نوه عدد من أصحاب الأعمال والخبراء من سلطنة عمان بزيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى مسقط، والتي جاءت لتؤكد على عمق العلاقات التي تجمع الشعبين الشقيقين أولا، وتفتح آفاقا جديدة لتعزيز التعاون الاقتصادي بين الدوحة ومسقط، القادرين على الارتقاء بمستوى الشراكات الثنائية إلى ما هو أفضل خلال المرحلة المقبلة، بالارتكاز على الإمكانيات الكبيرة التي يملكها كل طرف في الجوانب التجارية والاستثمارية.
وتوقع المتحدثون في استطلاع أجرته «الشرق» إسهام هذه الزيارة في توقيع المزيد من الاتفاقيات بين الطرفين، وإطلاق مشاريع جديدة تشمل مجموعة من القطاعات الرئيسية من بينها الطاقة، السياحة، بالإضافة إلى التكنولوجيا، والصحة، والزراعة الذين يطرحون فرصا كثيرة من الممكن الاستفادة منها مستقبلا، والارتكاز عليها في تحقيق الرؤى المستقبلية لكلا البلدين، وأهمها تلك المتعلقة بتعزيز مصادر الدخل.
- استثمارات ناجحة
وفي تصريحاته لـ»الشرق» أشاد محمد حسن العنسي اليافعي رئيس لجنة سوق العمل في غرفة تجارة وصناعة سلطنة عمان بزيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى مسقط، والتي تعتبر من الزيارات ذات الأبعاد المختلفة، والشاملة للعديد من القطاعات، وفي مقدمتها الاقتصاد الذي يشهد إقامة مجموعة من المشاريع المشتركة بين الدولتين بهدف تعزيز العلاقات التجاريه والاستثمارية بين مسقط والدوحة، مؤكدا على أن نجاح هذه الاستثمارات يعد دليلا واضحا على مدى إيجابية العلاقات التي تربط كلا البلدين.
وتابع العنسي أن الاستثمارات القطرية في سلطنة عُمان حققت نموا مستمرا طيلة الأعوام الماضية، ما يعكس فعلا الرغبة الجامحة في النهوض بالتعاون الاقتصادي والتجاري مستقبلا، وبالأخص مع توفر كل الإمكانيات المساعدة على تحقيق تعاون مثالي يخدم مصالح كلا البلدين، متوقعا بأن تلعب هذه الزيارة دورا بارزا في توقيع المزيد من الاتفاقيات في مجالات التجارة، الطاقة، السياحة، بالإضافة إلى البنية التحتية، والزراعة.
من جانبه وصف سالم الجهوري الزيارة بالخطوة الفعالة لتعزيز العلاقات الأخوية التي تجمع البلدين في مرحلة حساسة سياسيا واقتصاديا، بالنظر للتقلبات التي يشهدها العالم، قائلا بأن هذه الخطوة كانت منتظرة بكل فخر واعتزاز من طرف الشعب العماني المرتبط كثيرا بإخوته في قطر، الأمر الذي سيعمل على تأكيد إنجاح هذه الزيارة، التي تهدف إلى تحسين العمل الثنائي بين الدوحة ومسقط، في مختلف المجالات بما فيها الاقتصاد الذي يعد أحد أبرز الأعمدة التي يبني عليها كلا البلدين مستقبلهما.
وأضاف الجهوري أنه وبغض النظر عن المستوى المميز الذي بلغه حجم التعاون بين البلدين في الفترة الماضية، إلا أننا مطالبون بترسيخ المزيد من الجهود خلال المرحلة القادمة من أجل الارتقاء إلى ما هو أفضل في القطاع الاقتصادي، من خلال استغلال المعطيات والمزايا الكثيرة التي تنفرد بها الدوحة ومسقط وغيرها من العواصم الخليجية الأخرى، التي تأتي أكثر استقرارا وأمنا على الصعيد العالمي، ما بإمكانه الإسهام في جذب المزيد من المستثمرين في كل من قطر وسلطنة عمان.
وأكد الجهوري تطلع الجهات المسؤولة في كل من مسقط والدوحة إلى تقوية الشراكات الاقتصادية، والسير بها نحو ما هو أحسن، عبر الارتكاز على الإمكانيات الموجودة، والتي من شأنها تغيير المشهد، حيث تملك السلطنة قدرات لا متناهية، ما يجعل منها وجهة استثمارية مميزة بالنسبة لقطر، ذاكرا على سبيل المثال لا الحصر موانئها الثلاثة، ما يجعل منها بديلا لمضيق هرمز، إلى جانب وجود شبكة رائعة من الطرق بإمكانها نقلك من محافظة لأخرى في وقت قياسي، إضافة إلى المناطق الحرة المتقدمة، ما يزيد من تحفيز قطر على ضخ المزيد من الاستثمارات في السلطنة، ودعم مشاريعها الموجودة ومن بينها مصنع كروة لتصنيع الحافلات، ومنتجع الديار في رأس الحد في جنوب الشرقية، متوقعا أن تشكل قطاعات الصحة والتكنولوجيا والطاقة الوجهة المستقبلية للتعاون بين البلدين.
بدوره قال نوح بن ياسر المعمري رئيس قسم الاقتصاد والسياسة في جريدة عمان: تعكس الزيارة عمق العلاقات الثنائية وتبرز حرص القيادتين الحكيمتين على تعزيز أواصر التعاون والمصالح المشتركة مع تعزيز الروابط الثقافية والاجتماعية بين البلدين، حيث يتوقع أن تحمل الزيارة توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين في العديد من المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية بما يخدم مصالح البلدين وينمي فرص التعاون المشترك.
- الرؤى المستقبلية
وتركزت الشراكات القطرية العمانية حسب المعمري على قطاعات حيوية مثل الطاقة، والفنادق، والسياحة، والنقل، واللوجستيات، والعقارات، فيما بلغ حجم الواردات القطرية إلى سلطنة عُمان حتى أكتوبر 2024 حوالي 708 ملايين ريال عُماني أي 6.7 مليار ريال قطري، بينما سجلت قيمة الصادرات العُمانية غير النفطية إلى قطر حتى نهاية نوفمبر 2024 حوالي 1.9 مليار ريال قطري، في حين بلغ عدد الشركات القطرية المساهمة في سلطنة عمان 214 شركة بنسبة 65.8 % من إجمالي رأس المال المستثمر، يأتي هذا النمو المتواصل سنويا في الاستثمارات بين البلدين ليساهم في دعم النمو الاقتصادي، وتحقيق التكامل الاقتصادي، وتعزيز المصالح المشتركة.
وأكد المعمري إسهامات هذه الاستثمارات المتبادلة في تحقيق الرؤى المستقبلية للبلدين وهي تقليل الاعتماد على الموارد الطبيعية مثل النفط والغاز، من خلال تطوير قطاعات جديدة كالصناعة، والسياحة، والتكنولوجيا. ودعم التعاون التجاري والمالي، لإيجاد مزيد من فرص العمل بين الشباب في كلا البلدين، وهو ما سيهدف إليه المنتدى الاقتصادي العماني القطري بحضور أصحاب المعالي والسعادة ورجال الأعمال لبحث تعزيز بيئة الاستثمارات، وزيادة الشراكات بين الجانين في القطاعات الحيوية مثل الطاقة، والضيافة، والسياحة، والنقل، بالإضافة إلى اللوجستيات، والعقارات، والمشاريع الناشئة، واصفا هذا المنتدى بمنصة عرض المشاريع والفرص الاستثمارية في كلا البلدين.
- مشاريع الصحة
من ناحيتها نوهت إيمان بنت حمد الغافري رئيس قطاع الصحة في غرفة تجارة وصناعة سلطنة عمان بزيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى مسقط، والتي ستكتب صفحة جديدة في كتاب الروابط القوية بين البلدين، وتشكل خطوة أخرى نحو مستقبل أفضل بالنسبة لقطر والسلطنة في مختلف القطاعات، وبالذات المتعلقة منها بالاقتصاد الذي لا يزال يشكل أرضا خصبة للمزيد من الاستثمارات المشتركة، في مجموعة من المجالات من بينها الصحة التي قد تشهد إقامة المزيد من المشاريع الثنائية، بعد نجاح الاستثمارات السابقة، في صورة شركة فليكس الموجودة على مستوى المنطقة الحرة، والتي تمكنت من تقديم إضافة واضحة في جانب الصحة داخل سلطنة عمان.
وبينت الغافري تلاقي قطر مع سلطنة عمان في العديد من المحاور التي تخدم الرؤى المستقبلية في كل من الدوحة ومسقط، ما يعزز الإيجابيات الكثيرة التي ستعود بها هذه الزيارة على الواقع الاقتصادي في البلدين، اللذين ارتبطا بعضهما البعض تاريخيا في مجالات عديدة، متوقعة إسهام هذه الزيارة في إطلاق المزيد من الاستثمارات المشتركة، بالذات من طرف ممثلي القطاع الخاص الذين سيعملون ودون أي أدنى شك على الاستفادة من الطريق الذي تعبده مثل هذه الزيارة، وترجمة النوايا التطويرية الموجودة حاليا إلى مشاريع على أرض الواقع.