تجوب طائرات الاحتلال الإسرائيلي أجواء غزة، لتصب حممها فوق رؤوس المدنيين والنازحين بلا هوادة، وترتكب المجزرة تلو الأخرى، في مسلسل يومي للقتل والتدمير، دون وازع من ضمير، أو التزام بقرارات دولية، من قبل كيان الاحتلال الذي يتلذذ بدماء الأطفال والنساء والمسنين.
القتل في الطرقات، وفي مخيمات النزوح، وحتى في المناطق التي تسميها قوات الاحتلال «آمنة».. شهداء يرتقون، ومدن غزية تمحى بتاريخها وتراثها تحت غارات مكثفة لا تتوقف، وصواريخ فتاكة تقسو على خيام تذروها الرياح وتجتاحها الأمطار، ونازحون ينفضون غبار الحرب عن «أشباه المنازل» بعد أن نفضوا أيديهم من الحل، فكل مسعى دبلوماسي، تواجهه آلة الحرب الإسرائيلية بحرق مبكر، وتعصيد في الغارات الوحشية.
المواطن قاسم عليان من بلدة بيت لاهيا، يقول إن طائرات الاحتلال المقاتلة، لا تزال تصب حمم غاراتها على المدنيين العزل، مبيناً أن عداد الشهداء لا زال يمضي بسرعة، إذ خلال الساعات الأخيرة استشهد في بيت لاهيا وحدها أكثر من 150 مواطناً، مشدداً على ان «الأدهى والأمر أن جيش الاحتلال يطل علينا عقب كل مجزرة يرتكبها، ليبرر غاراته الدموية بزعم وجود مقاومين في المناطق التي يقصفها، علماً بأنها خيام بدائية لا تقوى حتى على مواجهة الرياح والأمطار».
وأضاف لـ»الشرق»: «لم يسلم أحد في قطاع غزة من آلة الدمار والقتل الإسرائيلية، هم يدعون في إعلامهم الكاذب، السماح بدخول المساعدات، والحقيقة أن شيئا من هذا القبيل لم نشهده منذ أكثر من شهر، وبدلاً من المساعدات، لا يصلنا إلا القذائف والصواريخ التي تدك خيام النازحين».
وتمضي الأيام صعبة وقاسية على المواطنين والنازحين في شمال غزة، إذ يتعرض مخيم جباليا وبلدتي بيت لاهيا وبيت حانون لقصف هستيري، في حرب إبادة وتطهير وتهجير مستمر، كما يصفها ناجون من الغارات المتواصلة على مدار الساعة.
وخلال 410 أيام من العدوان الغاشم، ألقت طائرات الاحتلال الحربية عشرات آلاف القنابل المتفجرة والصواريخ، لتتخطى حسب تقديرات باحثين ومختصين، قنبلة هيروشيما الذرية، بنحو خمسة أضعاف، فارتقى من جراء ذلك 43554 شهيداً، بينما أصيب ما يزيد على 102800 ولا تزال معطيات المفقودين مرعبة، مع استمرار متوالية الحرب.
ولا يكتفي كيان الاحتلال بما يرتكبه من مجازر دموية وقتل وتدمير ضد شعب أعزل، بل يسعى بكل صلف لمواصلة سياسته العنصرية، الهادفة لاقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، فيضغط بالنار في شمال قطاع غزة، رافضاً عودة النازحين إلى منازلهم، ما يؤشر على مساعيه التطهيرية.
غزة الجريحة، ليلها كنهارها، فلا وقت فيها للنوم أو استراحة محارب، والنازحون يراوحون بين القصف والدمار 24 ساعة في اليوم، وباتت سماء غزة مسرحاً مفتوحاً لا يسمع فيه إلا هدير المقاتلات الحربية، فأي حرب غدت طاحونة دم ودمار، لا سقوف لها.