أطلقت الشرطة الإسرائيلية، عند منتصف ليل الإثنين الثلاثاء، سراح الفنان نضال بدارنة من مركز "مسغاف"، مساء الإثنين، بعد اعتقاله من منزله في حيفا إثر اقتحامه واقتياده للتحقيق.
وتواصل التحقيق مع الفنان والكوميديان ابن مدينة عرابة البطوف، بدارنة، لعدة ساعات، بحجة "التصرف بطريقة قد تخل بسلامة الجمهور"، قبل أن يتم الإفراج عنه.
وجاء الاعتقال بعد حملة تحريضية واسعة وشرسة شنتها جهات يمينية متطرفة ضد بدارنة، سعت من خلالها إلى إلغاء عروضه، بما في ذلك عرضه الذي كان مقررًا في الناصرة يوم الجمعة الماضي. واستجابةً لهذه الضغوطات، لاحقت الشرطة أصحاب قاعات العرض ومارست عليهم ضغوطًا لإلغاء العروض، دون أي صلاحية قانونية.
وكانت الشرطة الإسرائيلية قد منعت بدارنة من إقامة عرض "ستاند أب" في حيفا، بحجة "الحفاظ على سلامة الجمهور"، بعد تحريض مجموعات يهودية متطرّفة ضد العرض، بادعاء التطرق للمحتجزين الإسرائيليين في غزة؛ كما منعت الشرطة بدارنة من إقامة عرض آخر في مدينة الناصرة.
وقالت عائلة الفنان نضال بدارنة في حديث لـ"عرب 48"، إن "الاعتقال، نُفِّذ مساء اليوم (الإثنين)، بعد اقتحام قوات الشرطة الإسرائيلية لمنزل نضال في حيفا، وقد اعتقلته القوات بحجة ’تشكيل خطر على الجمهور’، واقتادته لمحطة الشرطة بمدينة حيفا".
وأضافت العائلة أن "الشرطة سلّمت نضال خلال نهار الإثنين، استدعاءً للتحقيق، وكان من المفترض أن تُعقَد جلسة للتحقيق، الثلاثاء".
وشدّدت العائلة على أن "هذا الاعتقال يأتي على إثر حملة تحريض إعلاميّة فاشيّة شرسة، ضدّ نضال، والمحتوى الفني الكوميدي الذي يقدّمه، وقد شاركت الشرطة منذ أيّام بملاحقة وتهديد كل القاعات التي استضافت عروض نضال، وأرغمته على إلغاء العروض".
وأفاد مركز "عدالة" الحقوقي بأن "ملاحقة الشرطة للفنان بدارنة، إنما تشكل جزءًا من حملة قمع واسعة لكم أفواه الفلسطينيين والملاحقة السياسية لكل صوت فلسطيني منذ 7 أكتوبر 2023. تجلت هذه الهجمة بما يقارب 200 لائحة اتهام في الداخل الفلسطيني بتهم التحريض، وأعداد كبيرة جدًا من الاعتقالات غير القانونية والتي تهدف للترهيب والتخويف وصولًا لملاحقة الفنانين ومحاولة إلغاء عروض فنية".
وأكد مركز "عدالة" عدم قانونية التحقيق مع بدارنة بتهمة "التصرف بطريقة قد تخل بسلامة الجمهور"، حيث "أصبحت الشرطة تستغل هذه التهمة بشكل كبير في الفترة الأخيرة للتحقيق في مخالفات حرية التعبير بشكل غير قانوني ولتفادي الحصول على الموافقات المطلوبة من النيابة العامة".
وكان الفنان بدارنة، قد قال لـ"عرب 48"، الجمعة الماضي، إنه "تلقيت اتصالا صباح الجمعة، من الشرطة الإسرائيلية، وقد حمل لهجة تهديد واضحة من أجل عدم إقامة العرض، وقالوا لي بالحرف الواحد ’ليس من الجيد أن تأتي إلى الناصرة، وإذا قدمت العرض سنتصرف ولن نسمح لك بذلك’".
وأضاف "هذا التهديد وصلني بعد تهديد الشرطة لثلاثة مسارح كان من المفترض أن أقيم عروض فيها، وكل مسرح يتم الاتفاق معه تقوم الشرطة بالتواصل مع أصحابه وتهددهم بسحب التراخيص أو بحجج أخرى".
ولفت بدارنة إلى أن "الشرطة تتصرف كجسم منفصل عن القانون، ومن المفترض أن تنفذ القانون بدلا من التحايل عليه، وخصوصا أن العروض التي أقدمها لا تحمل أي تحريض ولا أي شيء غير قانوني".
وذكر أن "الشرطة في أي مكان في العالم لا تتعامل بهذا الشكل من ’الزعرنة’، لكن يبدو أنها تتحرك وفقا لتحريض اليمين المتطرف، إذ أن منع العرض في حيفا وفي الناصرة لا يستند على أي شيء قانوني، وبدوي سأستمر في المسار القضائي بمرافقة مركز ’عدالة’ حتى أنتزع حقي وأواصل عملي".
وفي العشرين من الشهر الجاري، أبرق مركز "عدالة" الحقوقي، بواسطة المحامية هديل أبو صالح، رسالة عاجلة إلى مكتب المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية، طالب فيها بالتدخل الفوري لوقف الملاحقة السياسية التي تمارسها الشرطة الإسرائيلية ضد الفنان والكوميديان نضال بدارنة ابن مدينة عرابة، والتي أدت إلى إلغاء عروضه.
يأتي ذلك على خلفية شن جهات يمينية متطرفة حملة تحريضية ضد بدارنة، سعت من خلالها إلى إلغاء عروضه، وهو ما حدث لاحقا.
واستجابة لهذه الضغوطات، لاحقت الشرطة أصحاب قاعات العرض ومارست عليهم ضغوطا من أجل إلغاء العروض، دون أي صلاحية قانونية تتيح لها فرض رقابة كهذه على المحتوى الفني الذي يقدمه بدارنة، لا سيما أنه محتوى ساخر يحظى بحماية وفقا لقرارات سابقة للمحكمة العليا؛ حسبما جاء في بيان "عدالة".
وكان مركز "عدالة" قد طالب المستشارة القضائية للحكومة، بإصدار تعليمات للشرطة في الناصرة، بعدم التدخل في العرض المقرر في 21 شباط/ فبراير، والامتناع فورا عن اتخاذ أي خطوات تنتهك حرية التعبير الفني، وهو ما لم يحدث.