أسفر هجوم بمسيرة طال أحد آخر المستشفيات التي ما زالت في الخدمة في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور السودانية، عن مقتل 67 شخصا على الأقل، بحسب ما أفاد ناشطون السبت.
تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"
وقامت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر بمراجعة حصيلة سابقة أشارت إلى مقتل 30 شخصا، الأمر الذي أكده مصدر طبي في المستشفى السعودي الذي تعرض للقصف الجمعة.
ولم يتضح بعد أي من طرفي المعارك السودانية شن الهجوم.
ويشهد السودان منذ نيسان/أبريل 2023 نزاعا داميا بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب بـ"حميدتي".
وسيطرت قوات الدعم السريع على منطقة دارفور بالكامل تقريبا، وتحاصر الفاشر منذ أيار/مايو لكنها لم تتمكن من السيطرة على المدينة حيث تتصدى لها مجموعات مسلحة متحالفة مع الجيش.
وذكر مصدر طبي أن مسيرة لقوات الدعم السريع استهدفت المبنى ذاته "قبل عدة أسابيع".
والأسبوع الماضي، دعت قوات الدعم السريع في بيان كل قوات الجيش وتلك الحليفة له إلى مغادرة الفاشر بحلول بعد ظهر الأربعاء، مشيرة إلى أنها مستعدة لتنفيذ "هجوم وشيك".
وأفاد نشطاء محليون عن معارك متقطعة منذ ذلك الحين، بما فيها قصف مدفعي متكرر لقوات الدعم السريع على مخيم أبو شوك للنازحين.
وأدّى القصف صباح الجمعة إلى مقتل ثمانية أشخاص في المخيم، بحسب المنسقية العامة للنازحين واللاجئين في دارفور وهي مجموعة من المجتمع المدني.
وأعربت الأمم المتحدة عن قلق بالغ، داعية الطرفين إلى ضمان حماية المدنيين في المدينة المقدر عددهم بنحو مليونين.
وقال المتحدث باسم مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان، سيف ماغانغو، في بيان الأربعاء "يعاني سكان الفاشر كثيرا بالفعل منذ أشهر جراء عنف عبثي وانتهاكات وتجاوزات وحشية، لا سيما في سياق الحصار المطول لمدينتهم".
وتفيد أرقام رسمية بأن ما يصل إلى 80% من منشآت الرعاية الصحية في أنحاء البلاد خرجت عن الخدمة.
وبحسب المصدر الطبي، ليست هذه المرة الأولى التي يتعرّض فيها المستشفى العسكري للقصف، فقد استهدفته قوات الدعم السريع "قبل عدة أسابيع".
ويشهد قطاع الصحة في الفاشر هجمات متكررة وقالت منظمة "أطباء بلا حدود" هذا الشهر إن المستشفى السعودي هو "المستشفى الوحيد العام القادر على إجراء العمليات الجراحية الذي ما زال صامدا".
وبين 9 كانون الأول/ديسمبر و14 كانون الثاني/يناير، رصد "مختبر الأبحاث الإنسانية" التابع لجامعة يال ثلاث مسيّرات متطوّرة في محيط مطار نيالا الذي تسيطر عليه قوات الدعم السريع، على مسافة حوالي 200 كيلومتر جنوبا.
وأشار في تقريره إلى أن هذه المسيرات الصينية الصنع "تتمتع بقدرات كبيرة على المراقبة والمناورة الحربية ويمكن تزويدها بذخائر جوّ-أرض". وتعذر على المركز التحقق من الدولة التي اشترتها.
ونفت الإمارات مرارا تسليح قوات الدعم السريع، على الرغم من الانتقادات الدولية ومن خلوص خبراء الأمم المتحدة إلى أن هذه الاتهامات "ذات صدقية".
ونسجت قوات الدعم السريع علاقات مع الإمارات التي تقاتل الحوثيين في اليمن.
وفي كانون الأول/ديسمبر، قال البيت الأبيض إن الإمارات ذكرت أنها "لا تزوّد بأي أسلحة" قوات الدعم السريع.
وفي نهاية عهد جو بايدن، قال وزير الخارجية آنذاك أنتوني بلينكن إن قوات الدعم السريع "ارتكبت إبادة جماعية" في إقليم دارفور.
وتُتّهم قوى أخرى، بينها مصر وتركيا وإيران وروسيا، بدعم أطراف في حرب السودان.
ويأتي القصف الأخير على دارفور حيث يعيش ربع سكان السودان وتحاول قوات الدعم السريع بسط سيطرتها، في ظلّ إحراز الجيش تقدّما في مناطق أخرى من البلاد.
وعلى بعد حوالي 800 كيلومتر شرقا، أعلن الجيش استعادة السيطرة على مصفاة الخرطوم النفطية الكبيرة وكسر الحصار الذي كانت تفرضه قوات الدعم السريع على مقر قيادته العامة في الخرطوم منذ اندلاع الحرب في نيسان/أبريل 2023.
وفي مطلع الشهر، استعاد الجيش مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة والتي تعتبر موقعا زراعيا حيويا في وسط السودان، بعد أكثر من عام من سيطرة قوات الدعم السريع عليها.
وأدت المعارك حتى الآن إلى سقوط عشرات آلاف القتلى بينما نزح أكثر من 12 مليون شخص فيما الملايين على حافة المجاعة.
وفي المنطقة المحيطة بالفاشر، تسود المجاعة في ثلاثة مخيمات للنازحين هي زمزم وأبو شوك والسلام. ويتوقع أن تتوسع رقعة المجاعة لتشمل خمس مناطق أخرى بما فيها المدينة نفسها بحلول أيار/مايو؛ بحسب تقييم مدعوم من الأمم المتحدة.
ويواجه طرفا النزاع اتهامات بارتكاب جرائم حرب ولا سيما استهداف المدنيين وشن قصف عشوائي على منازل وأسواق ومستشفيات، وعرقلة دخول وتوزيع المساعدات الإنسانية.
وقبيل انتهاء ولايته، فرض الرئيس الأميركي السابق جو بايدن عقوبات على البرهان. واتّهمت إدارته الجيش السوداني بشن هجمات على مدارس وأسواق ومستشفيات واستخدام الحرمان من الغذاء سلاحا في الحرب.
وجاءت تلك العقوبات بعد نحو أسبوع على فرض واشنطن عقوبات على دقلو الذي اتّهمت قواته بـ"ارتكاب إبادة جماعية".