عُقدت، اليوم الثلاثاء، جلسة استماع للمحامي والناشط السياسي فؤاد سلطاني من مدينة الطيرة، أمام لجنة الطاعة في مقر نقابة المحامين بمدينة ريشون لتسيون، وذلك على خلفية منشورات نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عبّر فيها عن إدانته للحرب الإسرائيلية على غزة واستنكاره قصف المنازل وقتل الأطفال والمدنيين هناك.
تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"
وجاءت هذه الجلسة عقب شكوى تقدم بها المتطرف شاي غليك، العضو في جمعية "بتسلمو" اليمينية المتطرفة، المعروفة بملاحقتها للمواطنين العرب وتقديم شكاوى ضدهم في مجالات مختلفة وأماكن العمل على خلفية مواقفهم السياسية.
وترافع عن سلطاني مركز "عدالة" الحقوقي، ومثّله مدير المركز، المحامي حسن جبارين. وكانت نقابة المحامين قد قبلت الشكوى المقدمة ضد سلطاني، ما أدى إلى خضوعه لجلسة استماع واستجواب. وشهدت الجلسة أجواء متوترة، خاصة خلال استجواب غليك وسلطاني من قبل طاقم الدفاع، بحضور عدد من المحامين.
وتضمنت المنشورات التي نشرها سلطاني انتقادات لوزير الأمن القومي السابق، إيتمار بن غفير، بسبب سياسات وزارته تجاه الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، إضافةً إلى إدانته قصف المستشفى الأهلي المعمداني في غزة، الذي أسفر عن استشهاد مدنيين بينهم أطفال ونساء.
وخلال الجلسة، قدم غليك ادعاءاته حول الشكوى، بينما تولى طاقم الدفاع استجوابه. بدوره، فنّد جبارين الادعاءات، وأوضح التناقضات التي تتضمنها، مشددا على أن القضية ذات أبعاد سياسية بحتة.
وفي حديثه لـ"عرب 48"، أوضح جبارين تفاصيل المواجهة القانونية والجدل الذي دار خلال الجلسة، قائلًا: "واجهنا غليك بكل الأكاذيب التي روّجها ضد سلطاني، وأثبتنا أنه شخص لا يقول الحقيقة. حاول تبرير مزاعمه، لكنه لم يتمكن من تقديم أي أدلة تدعم ادعاءاته".
وإحدى النقاط الأساسية التي أُثيرت في الجلسة كانت منع سلطاني من استخدام مصطلح "إبادة"، رغم استخدامه من قبل جهات حقوقية وسياسية محليًا ودوليًا. وأوضح جبارين أن "المحامي سلطاني تحدّى المحكمة، مشددا على أن من حقه استعمال هذا المصطلح، ولا يحق للنقابة منعه من التعبير عن رأيه، خاصة وأن المصطلح استُخدم على نطاق واسع".
وأضاف أن القضاة استفسروا عن توقيت النشر، إذ نشر سلطاني منشوراته بعد ثلاثة أيام فقط من بدء الحرب. "لكن سلطاني ردّ بحزم، موضحًا أنه لم يعتمد فقط على الإعلام الإسرائيلي في تكوين موقفه، بل استند إلى تقارير إعلامية دولية وتصريحات سياسيين إسرائيليين، والتي أشارت إلى وقوع إبادة بالفعل، خاصة مع تجاوز عدد الشهداء الألف خلال الأيام الأولى للعدوان".
وأشار جبارين إلى أن هذه القضية وضعت المحكمة في موقف حرج، إذ أن البتّ في أحقية سلطاني باستخدام المصطلح يعني فتح النقاش حول ما إذا كانت إسرائيل قد ارتكبت "إبادة" فعلًا، مما أدى إلى توتر واضح في موقف القضاة الذين حاولوا فرض قيود على النقاش.
من جانبه، اتهم فؤاد سلطاني نقابة المحامين بالانحياز وتحويل دورها من الدفاع عن أعضائها إلى ملاحقتهم سياسيًا، قائلًا: "من الواضح أن هذه سياسة كمّ أفواه تمارسها النقابة ضدي. لا أحاكم على أفعال، بل على مصطلحات سياسية تُستخدم في كل مكان، مثل 'إبادة' و'تهجير'، وكان من حقي الكامل استخدامها".
وخلال الجلسة، حاول غليك استفزاز سلطاني، إلا أن الأخير ظلّ متماسكًا رغم الأجواء المحتقنة. وأوضح "رغم التوتر في المحكمة، لم يكن هناك أي لبس في موقفي. استعرضنا بالضبط ما كتبته، وكان تفسيره واضحًا، لكن إصرار النقابة على المضي في القضية يُظهر بوضوح الطابع العنصري لهذا الاستهداف".
ورأى سلطاني أن القضية لا تتعلق بشخصه فحسب، بل تكشف عن تحول نقابة المحامين إلى أداة تُستخدم ضد أعضائها العرب بدلًا من الدفاع عنهم. وأضاف "كنت على ثقة بأن المحامين العرب سيتحركون لوقف هذه الملاحقة، لكن للأسف لم نرَ ضغطًا كافيًا على النقابة لمنع هذا الظلم".
وشدد على أن هذه القضية يجب أن تكون نقطة تحوّل في تعامل المحامين العرب مع النقابة، داعيًا إلى تشكيل كيان مستقل يحمي حقوقهم. واختتم قائلًا: "نقابة المحامين تحوّلت إلى نقابة عنصرية. حان الوقت لتنظيم صفوفنا. علينا كعرب أن نؤسس جسمًا منظمًا يدافع عنّا وعن حقوقنا أمام هذه الملاحقات. هذه المعركة لن تتوقف هنا، وسنواصل نضالنا".