في تطور علمي لافت قد يُحدث ثورة في مجال الطب، كشفت دراسة حديثة أن قياس الاختلافات في أنماط التنفس وإمدادات الأكسجين في الدماغ يمكن أن يُساهم بشكل كبير في الكشف المبكر عن مرض ألزهايمر، وهو أحد أكثر أنواع الخرف شيوعًا وتأثيرًا على كبار السن حول العالم.

هذا الاكتشاف، الذي نُشر في مجلة "برين كومينكيشنز" مؤخرًا، يفتح آفاقًا جديدة لتحسين التشخيص والعلاج، مما يمنح الأمل لملايين الأشخاص المعرضين لهذا المرض المدمر، حسب تقارير.

وأُجريت الدراسة بواسطة فريق بحثي مشترك من جامعة لانكستر في المملكة المتحدة وجامعة ليوبليانا في سلوفينيا، حيث ركز الباحثون على تحليل العلاقة بين التنفس وتدفق الأكسجين إلى الدماغ كمؤشر محتمل للتغيرات المبكرة المرتبطة بمرض ألزهايمر.

واستخدم الباحثون تقنيات متطورة، مثل أجهزة استشعار لقياس تدفق الدم في الدماغ، إلى جانب مراقبة معدل التنفس ونشاط القلب باستخدام أحزمة خاصة. أظهرت النتائج أن الأشخاص المصابين بمرض ألزهايمر يعانون من أنماط تنفس غير منتظمة، إذ سجلوا معدل تنفس أعلى أثناء الراحة، يصل إلى 17 نفسًا في الدقيقة، مقارنة بـ 13 نفسًا لدى الأشخاص الأصحاء.

وتُعد هذه النتائج مفاجئة ومبتكرة، حيث أوضحت عالمة الفيزياء الحيوية أنيتا ستيفانوفسكا، إحدى المشاركات في الدراسة، أن التغيرات في أنماط التنفس قد تكون مرتبطة بنقص في تغذية الدماغ بالأكسجين عبر الأوعية الدموية، وهو ما قد يُسهم في تطور المرض. ووصفت ستيفانوفسكا هذا الاكتشاف بـ"الثوري"، مشيرة إلى أنه قد يُمثل علامة بيولوجية جديدة تُستخدم للكشف عن الالتهابات في الدماغ قبل ظهور الأعراض السريرية الواضحة، مثل فقدان الذاكرة أو الارتباك.

ومرض ألزهايمر، الذي يصيب أكثر من 50 مليون شخص حول العالم وفقًا لتقديرات جمعية ألزهايمر الدولية، يتفاقم بمرور الوقت، حيث يبدأ بفقدان طفيف للذاكرة وينتهي بفقدان القدرة على التفاعل مع البيئة المحيطة. ومع توقعات بارتفاع عدد المصابين إلى أكثر من 131 مليون بحلول عام 2050، ويُعتبر الكشف المبكر عن المرض أمرًا حاسمًا لتطوير علاجات فعّالة أو لتأخير تقدمه.

وفي الوقت الحالي، تعتمد طرق التشخيص التقليدية على فحوصات التصوير العصبي أو تحليل السائل النخاعي، وهي إجراءات مكلفة وغير متاحة على نطاق واسع، مما يجعل هذا الاكتشاف الجديد حلاً واعدًا وبسيطًا نسبيًا.

وأكد الباحثون أن هذه الطريقة غير الجراحية يمكن أن تُصبح أداة فعّالة للكشف المبكر، خاصة أنها تعتمد على قياسات عضوية يسهل تطبيقها في العيادات. ومع ذلك، شددوا على ضرورة إجراء المزيد من الدراسات على عينات أكبر لتأكيد النتائج وتطوير تقنيات دقيقة للاستخدام السريري.

ويرى الخبراء أن هذا النهج قد يُساهم أيضًا في فهم أعمق لأسباب المرض، بما في ذلك العلاقة بين التنفس والالتهابات الدماغية.

ويُمثل هذا البحث خطوة كبيرة نحو مكافحة مرض ألزهايمر، حيث يُقدم أملًا جديدًا للمرضى وعائلاتهم من خلال تحسين فرص التشخيص المبكر والتدخل العلاجي في الوقت المناسب. إذا تم تطوير هذه الطريقة وتطبيقها على نطاق واسع، فقد تُغير مسار التعامل مع واحد من أكثر الأمراض تحديًا في العصر الحديث.