أعلنت اللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق بأحداث الساحل السوري، أنه ستتم محاسبة المتورطين بالانتهاكات التي شهدتها محافظتا اللاذقية وطرطوس، مؤكدة أنه "لا أحد فوق القانون".
جاء ذلك في مؤتمر صحافيّ للناطق باسم اللجنة، ياسر الفرحان، الثلاثاء، غداة لقاء جمع أعضاءها بالرئيس السوري، أحمد الشرع.
وقال إن "لا أحد فوق القانون، وكل من هو متورط بالانتهاكات سيخضع (للمساءلة) ضمن صلاحيات اللجنة، وسنقدم ما نتوصل إليه من نتائج إلى رئاسة الجمهورية وإلى القضاء وهو الذي يجرم أو يحكم بالبراءة".
وذكر أن اللجنة "لن تفصح عن نتائج تحقيقاتها وستلتزم بالحفاظ على خصوصية الشهود، على أن تقدم النتائج إلى القضاء، والمحاكم المختصة".
وأعلن أن اللجنة ستعمل على إنهاء التحقيقات خلال 30 يوما، مشيرا إلى انفتاحها على "التعاون الدولي، لكنها تفضل الاستعانة بالإمكانيات الوطنية".
وتابع: "سنعمل على الأرض وسنستمع إلى الشهود، ولن نكتفي بمقاطع الفيديو التي تنشر على وسائل التواصل الاجتماعي".
وأشار الفرحان إلى أن ما شهدته مدن الساحل في 6 آذار/ مارس الجاري "أظهر عمق ما حفرته المأساة السورية على مدى 14 عاما وأكثر بكثير في وجدانهم الجمعي"، في إشارة إلى مخلفات النظام المخلوع.
وقال إن اللجنة باشرت عملها باجتماعها مع رئيس الجمهورية، لافتا إلى أن الأخير شدد خلال الاجتماع على "أهمية دور اللجنة في كشف الحقيقة، وعلى التزام الدولة بمحاسبة المتورطين وإنصاف الضحايا".
وفي السياق، أفاد الفرحان أن عمل اللجنة يأتي ضمن "اعتزام سورية الجديدة على ترسيخ العدالة وسيادة القانون، وحماية حقوق وحريات مواطنيها، ومنع الانتقام خارج إطار القانون، وضمان عدم الإفلات من العقاب".
وقال: "تؤكد اللجنة على استقلاليتها، وعلى التزامها بمعايير الحياد، الأدلة والتقارير المتاحة، وغيرها من المواد المصدرية ذات الصلة بالأحداث".
كما تحدث عن وضع اللجنة برنامجا لمقابلة الشهود، وكل من يمكنه المساعدة في التحقيق، وتحديد المواقع التي يجب زيارتها، في إطار عمليات التحقيق والتقصي، بحسب المصدر ذاته.
وشكلت اللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق بأحداث الساحل السوري بقرار من الرئيس السوري، وتتكون من خمسة قضاة وعميد أمن جنائي، ومحام مدافع عن حقوق الإنسان.
وأنيطت باللجنة "مهام الكشف عن الأسباب والظروف والملابسات التي أدت إلى وقوع الأحداث والتحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها المدنيون وتحديد المسؤولين عنها"، وكذلك "التحقيق في الاعتداءات على المؤسسات العامة ورجال الأمن والجيش وتحديد المسؤولين عنها، فضلا عن إحالة من يثبت تورطهم بارتكاب الجرائم والانتهاكات إلى القضاء".
والخميس، شهدت محافظتا اللاذقية وطرطوس الساحليتان توترا أمنيا على وقع هجمات منسقة لفلول نظام الأسد، هي الأعنف منذ سقوطه، ضد دوريات وحواجز أمنية، ما أوقع قتلى وجرحى.
وإثر ذلك، استنفرت قوى الأمن والجيش ونفذت عمليات تمشيط ومطاردة للفلول، تخللتها اشتباكات عنيفة، وسط تأكيدات حكومية باستعادة الأمن والاستقرار في مدن الساحل، وبدء ملاحقة الفلول وضباط النظام البائد في الأرياف والجبال.
ومنحت الرئاسة اللجنة حق الاستعانة بمن تراه مناسبا لأداء مهامها، وحددت مدة أقصاها 30 يوما من تاريخ صدور القرار لتقديم اللجنة تقريرها إلى رئاسة الجمهورية.
وبعد إسقاط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024، أطلقت السلطات السورية الجديدة مبادرة لتسوية أوضاع عناصر النظام السابق، من الجيش والأجهزة الأمنية، شريطة تسليم أسلحتهم وعدم تلطخ أيديهم بالدم.
واستجاب عشرات الآلاف لهذه المبادرة، بينما رفضتها بعض المجموعات المسلحة من فلول النظام، لا سيما في الساحل السوري، حيث كان يتمركز كبار ضباط نظام الأسد.
ومع مرور الوقت، اختارت هذه المجموعات الفرار إلى المناطق الجبلية، وبدأت بإثارة التوتر، وزعزعة الاستقرار، وشن هجمات متفرقة ضد القوات الحكومية خلال الأسابيع الماضية.