تعَّد القدوة الحسنة الجانب العملي المجسَّد الذي يؤثر بقوة في عملية تربية النشء وتشكيل البناء الإنساني، وتُعَّد من أهم مرتكزات الأسرة السليمة التي هي اللبنة الأولى للمجتمع المتماسك، وهي بمنزلة النموذج المشاهَد للشخصية المؤثرة على أرض الواقع، التي تُجّسد القيم التربوية فعليا، وهي مناط توارث الأجيال القيم الأخلاقية الأسرية والعادات والتقاليد الحسنة، والقناة الطبيعية لنقل التجارب بين الأجيال.

وعليه، تكمن إشكالية هذه الدراسة فيما يلاحظ من غياب نموذج القدوة الحسنة في عصرنا الحاضر، أو تهميش إبراز دوره وإهماله، أو تشتت أفراد الأسرة والمجتمع في التعّرف على هذه الشخصية المحورية. وقد يتخذ النشء قدوات أخرى وأبطالاً عبر الإعلام عند فقدان ركن القدوة الحسنة في واقعهم. ويهدف البحث إلى تجلية أهمية القدوة الصالحة في تربية النشء والوقوف على صفاتها، واستعراض نماذج إيجابية تعبر عنها (أطفال غزة)؛ كما يسعى البحث إلى دراسة أثر غياب القدوة الحسنة على الفرد والأسرة والمجتمع واستعراض نماذج سلبية تؤثر فيه (مسلسل ريك أند مورتي).

ويعتمد البحث على المنهج الوصفي التحليلي، ومن أهم نتائجه أن فكرة القدوة مبنية على مفهوم التقليد والمحاكاة المتأصلة في الطبيعة الإنسانية كبارا وصغارا، والقدوة الحسنة من أهم عوامل تكوين القيم الأسرية والاتجاهات الفكرية والتوجهات السلوكية لدى الأفراد عبر عملية المشاهدة، فالملاحظة والتقليد وتقمُّص الأدوار تبدأ منذ السنوات الأولى للطفل وتكبر معه وتحدد شخصيته وطريقة تعامله مع المواقف والأحداث والمشكلات التي تواجهه، وهي المسؤولة عن نقل الثقافة الاجتماعية وغرس الاتجاهات والقيم الدينية والسياسية والاجتماعية والعلمية للفرد في كل مراحل حياته، وهي المعلم الأول للتربية والدعوة العملية البليغة التي تبدأ منذ الطفولة لحين حملهم أمانة نشر الدين والارتقاء بالوطن وحماية المجتمع.

تحديات تغييب عوامل تكوين الأسرة السليمة في العصر الراهن موقع: إسلام أون لاين.