في ظل التحديات المتفاقمة التي يفرضها تغير المناخ على المحاصيل الزراعية حول العالم، برزت أزمة تهدد إنتاج القهوة، تلك السلعة التي تُعد من أكثر المشروبات استهلاكًا على مستوى الكرة الأرضية.
وأُلقي الضوء على هذا الخطر الذي يُنذر بتراجع إنتاج البن في المناطق التقليدية، بينما تُقدم دولة جنوب السودان نفسها كوجهة واعدة قد تُسهم في مواجهة هذه الأزمة العالمية.
وأثبتت الدراسات أن ارتفاع درجات الحرارة وتفاقم الجفاف، الناجمين عن التغيرات المناخية، قد أضرا بمحاصيل القهوة في بلدان رئيسية مثل البرازيل وفيتنام، وهما من أكبر المنتجين عالميًا.
وأشار تقرير لمجلة "ساينس أدفانس" عام 2019 إلى أن 60% من أنواع البن البري مهددة بالانقراض خلال العقدين القادمين، نتيجة تغير التربة والجفاف المستمر.
ومع توقعات بتراجع المساحات الصالحة لزراعة القهوة بنسبة النصف بحلول عام 2050، يتزايد القلق بين المزارعين وصناع السوق على حد سواء.
وحسب خبراء، أمل جديد من جنوب السودان، حيث تبرز قهوة "إكسيلسا" كصنف يتحمل الجفاف وظروف المناخ القاسية بشكل أفضل من أنواع أخرى مثل "أرابيكا" و"روبوستا".
هذا الصنف، الذي اكتُشف في المنطقة منذ أكثر من قرن، يُعيد إحياء آمال المزارعين المحليين الذين عانوا سنوات طويلة من الفقر والنزاعات.
ومع تزايد الاهتمام الدولي بهذا النوع من البن، بدأت جنوب السودان تجذب الانتباه كبديل محتمل لتلبية الطلب العالمي المتزايد على القهوة.
وأوضح التقرير أن المناخ في جنوب السودان، بما يتميز به من تنوع بيئي، يوفر بيئة مواتية لزراعة "إكسيلسا"، التي تتمتع بمرونة تجعلها أقل تأثرًا بالتقلبات المناخية مقارنة بالأصناف الأخرى.
ورغم هذا الأمل، يبقى التحدي كبيرًا أمام جنوب السودان، إذ تحتاج البلاد إلى بنية تحتية متطورة ودعم دولي لتحويل هذه الفرصة إلى واقع ملموس. فالمزارعون المحليون، الذين يعانون من ضائقة مالية، يأملون أن تُسهم هذه الزراعة في تحسين أوضاعهم المعيشية، بينما يرى المجتمع الدولي فيها حلاً جزئيًا لأزمة البن العالمية.