استعرض مشاركون في المؤتمر الدولي الثاني حول الحرية الدينية وصنع السلام المنعقد حاليا بالدوحة، أبرز التحديات التي تواجه السودان، وأسباب الصراعات التي أودت بحياة الأبرياء، مشددين على ضرورة ترتيب التحديات المستقبلية التي تواجه السودان، على صعيد الهوية وبناء إطار مجتمعي قومي يتسع للجميع.
جاء ذلك خلال جلسة حوارية خاصة لمناقشة تحديات الأزمة السودانية اليوم، وذلك على هامش أعمال المؤتمر، الذي ينظمه مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، بالتعاون مع شبكة جيران متعددي الأديان، على مدى ثلاثة أيام، تحت شعار "من الحرية الدينية إلى المسؤولية الدينية: بناء السلام في عالم متصارع".
وبين المشاركون في الجلسة أن أزمة الهوية تعد من الأسباب الجذرية للصراعات في السودان، مؤكدين ضرورة ترسيخ مفهوم "الهوية الوطنية الجامعة" لتكون ركيزة أساسية لبناء سودان موحد.
وأبرزوا خلال الجلسة أهمية تعديل المناهج الدراسية لتعزيز قيم التعايش والسلام، وتنظيم حملات إعلامية لمكافحة خطاب الكراهية الذي أفرزته الحرب الدائرة حاليا، فضلا عن أهمية وضع الوحدة الوطنية كركيزة أساسية لبناء الدولة السودانية الحديثة، لمنع الانقسامات والتفكك الوطني.
وأوضحوا أن الوحدة الوطنية يتوجب وجودها كخيار نابع من مبدأ الحس الوطني الجماعي، لافتين إلى أن الوصول لهذه المرحلة، يحتاج لآلية عمل متصاعدة، وسياسات عملية مجسدة على أرض الواقع، لضمان مشاركة جميع السودانيين في بناء الدولة، وهذا يتطلب من الدولة تعزيز الشفافية، وتقليل الفجوات التنموية بين الأقاليم المختلفة.
كما تطرقت الجلسة إلى التقارير الأممية التي أفادت بأن هذه الحرب دمرت نسبة كبيرة من البنى التحتية في مناطق النزاع، حيث تم تدمير أكثر من 60 بالمئة من المرافق الصحية والتعليمية، وفي هذا الصدد أكد المشاركون أن إعادة الإعمار يتطلب خطة واضحة تبدأ بحصر الأضرار، وتحديد الأولويات، مثل: إعادة بناء المدارس والمستشفيات والطرق، فضلا عن تعويض المتضررين عن الخسائر الجسيمة، وتفعيل مبدأ الشفافية بإدارة المساعدات.
ونوهت التقارير الأممية إلى تدمير أكثر من 90 بالمئة من المستشفيات التي أصبحت اليوم خارج الخدمة، إلى جانب حذف الذاكرة الوطنية السودانية المتعلقة بالتراث المحلي والقومي والتاريخي، ومسح جميع السجلات العقارية التي تثبت ملكية المواطنين لممتلكاتهم ومنشآتهم الخاصة.
وتحدث مشاركون خلال الجلسة عن الأبعاد النفسية والاجتماعية التي تسببت فيها الحرب من جرائم مروعة وبشعة، وأبعادها الضاغطة على الشعب والأجيال الجديدة على وجه الخصوص، ما يتطلب وجود آليات حقيقية للتهيئة قبل مسألة السلام.
وفي سياق آخر، أشار المشاركون، إلى الثروات التي يتمتع بها السودان وتتمثل بالأرض الخصبة والمياه العذبة، والثروات الطبيعية في باطن الأرض كالذهب، فضلا عن الموقع الجغرافي الإستراتيجي.
وأكدوا ضرورة إدارة التعدد السكاني في السودان على مبدأ وحدة الأصل، في ظل التنوع الذي انتهزته التدخلات الإقليمية لنشر الفوضى والدمار لتحقيق مصالحها.