بين حقول من الألغام، يتنقل المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين، من بيروت إلى تل أبيب، تحفه مؤشرات سلبية والقليل من الإيجابية، بنجاح مهمته لوقف إطلاق النار في بلاد الأرز، إذ وفق الدبلوماسي الأمريكي نفسه، فالحل أصبح في متناول اليد، لكن على الأرض لا يوجد ما يؤشر على ذلك.
جولة هوكشتاين، التي بالكاد أفلتت من تأجيل لوح به مراراً، في إطار ما بدا وكأنه ضغط الساعات الأخيرة من الإدارة الأمريكية، وتحت عنوان «الوقت للقرار والتفاوض تحت النار» تحوم الشكوك بنجاح مسعى وقف النار في لبنان، إذ لم تكتمل صورة الاتفاق، وما زالت تتأرجح ما بين السيادة اللبنانية، وتنفيذ القرار 1701. وإذ تأتي جولة هوكشتاين تحت سحب الدخان التي تغطي سماء غزة وبيروت، تثور المخاوف من ترك حبال الحرب على الغارب، وأقله إلى ما بعد تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في 20 يناير المقبل، خصوصاً وأن كيان الاحتلال لا يزال ينتهج سياسة الحرق المبكر، لأي مبادرة سياسية. وفيما تستغرب أوساط سياسية، ما يشاع أمريكياً بأن الحل أصبح قريباً على جبهة لبنان، يحذر مراقبون من التعاطي بثقة مع هذه الأجواء، محذرين من تكرار السيناريو التفاوضي للعدوان على غزة، إذ سبق وأن زعمت واشنطن بأن التفاهم بشأن حرب غزة بات وشيكاً، لترتد عليها أخبارها بتصعيد استباقي إسرائيلي يجردها من مصداقيتها.

العيون ترقب حفر واشنطن وتنقيبها عن الحل في بيروت، لكن ماذا عن جبهة غزة التي يتسع فيها حزام النار، وتتعمق فيها المأساة الإنسانية؟.. هل تبقى كلاعب احتياط، وفي المقاعد الخلفية لهذا الحراك؟.. وهل تنجح واشنطن في كسر وحدة الساحات بين غزة وبيروت؟. يجيب الكاتب والمحلل السياسي محمـد التميمي، بأن المساعي الأمريكية تتجاهل لب الصراع، وتسعى لتفكيك الموقف الموحد بين غزة ولبنان، بحيث لم نلمس الجدية في إنهاء الحرب، فالإدارة الأمريكية الحالية باتت تعد الأيام للرحيل، وبالتالي فهي تفضل ترك هذا الملف للرئيس ترامب، مبيناً أن ما يعيق الحل، ظهور أمريكا كما لو أنها طرف إسرائيلي وليس كوسيط نزيه.
ولفت التميمي إلى أن المبادرة الأمريكية للحل، تهدف إلى خلق فجوة بين غزة وبيروت، وتعزيز فكرة المسارات المنفصلة، ولا تبدي واشنطن ما يؤشر على نيتها وقف الحرب على كلا الجبهتين، مشدداً: «الحراك الجاري ما هو إلا خطوة استباقية لأي تحرك سياسي دولي يمكن أن يطرح لمحاسبة دولة الاحتلال، أو فرض عقوبات عليها لارتكابها جرائم حرب».
«مبادرة ملغومة وتتضمن شروطاً تعجيزية لا يمكن القبول بها» هكذا علق الباحث المختص في الشؤون الإسرائيلية سليمان بشارات، إذ وصف الورقة الأمريكية بأنها مناورة سياسية، تخدم مصالح نتنياهو ومساعيه الرامية للحفاظ على الوضع القائم في كل من غزة وبيروت، حتى تسلم دونالد ترامب مفاتيح البيت الأبيض في 20 يناير المقبل، مرجحاً أن تستمر المناورات السياسية دون حلول حقيقية حتى ذلك الحين.