استنسخت إسرائيل تجربة الحرب التي ارتكبتها بغزة على مدى نحو 16 شهرا، وما شملها من قتْل وتهجير ونسف منازل ومربّعات سكنيّة، إلى مخيم جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة، حيث أعلن جيش الاحتلال تفجير 23 منزلا، فيما أشارت مصادر محلية إلى أنها طاولت 3 أحياء في المخيم.

تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"... سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات

ومساء الأحد، كان مخيم جنين على موعد مع أكبر عملية نسف مربعات سكنية منذ 2002، أقدم عليها الجيش الإسرائيلي.

وعلى وقع التفجيرات الإسرائيلية، انطلقت التكبيرات في عدد من أحياء المدينة، بينما وقف عشرات المهجّرين على تلة مقابلة للمخيم، يراقبون ألسنة الدخان والغبار المتصاعدة من منازلهم.

وبالتزامن مع نسف مربعات سكنية، دفع الجيش الإسرائيلي بقواته إلى المخيم المحاصر، فيما تواصل طائرات مسيرة التحليق في سماء جنين.

وأظهرت مقاطع مصورة دمارا كبيرا في المخيم، إذ كشفت عن بنايات سوتها إسرائيل بالأرض، وأخرى تعرضت لتدمير جزئي أو حرق.

حطام التفجير وصل إلى مستشفى خليل سليمان الحكومي في جنين الملاصق للمخيم من الجهة الشرقية.

وأكد أهال سماع أصوات تفجيرات ضخمة، تبعها تصاعد أعمدة الدخان من داخل المخيم.

(Getty Images)

وأشار الشهود إلى أن عدة منازل بمحيط المخيم، وفي مدينة جنين، تعرضت لما يشبه هزة أرضية نتيجة قوة التفجيرات، ما أدى إلى تحطم النوافذ والأبواب.

وفي وقت سابق الأحد، قال مسؤول العلاقات العامة في بلدية جنين بشير مطاحن، إن الجيش الإسرائيلي فجر 21 منزلا في ثلاث حارات بالمخيم، مشيرا إلى أن تل أبيب أخلت المخيم من كامل سكانه خلال الأيام الماضية، وأجبرتهم على النزوح.

تغيير جغرافيا المخيم

في السياق، قال الباحث في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أحمد حواشين، إن "الجيش الإسرائيلي يعمل على تغيير معالم المخيم الجغرافية".

وأضاف حواشين، ابن مخيم جنين، أن "إسرائيل شرعت في استنساخ تجربة قطاع غزة منذ بدء عمليتها العسكرية في المنطقة، عبر ترحيل الفلسطينيين قسرا، ثم بدء عملية تجريف واسعة لعدد من الأحياء"، بحسب ما نقلت عنه وكالة "الأناضول".

وعن تفجيرات الأحد، أكد أنها حصلت "في عدة أحياء، منها منطقة شارع مهيوب، وخلف مسجد الأسير، ومنطقة حارة الدمج، وأجزاء من حي الحواشين، حيث دمرت إسرائيل مباني تضم شققا سكنية عدة".

وذكر أن "الجيش الإسرائيلي يعمل على تغير معالم المخيم، وسنكون بعد العدوان أمام مخيم بجغرافية جديدة".

الباحث الذي نزح مع عائلته من حارة الحواشين، قال "أنا كما بقية السكان، نقف اليوم على تل مقابل للمخيم، ولا نعلم ما يجري بداخله.

وأضاف "لكننا نعلم أن بيت كل واحد فينا مهدم أو محروق، وفي أحسن الأحوال محطم بفعل الانفجارات في الأحياء".

وتابع "حتى بعد انتهاء العملية العسكرية لن يتمكن العديد من السكان من العودة إلى منازلهم، بفعل التدمير الإسرائيلي".

تفجير مربعات سكنية

وقال محافظ جنين، كمال أبو الرب، في تصريحات أدلى بها، الأحد، إن الجيش الإسرائيلي يستنسخ صورة تفجيرات المربعات السكنية من قطاع غزة إلى مخيم المدينة، مشيرا إلى أنها الأولى من نوعها منذ عام 2002.

وفي ذلك التاريخ، وتزامنا مع انتفاضة الأقصى، شنت إسرائيل عملية عسكرية على مخيم جنين ودمرته.

(Getty Images)

وأضاف أبو الرب أن السلطات الإسرائيلية تعمل على تدمير مخيم جنين، وتحويله إلى مكان غير صالح للعيش عبر نسف مربعات سكينة وتدمير البنية التحتية.

وذكر أن "الجيش الإسرائيلي نقل حربه من قطاع غزة إلى الضفة الغربية، وما يجري من تفجيرات في مخيم جنين أشبه ما يكون بالإبادة الإسرائيلية في غزة".

كما أشار إلى أن 3420 عائلة فلسطينية نزحت من مخيم جنين من أصل 3490.

مقررة أممية: ممارسات إسرائيل بالضفة الغربية "إجرامية"

وفي السياق، أكّدت المقررة الأممية المعنية في فلسطين، فرانشيسكا ألبانيز، أن الممارسات الإسرائيلية في الضفة الغربية إجرامية، محذرة من أن "نية الإبادة الجماعية واضحة في الطريقة التي تستهدف فيها إسرائيل الفلسطينيين".

ودعت المسؤولة الأممية عبر حسابها بمنصة "إكس"، الأحد، المجتمع الدولي إلى التدخل ووقف عمليات التدمير، التي قالت إنها "توسعت لتشمل جميع الأراضي المحتلة وليس غزة فحسب".

وكتبت ألبانيز "تصرفات إسرائيل في الضفة الغربية إجرامية، إذ إنها توسّع نطاق الدمار ليشمل جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة، وليس غزة فحسب".

ولفتت إلى أنها حذرت الجمعية العامة للأمم المتحدة من حدوث ذلك في تقريرها الأخير خلال تشرين الأول/ أكتوبر 2024.

وأضافت أن "نية الإبادة الجماعية واضحة في الطريقة التي تستهدف بها إسرائيل الشعب الفلسطيني بأسره".

وفي تعقيبها على التفجيرات الأعنف، أدانت الخارجية الفلسطينية "التفجيرات التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في مخيمي جنين وطولكرم (شمال)، بما في ذلك إقدامها اليوم الأحد، على تفجير أحياء واسعة من مخيم جنين".

وذكرت في بيان، أن تفجيرات جنين "مشهدا وحشيا يعكس حجم الدمار الذي تعرض له قطاع غزة، ويجسد أحد مظاهر حرب الإبادة والتهجير ضد شعبنا".

وحذرت الوزارة من "مخططات الاحتلال الهادفة إلى نقل جرائم التطهير العرقي والتدمير من غزة إلى الضفة الغربية المحتلة تحت ذرائع واهية، لإخفاء استهدافه المباشر للمدنيين العزل ومنازلهم وممتلكاتهم ودور عبادتهم".

وبالتزامن مع الحرب على غزة، وسّع الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم في الضفة الغربية والقدس، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 900 شخص، وإصابة نحو 6 آلاف و700، واعتقال 14 ألفا و300 آخرين، وفق معطيات فلسطينية رسمية.

وخلّفت الحرب على غزة، أكثر من 159 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.