ألغت الحكومة الألمانية تمويل جمعيتين يساريتين إسرائيليتين، بادعاء التحسب من أن نشاطهما قد يُفسر كمعارضة لوجود إسرائيل "كدولة يهودية" أو تقويض أمنها.

تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"... سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات

ويأتي هذا القرار إثر تحسب السلطات الألمانية من "حملة مكثفة جارية منذ أشهر ضد دعم دولي، وألماني خصوصا، لجمعيات فلسطينية"، بحسب وثيقة ألمانية، وبهدف امتناع الحكومة الألمانية عن المس بما وصفته "حساسية" المجتمع الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023، وفق ما ذكرت صحيفة "هآرتس" اليوم، الجمعة.

وألغت ألمانيا تمويل جمعية "ذاكرات"، التي تنشط من أجل إحياء ذكرى النكبة وكشف معلومات حولها وتحقيق حق العودة للاجئين الفلسطينيين؛ وتمويل جمعية "بروفايل جديد"، التي تنشط من أجل تقليص تأثير الجيش الإسرائيلي على المجتمع المدني في إسرائيل وترافق رافضي الخدمة العسكرية.

وأثار النشر الأولي عن وقف تمويل الجمعيتين، في موقع " دويتشه فيله" اهتماما إعلاميا وشعبيا في ألمانيا.

وجاء في وثيقة أرسلتها وزارة التعاون الاقتصادي والتطوير الألمانية إلى منظمة ألمانية تعنى بتمويل جمعيات مدنية إسرائيلية، أن نشاط "ذاكرات" لا يضر، لكن "الجمعية تركز على مجال حساس بالنسبة لإسرائيل" وأن "الدعوة لحق العودة الفلسطيني حساس بشكل خاص بالنسبة للجمهور الإسرائيلي"، وفقا للصحيفة.

وعقبت "ذاكرات" على ذلك بأنه "خلال مداولات مع موظفين ألمان في تل أبيب وبرلين، وكذلك في طلبات استيضاح، جرى سؤالنا مرة تلو الأخرى إذا كنا نعترف بوجود إسرائيل وبأنها دولة يهودية وديمقراطية، وقيل لنا أن ألمانيا ملتزمة تجاه دولة يهودية بسبب ماضيها النازي. وقيل لنا مرارا وتكرارا إنه في حين أن ذكرى النكبة هو أمر مهم، إلا أن تأييد حق العودة للفلسطينيين لا يقبله العقل".

ونقلت الصحيفة عن المديرة العامة لجمعية "ذاكرات"، راحيل بيت أرييه، قولها إن الصندوق الألماني Kurve Wustrow، الذي توقف تميله الآن، دعم الجمعية منذ العام 2020، بينما صندوق روزا لوكسمبورغ، قدم الدعم منذ العام 2021، وتوقف بسبب قرار الحكومة الألمانية في بداية العام الماضي.

وأضافت بيت أرييه أن السؤال حول الاعتراف بدولة إسرائيل "ليس سؤالا حقيقيا، وهذا سؤال يسعى إلى نزع الشرعية عن أي انتقاد لدولة إسرائيل".

وفيما يتعلق بجمعية "بروفايل جديد"، جاء في وثيقة الوزارة الألمانية أن "هذه الجمعية تدعو علنا إلى نزع الشرعية أو رفض الخدمة العسكرية في إسرائيل، وهي مخالفة عقوبتها تصل إلى خمس سنوات سجن بموجب القانون الإسرائيلي. والسياسة الخارجية الألمانية قد تتضرر إذا موّل الصندوق جهة تدعو علنا إلى خرق القانون الإسرائيلي".

وأكدت الجمعية في تعقيبها على أن "لا أساس لادعاء الحكومة الألمانية الذي بموجبه ’بروفايل جديد’ تخرق القانون. أولا، النشاط قانوني لأن الجمعية تزود معلومات ودعما فقط لمن قرروا ألا يخدموا (في الجيش). وثانيا، لأن لسلطات في إسرائيل لا تدعي ذلك أبدا".

وأشارت جمعية "بروفايل جديد" إلى أن صندوق Kurwe Wustrow بدأ يمولها في العام الماضي، وكان يفترض أن يكون هذا الدعم لفترة طويلة، ولثلاثة أعوام على الأقل، وجرى إرساء ذلك في عقد.

وأضافت الجمعية أن "وقف الحكومة الألمانية لهذا التمويل يضع نشاطنا في خطر فوري. وهو يشكل مسا آخر بالوجود المهم لمنظمات مجتمع مدني في المنطقة التي أصبحت ذات طابع أكثر عسكرية ومطيعة مع مرور أي يوم".

كذلك شددت الجمعية على أن "قرار الحكومة الألمانية تخدم مباشرة اليمين الفاشي الإسرائيلي وخططه لحرب لا تنتهي. ويسهم القرار في استمرار الإبادة الجماعية في غزة والقمع العنيف للشعب الفلسطيني، وهو المتضرر الأول والرئيسي من سياسة الدعم الألمانية لحكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية".

وقال مدير صندوق روزا لوكسمبورغ في إسرائيل، غيل شوحاط، للصحيفة إن "القرار بإلغاء التصريح الحكومي للتعاون مع هذه الجمعيات هو خطوة غير مألوفة ومقلقة، خاصة في الفترة التي تحتاج فيها جمعيات تقدمية هنا إلى دعم متواصل بسبب تقليص حرية التعبير في الدولة. وثمة أهمية لأن ندرك أن هذه الخطوة هي جزء من اتجاه لتقليص الحيز الديمقراطي في ألمانيا أيضا بما يتعلق بالوضع في إسرائيل وفلسطين".

وقال مصدر ألماني رسمي، في تعقيبه للصحيفة وطلب عدم كشف هويته، إن "أمن إسرائيل وحقها في الوجود كدولة يهودية موجود في قلب الاعتبارات لأي تمويل ألماني، خاصة بعد فظائع 7 أكتوبر والارتفاع العالمي في معاداة السامية".