوع، أجرى كل من الموفد الأميركي إلى بيروت عاموس هوكشتاين، والموفد السعودي يزيد بن محمد بن فهد آل فرحان، والموفد الفرنسي جان-إيف لودريان، لقاءات منفصلة مع نوّاب وشخصيات سياسية مختلفة في لبنان.

ونقل نوّاب التقوا هوكشتاين وبن فرحان انطباعا واضحا بأن واشنطن والرياض تدفعان باتجاه فوز عون بالرئاسة.

واستبق رئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، جلسة الانتخاب بقوله، الأربعاء، إنه "للمرة الأولى، منذ الفراغ في سدة الرئاسة، أشعر بالسرور لأنه، بإذن الله، سيكون لنا... رئيس جديد للجمهورية".

وتنتظر عون تحديات كبرى، أبرزها الإعمار بعد الحرب الأخيرة التي دمّرت أجزاء في جنوب وشرق البلاد، وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، وتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي يشمل أيضا الالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي 1701 الصادر في العام 2006، والذي من بنوده ابتعاد حزب الله عن الحدود، ونزع سلاح كل المجموعات المسلحة في لبنان غير القوى الشرعية.

ومن التحديات أيضا القيام بإصلاحات ملحّة للدفع بعجلة الاقتصاد بعد أكثر من خمس سنوات من انهيار غير مسبوق.

اقرأ/ي أيضًا | لبنان نحو حسم الاستحقاق الرئاسي... هل غيّرت الحرب ميزان القوى؟