من الأصول العقارية إلى سوق لندن المالي مثلت المملكة المتحدة أرضا خصبة للاستثمارات القطرية التي تدفقت عبر السنوات، ليقفز المجال الاقتصادي إلى سلم الأولويات في العلاقات بين البلدين، ويمثل ركنا أساسيا ومتينا في مسيرة التعاون والشراكة الاستراتيجية الطويلة بين الدوحة ولندن، فلغة الأرقام أكدت ولا تزال هذه المكانة البارزة، كما أن تنوع الاستثمارات يعزز المصالح التي تجمع الطرفين.
وتتضمن المحفظة الاستثمارية لدولة قطر في المملكة المتحدة والبالغة قيمتها 40 مليار جنيه إسترليني -وفق الإحصائيات التي كشف عنها السيد جريج هاندز وزير الدولة للسياسة التجارية بوزارة الأعمال والتجارة البريطانية في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ في وقت سابق من العام الحالي- تنوعا كبيرا في القطاعات، حيث تشمل الاستثمار في الطاقة وفي مجال البنوك والخدمات المالية والاستثمار العقاري، بالإضافة إلى قطاع الطيران، كما ينتظر أن تتعزز قيمتها في السنوات القليلة المقبلة في ظل تنوع حضور القطاعين العام والخاص القطريين في منظومة الاستثمار البريطانية.
وفي هذا السياق، أكد السيد راشد بن حمد العذبة، النائب الثاني لرئيس غرفة قطر، على قوة العلاقات بين قطر والمملكة المتحدة، حيث تقوم هذه العلاقات على أسس راسخة وعميقة، وتشهد تطورا على كافة المستويات، وذلك في ظل الرغبة المشتركة بفتح آفاق أرحب للتعاون بين البلدين، وقال إن العلاقات الاقتصادية والتجارية في قلب هذه العلاقات، حيث تشهد التجارة بين البلدين نموا متزايدا بلغ أكثر من 10 مليارات ريال في العام الماضي 2023.
وأشار العذبة إلى أن البلدين على الصعيد التجاري تجمعهما علاقات تعاون وتحالفات اقتصادية ومشاريع مشتركة، حيث تعد دولة قطر من أهم المستثمرين في المملكة المتحدة، حيث تستقطب المملكة المتحدة عددا كبيرا من الاستثمارات القطرية المتنوعة، في المقابل تؤمن صناعة الغاز القطري نسبة مهمة من استهلاك بريطانيا سواء على مستوى الأفراد أم الشركات.
وعلى مستوى العلاقات بين القطاع الخاص في كلا البلدين، أكد النائب الثاني لرئيس الغرفة على أن رجال الأعمال القطريين ينظرون إلى المملكة المتحدة باعتبارها من الوجهات المتميزة الجاذبة للاستثمارات القطرية، مشيرا لاتساع مجالات القطاعات التي يمكن للطرفين إقامة مشروعات مشتركة فيها، مثل التطوير العقاري والضيافة، والرعاية الصحية، والتكنولوجيا، وغيرها.
وأكد على ترحيب غرفة قطر بتعزيز الاستثمارات والتحالفات والمشروعات القطرية البريطانية المشتركة، بما يساهم في زيادة نسبة مشاركة القطاع الخاص في حجم التبادل التجاري بين البلدين، مشيرا إلى استعداد غرفة قطر لمعاونة جميع المستثمرين من المملكة المتحدة الراغبين في دخول السوق القطري، والاستفادة من مناخ الأعمال المشجع والقوانين المحفزة، ووفرة الفرص الاستثمارية في كافة القطاعات بقطر، لا سيما في ظل وجود بنية تحتية على مستوى عالمي.
وتبين التقارير الدولية المتابعة لشأن الاستثمار القطري في بريطانيا امتلاك دولة قطر عددا كبيرا من العقارات التجارية في قلب العاصمة لندن عبر مجموعة "كناري وارف"، كما تملك 95% من برج "شارد" أطول ناطحة سحاب بأوروبا، وتشمل الاستثمارات القطرية في لندن القطاع التجاري من خلال متجر "هارودز" الشهير، والقرية الأولمبية، بالإضافة إلى حصص متفاوتة في عدد من الفنادق، مثل "سافوي"، و"إنتركونتننتال"، و"كلاريدجز".
كما تملك قطر حصصا استراتيجية في عدد من أهم الشركات والأصول البريطانية، مثل حصة 20% في مطار هيثرو بلندن، و22% من شركة سينسبري لمتاجر التجزئة، كما أنها أكبر مساهم بـ 20% في مجموعة "آي إي جي" المالكة للخطوط الجوية البريطانية، وتملك قطر أكثر من 6% من أسهم بنك باركليز، وحصة في شركة "رويال داتش شل" للطاقة، و9% من شركة "غلينكور" البريطانية السويسرية للتعدين وتجارة السلع الأولية.
وتعد محطة ساوث هوك للغاز الاستثمار الاستراتيجي الأضخم بين قطر وبريطانيا في مجال الغاز الطبيعي المسال، والتي أنشئت عام 2009 بالشراكة بين قطر للطاقة بنسبة 70% وشركة إكسون موبيل العالمية بنسبة 30%، حيث تقوم قطر بتأمين ما يقرب من 20% من احتياجات بريطانيا من الغاز الطبيعي سنويا.