■ الأمن القضائي يختص به القضاء المدني والجنائي والإداري

■ الأمن القضائي يساهم في تحقيق جودة الأحكام واستقرار الاجتهاد\

■ القضاء حقق التحول الرقمي لتوطيد العدالة الإلكترونية



قال المحامي يوسف الزمان: منذ أن اضطلعت الدولة بمهمة العدالة أصبح حل المنازعات وإقامة العدل في المجتمع من أهم واجبات الدولة الحديثة وما دام القضاء عملاً عامًا تستأثر الدولة بتنظيمه وممارسته فقد وجب أن يكون ميسورًا للأفراد من مختلف نواحيه، سهل الإجراءات، وأن يكون في متناول الكافة، وألا يكون باهظ التكالیف، ذلك أن القضاء هو صمام أمن المجتمع، وهو لا يقل أهمية عن الدفاع، والتعليم والصحة، إذْ العدالة أمر يمس صميم حياة الناس في الدولة الذين يجب أن تتوافر لهم الضمانات اللازمة من أجل اقتضاء حقوقهم وحماية أرواحهم وأموالهم.
وأضاف أنّ دولة قطر شهدت تطورات اقتصادية واجتماعية ونهضة يشار لها بالبنان على أصعدة مختلفة مسايرة ومتكافئة في هذه النهضة مع الدول المتقدمة خاصة باعتماد أجهزتها ومؤسساتها وبشكل كبير على الوسائل التكنولوجية الحديثة في الكثير من الإجراءات والخدمات التي تختص بها الدولة وشمل ذلك كافة السلطات ومن ضمنها السلطة القضائية الممثلة في المحاكم على جميع درجاتها وأنواعها وبالأخص رقمنة إجراءات التقاضي والمحاكمات عبر الوسائل الإلكترونية الحديثة.

وأكد أنّ المجلس الأعلى للقضاء حقق إنجازات عديدة منذ العام 2019 وحتى تاريخه بتحقیق التحول الرقمي وتوطيد العدالة الإلكترونية تمثلت في الخدمات الإلكترونية العديدة لتشمل الانتقال إلكترونيًا بتقديم طلبات افتتاح الدعاوى وسداد رسومها وإيداع المذكرات وتبادلها واستلام صور محاضر الجلسات والأحكام والقرارات الأخرى.
وهكذا أصبحت الدعاوى القضائية تقيّد إلكترونيًا، وتُحمل المستندات والوثائق مباشرة في النظام مما وفر الوقت والجهد على المتقاضين.

وأشار إلى أنّ التحول الرقمي قد مضى عليه أكثر من أربعة أعوام (منذ عام 2019) في النظام القضائي القطري بما يتطلب الأمر في اعتقادنا إجراء تقييم سريع للفترة الماضية من عمر التحول من القضاء التقليدي إلى القضاء الإلكتروني، للتأكد من مدى الالتزام بضمانات التقاضي ومراعاتها واحترامها خاصة مبادئ المساواة والمواجهة، وحق الدفاع، والعلانية وعلى وجه العموم المحافظة على الأمن القضائي بمعناه الواسع الشمولي والذي يستفيد منه المتقاضي بصفة خاصة والنظام القانوني بصفة عامة، وهو ما يعكس ثقة المتقاضين بالقضاء والاطمئنان لما يصدر عنه من قرارات وأحكام وهو بصدد قيامه بمهامه المتمثلة في تطبيق القانون على ما يعرض عليه من قضايا ومنازعات مختلفة.


   - الأمن القضائي
وأوضح أنّ الأمن القضائي بمعناه الواسع يعني، ذلك الشعور الذي يسكن كل شخص - طبيعيًا كان أم معنويًا - والذي يخوله الثقة في المؤسسة القضائية، لأنها تجعل سيادة القانون فوق كل اعتبار وبمعنى آخر: شعور يتصل بالمتقاضي يُدخل عليه الأمن والأمان، وهو بصدد التقاضي لدى الهيئات القضائية وإحساسه بأن حقه بأيدٍ أمينة وآمنة تحفظ له حقه وحق غيره.
وقد عُرف من الفقهاء القانونيين بأنه: الثقة في الجهاز القضائي لكل ما يصدره من أحكام وقرارات وأوامر بهدف ضمان الحماية القانونية لحقوق المتقاضين وسهولة التجائهم إلى مرفق القضاء، وسهولة الإجراءات وقرب المواعيد وحسن تعامل الموظفين والقضاة معهم، وتسبيب الأحكام القضائية والقرارات الإدارية التي بموجبها يُضَمن القاضي حكمه بالأسباب المتصلة بالوقائع والقانون المؤدية إلى إصدار المنطوق وتبرير صدوره.
 وأشار إلى أنّ المستفيد من الأمن القضائي هو المتقاضي بصفة خاصة والنظام القانوني بصفة عامة، وهذا ما يعكس ثقة المتقاضين بالقضاء والاطمئنان لما يصدر عنه من قرارات وأحكام وهو بصدد قيامه بمهامه المتمثلة في تطبيق القانون على ما يعرض عليه من وقائع وقضايا والأمن القضائي يختص به القضاء المدني والجنائي والإداري، ومن هنا فإن للأمن القضائي أهمية بالغة في: وجود قضاء عادل ونزيه يأمن الأفراد في ظله على حقوقهم، ويساهم الأمن القضائي في تحقيق جودة الأحكام واستقرار الاجتهاد.






    - محافظة القضاء الإلكتروني على العدالة
 وأضاف: لقد أصبح مواكبة القضاء لتكنولوجيا العصر الرقمي ضرورة حتمية في المحاكم بجميع أنواعها ذلك أنه من أهم المبادئ التي ترتكز عليها العدالة مبدأ عدم البطء في حل المنازعات لأن العدالة البطيئة نوع من الظلم، وغدت العدالة الإلكترونية تمتاز بمزايا منها عدم الحاجة للانتقال إلى مقرات المحاكم لقيد ورفع الدعاوى ومتابعة إجراءاتها ويتم تبادل المذكرات والمستندات عبر الإنترنت، كما أن التقاضي الإلكتروني يوفر على الخبراء وغيرهم الوقت في تقديم تقاريرهم ومناقشتها، ويستطيع المتقاضي والمحامي من مكتبه الدخول على موقع المحكمة ومتابعة الدعوى بما ساعد وساهم كل ذلك في تقصير وتحجيم أمد التقاضي ووضع حد للتأجيل والتسويف والمماطلة من الخصوم بهدف إطالة أمد النزاع دون ضرورة أو حاجة.


    - التقاضي الإلكتروني
 وقال: إنّ تطبيق نظام التقاضي الإلكتروني يقضي على كل أبواب المخالفات الإدارية التي قد تحصل داخل المحاكم، إذ إن الإجراءات متاحة للجميع وعلى قدم المساواة عبر الموقع الإلكتروني دون التعامل مباشرة مع الموظفين.
صفوة القول إن العدالة الإلكترونية حققت الكثير من المتطلبات التي كان ينشدها ويتطلع إليها فقهاء وخبراء قانون المرافعات بالبحث عن طرق لتبسيط الإجراءات الشكلية التي تتطلبها الخصومات القضائية أمام المحاكم، وجاءت آلية التقاضي الرقمي واحدة من أهم الوسائل التي تحقق تبسيط الإجراءات القضائية بالشكل الذي يضمن سرعة الفصل في المنازعات عن طريق التكنولوجيا الحديثة.


    - المبادئ الأساسية للتقاضي
ولفت إلى أنه لا تختلف العدالة الإلكترونية عن التقاضي العادي في احترام المبادئ الأساسية للتقاضي منها مبدأ المساواة والمواجهة بين الخصوم واحترام حقوق الدفاع وتسبيب الأحكام وهي مبادئ متحققة في القضاء الإلكتروني.
وهناك إجماع لدى فقهاء قانون المرافعات على أن استخدام التقنية الإلكترونية للتقاضي سيضمن تحقيق المساواة كون هذه التقنية تقوم على الآلة التي تعد عملية ومحايدة بما يضمن انتفاء المحاباة أو المحسوبية بإهمال الموظفين أو انحرافهم أو تواطئهم مع الخصوم لتعطيل الإجراءات وفقد الأوراق والمستندات، والمساواة الإجرائية بين الخصوم تتحقق بمنح الخصوم فرصًا متساوية لإبداء طلباتهم ودفاعهم.
وحق الدفاع بتمكين الخصوم من إبداء رأيهم والدفاع عن حقوقهم من خلال منحهم الفرصة والوقت الكافي لعرض موقفهم أمام المحكمة لا يختلف الأمر بشأنه سواء في القضاء التقليدي أو القضاء الإلكتروني بالإضافة إلى حق العلم بأن يعلم الخصم أو يمكن أن يعلم بما أبداه خصمه من وسائل دفاع وحجج وذلك بوقت كاف ليمكنه الرد على خصمه.


    - التطبيق يقرر هذا الحق للمتقاضي
وأوضح أن التطبيق العملي في المحاكم القطرية يقرر هذا الحق للمتقاضين سواء بالجلسات التي تُعقد كمرحلة من مراحل التقاضي الإلكتروني والتي تأتي بعد مرحلة قيد الدعاوى إلكترونيًا وتبادل المذكرات والوثائق فيما بين الخصوم وهو يضمن للأطراف الترافع عن طريق تقديم المذكرات والمستندات والمرافعة أو عن طريق إيداع المذكرات والمستندات للرد على ما يقدم من الأطراف الأخرى في الدعوى عن طريق النظام الإلكتروني.
مع التأكيد على ضرورة أن المحاكمات الجنائية تتطلب مساحة أوسع من المواجهة والعلانية وكذلك سماع الشهود ومناقشتهم وجهًا لوجه في ساحات المحاكم.


   - النتائج الإيجابية لإجراءات التقاضي إلكترونيًا
وعن النتائج التي حققها التقاضي الإلكتروني قال المحامي يوسف الزمان: لا ريب في أن إدخال النظام الإلكتروني على إجراءات التقاضي يسَّرَ الكثير من تلك الإجراءات على المتقاضين، خاصة مكاتب المحاماة سواء في إجراءات قيد الدعاوى وتقديم المذكرات والمستندات والطلبات إلكترونيًا، دون عناء وبطريقة سهلة وسريعة وفرت الكثير من الجهد والوقت على المحامي وموظفيه من الانتقال اليومي إلى مقرات المحاكم وفروعها وأقسامها المختلفة.
 وهو الأمر الذي لا تستثنى منه رقمنة إجراءات التقاضي والانتقال من الإجراءات التقليدية المقننة في قانون المرافعات المدنية والتجارية إلى القضاء الإلكتروني والأجهزة والحواسيب الإلكترونية عبر الضغط على مفاتيح ولمسها بالأصابع ليكتمل للإجراء المطلوب مقومات تنفيذه وإحداث أثره القانوني المطلوب.
والواقع العملي أفرز ولا يزال يفرز العديد من المشكلات الناتجة عن إخفاق أجهزة الكمبيوتر للمواقع الإلكترونية من استكمال الخطوات المطلوبة لينتج الإجراء المطلوب متطلباته إلكترونيًا لإحداث أثره المطلوب قانونًا وهي أمور حرصت المحاكم على علاجها وتلافيها بعد ظهورها.


   - توطيد دعائم التقاضي
وأوصى المحامي يوسف الزمان بتوطيد دعائم التقاضي الإلكتروني، وقال: أهيب بالمشرع القطري بالعمل على صياغة مشروع قانون وإصداره ينظم التقاضي الرقمي الإلكتروني لأنه مع غياب تشريع خاص ينظم التقاضي الإلكتروني لن تكون هناك حجية قانونية للكثير من الإجراءات الإلكترونية والآثار التي ترتب عليها ما لم تقنن القواعد الإجرائية الإلكترونية في التقاضي.

ووجوب أن يتضمن هذا القانون تنظيمًا كاملاً لرفع الدعاوى إلكترونيًا بداية من رفع الدعوى وحتى إصدار الأحكام فيها وطرق الإعلان إلكترونيًا، وتبادل المذكرات والمستندات إلكترونيًا ومحاضر الجلسات الإلكترونية وطرق الإثبات الإلكترونية وإجراءات الطعن على الأحكام إلكترونيًا وجميع الإجراءات المتعلقة بالتقاضي إلكترونيًا وكيفية معالجة الأخطاء التي قد تتسبب فيها المواقع الإلكترونية من الناحية الواقعية وآثارها القانونية.
وشدد على ضرورة التواصل المفتوح بشأن أداء المحاكم لضمان نيل احترام وثقة وطمأنينة المتقاضين والجمهور بصفة عامة والمتعاملين مع المحاكم وأصحاب المصلحة وأصحاب المهن القانونية لتعزيز وجهات النظر في تطوير عمل المحاكم إلى الأفضل دائمًا واستمراريته.