صدر حديثًا عن "منشورات المتوسّط"، رواية جديدة للروائيّ الفلسطينيّ عبّاد يحيى، بعنوان "يحدث في البيوت"، في 240 صفحة من القطع الوسط.
وبعد عدّة روايات تناولت مدينة رام الله، كان آخرها رواية "رام الله"، والتي حقّقت نجاحًا كبيرًا، يواصل عبّاد يحيى حفره في هواء رام الله.
نبذة حول الرواية:
تبدأ رواية "يحدث في البيوت"، مع النكبة الفلسطينيّة وتنتهي في الزمن الراهن، إلّا أنّ زمن شخصيّاتها الفعليّ هو السبعينات والثمانينات في مدينة رام الله.
ويبدو ما قبل هذين العقدين تمهيدًا متأنّيًا وما بعدهما خواتيم حتميّة. كانت رام الله ملجأ قدريًّا لبطلي الرواية لم يختاراه، وحين احتلتها إسرائيل إثر حرب 1967 بدأت حياة جديدة ومختلفة، بل ومخالفة للمعروف من حياة معظم الفلسطينيّين بعد النكسة.
ما بدأ بلقاء صدفة بين سيّدة وشابّ انتهى بعمليّة خاصّة لتنظيم سرّيّ، حوّلت حياتيهما إلى أسئلة واحتمالات وأسرار. وبين البداية الواعدة والنهاية المعلّقة تأريخٌ روائيّ لحياة الشخصيّات وشطر وافر من حياة رام الله، في قلبها الأستاذ المحامي الذي منح السيّدة حياتها الجديدة وردّتها له دون أن يدري.حين النظر إلى تلك السنوات في الوقت الراهن تبدو ملتبسة، ما يضطرّ، الشابّ في الرواية، العجوز في شيخوخته الراهنة، إلى تذكّر اعتذاريّ لحياته ولأسباب اختفاء السيّدة منها. ويتقاطع سرده لحياته مع سيرة مرويّة لحياة السيّدة مع الأستاذ المحامي. ولا يبدو هذا التقاطع مشغولاً بتعدّد سرديّ قدر انشغاله بتفريد سيرتيهما واقتراحها كعدسة خاصّة للنظر إلى رام الله في تلك السنوات.
سيجد القارئ هنا لغة لا يمكن وصفها بالصعبة، كما أنّها لا توصف بالسهلة أيضاً، إنها لغة نصّ أدبيّ، وليست مجرد أداة لعرض الحكاية، في هذه الرواية تنهال روح فلسطينيّة فريدة بشكل كامل.
من الرواية:
أمَّا أنا، فاللاجئ الباقي في رام الله. بداية شباب مثيرة، لم أعرف شخصًا مثلي. فتى لم يبلغ العشرين ظلَّ وحيدًا في رام الله عشيَّة النكسة. كم تبدو الحياة واسعة لولا صوت هذا الإسرائيليّ الذي يمنع التجوُّل كلّ يوم. كانت فيَّ فورة طلَّاب المدارس الثانويّة، وكان فيّ جوع لكلِّ شيء، في صباحات بعينها كنتُ أشعر أنّني سأخرج من الباب، وأبدا في التهام العالم، البيوت والطُّرُقات والشجر والغيوم، والبشر، النساء تحديدًا. ولم يضبطني شيء إلَّا الحاجة إلى المال، حتَّى أعيش بعد أن تركني أهلي، وذاك الصوت المعلِن منع التجوُّل ليلاً. أحيانًا وأنا أفكِّر في كهولتي هذه بتلك الأيَّام الشابَّة، أعتقد أن منع التجوُّل الإسرائيليّ الذي عرفَتهُ رام الله في مراحل عديدة، ترك فيها طبعاً كسولًا، تنام مبكرة وتصحو متأخِّرة. والمدينة التي تنام مبكرة وتصحو متأخِّرة، أهمّ ما يحدث فيها، يحدث في البيوت.
عن الكاتب:
عبّاد يحيى: روائيّ من فلسطين، صدرت له روايات: رام الله (2020)، وجريمة في رام الله (2016)، ورام الله الشقراء (2012).