■ أتطلع للمساهمة في تحقيق رؤية قطر الوطنية نحو مستقبل مستدام ومزدهر
أعربَ الدكتور الشيخ مشعل بن جبر بن محمد بن جبر آل ثاني الحاصل على الجائزة البلاتينية في التميز العلمي فئة حملة شهادة الدكتوراه - جامعة حمد بن خليفة عن فرحته الغامرة بالفوز بالجائزة التي تعد أرفع تكريم أكاديمي يحصل عليه المتميزون من أبناء الوطن، عاقدين العزم على مواصلة التميز والعطاء من أجل خدمة الوطن والمساهمة في تحقيق رؤية قطر الوطنية 2030.
وقال د. مشعل، في حوار له مع "الشرق"، إن الجائزة تمثل نقطة انطلاق لمزيد من التميز له في المستقبل، معبراً عن شعوره بالفخر والاعتزاز للحصول على أعلى وسام أكاديمي في الدولة، مؤكداً أن الجائزة تعكس اهتمام القيادة الحكيمة بأبنائها المتميزين لا سيما في مجال البحث العلمي. كما أعرب عن فخرِه وسعادتِه بمُصافحة حضرةِ صاحبِ السُّموِّ الشَّيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المُفدَّى قائلاً: "إنه لشرف كبير لي أن أقف اليوم مكرماً من قبل حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى. هذا التكريم ليس مجرد تقدير لشخصي، بل هو تقدير لرحلة طويلة من البحث والعلم والعمل الجاد في مجال الطاقة المستدامة. أن أكون بين المتميزين في قطر هو حافز كبير لمواصلة العطاء والمساهمة في دفع عجلة التنمية المستدامة في بلدنا الحبيب. قطر تحتضن الابتكار والتميز في جميع المجالات، وهذا التكريم يعكس اهتمام الدولة وقيادتها الرشيدة بالعلم والعلماء، وبناء مستقبل مستدام للأجيال القادمة".
وجاء نص الحوار كالتالي :-
• نرحب بكم، دكتور مشعل، ونود تهنئتكم على جائزة التميز العلمي. كيف تصف شعورك بالحصول على هذه الجائزة المرموقة؟
شكراً جزيلاً. إن حصولي على هذه الجائزة يشعرني بالفخر والامتنان. فهي تمثل اعترافاً بالجهد الذي بذلته في البحث العلمي، وخاصة في مجال الطاقة المستدامة. كما أنها تحفزني على مواصلة العمل لإحداث تأثير إيجابي وفعّال في مجالي الأكاديمي والعملي ونشر التوعية بمواضيع التحول إلى الاقتصاد المستدام.
• كيف ترى دور جائزة التميز العلمي في تحفيز الطلاب؟
هذه الجائزة تمثل مصدر إلهام كبير للطلبة، سواء على مستوى البكالوريوس أو الدراسات العليا، وبصفة خاصة طلبة الدكتوراه. عندما يرون تكريم العلماء والباحثين الذين قدموا إسهامات بارزة، يدركون أن الجهد والعمل الجاد سيؤتي ثماره. الجائزة ليست فقط تقديراً للأبحاث والإنجازات الأكاديمية، بل هي حافز قوي يدفع الطلبة لتقديم أفضل ما لديهم، والمشاركة في بناء مستقبل قطر من خلال الإبداع والابتكار. بالنسبة لطلبة الدكتوراه، تأتي الجائزة كدليل واضح على أهمية البحث العلمي في خدمة المجتمع وتحقيق التنمية المستدامة. إنها تشجعهم على التفاني في أبحاثهم والعمل على إيجاد حلول للتحديات التي تواجهنا، سواء في مجالات الطاقة المستدامة أو غيرها من التخصصات. هذا التكريم يمنح الطلبة الدافع ليكونوا جزءاً من قصة نجاح قطر وللمساهمة في نهضتها العلمية والاقتصادية.
• ما هو مفهوم الاقتصاد المستدام وكيف تصفه في سياق الاقتصاد العالمي؟
مفهوم الاقتصاد المستدام هو مفهوم جديد وقد كان إسهامي به عن مخرجات الأبحاث التي قمت بها وقمت بطرح تعريف جديد وهو: "الاقتصاد المستدام هو نظام اقتصادي متوازن، ديناميكي، وقائم على القيم، يهدف إلى تلبية احتياجات الجيل الحالي ضمن الحدود البيئية والاجتماعية، دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها المستقبلية". في ظل التغيرات الاقتصادية التي نواجهها اليوم، لم يعد بإمكان الاقتصادات العالمية الاعتماد على النماذج التقليدية التي تهدر الموارد حيث أن التحول إلى اقتصاد مستدام يعد ضرورة لتحقيق التنمية الاقتصادية الكاملة والتي من خلالها يمكن تحقيق التنمية المستدامة.
• كيف ترى أهمية التحول إلى الاقتصاد المستدام بالنسبة لدولة قطر والمنطقة بشكل عام؟
التحول نحو الاقتصاد المستدام يمثل ضرورة استراتيجية لدولة قطر بشكل خاص ولمنطقة الخليج بشكل عام، وليس مجرد خيار تنموي. ويرجع ذلك إلى التحولات العالمية المتسارعة، والتحديات البيئية والاقتصادية التي تواجه الاقتصادات المعتمدة على الموارد الطبيعية. قطر والمنطقة تعتمد بشكل كبير على الموارد الطبيعية مثل النفط والغاز، ولكن التحول إلى الاقتصاد المستدام أصبح ضرورة لتأمين المستقبل. قطر تسعى من خلال رؤيتها الوطنية 2030 إلى تنويع اقتصادها وتقليل الاعتماد على الطاقة التقليدية، مع تبني مبادرات طموحة في مجال الطاقة المتجددة. هذه الخطوة ليست فقط للحفاظ على البيئة، بل لتعزيز مكانة قطر كدولة رائدة في الابتكار والاقتصاد المستدام في المنطقة.
• كيف ترى مستقبل الاقتصاد المستدام في قطر والمنطقة خلال السنوات القادمة؟
الاقتصاد المستدام في قطر ودول المنطقة الخليجية يمتلك مقومات قوية للنمو خلال السنوات القادمة، مدفوعاً بالتغيرات العالمية المتسارعة في الطاقة والاقتصاد، والالتزامات البيئية الدولية. ومع ذلك، يبقى التقدم مرتبطاً بمدى تنفيذ الإصلاحات الهيكلية وتفعيل الاستراتيجيات المعلنة. أعتقد أن قطر والمنطقة في طريقها إلى تحقيق تقدم كبير في هذا المجال حيث إن الاستثمارات الحالية في الطاقة المتجددة والبنية التحتية المستدامة ستضع الأساس لمستقبل أخضر. ومع تزايد وعي الحكومات والمجتمعات بأهمية الاستدامة، سنرى تحولاً حقيقياً نحو اقتصاد أقل اعتماداً على الموارد التقليدية، وأكثر تركيزاً على الابتكار والبيئة.
• كونك عاشق للاقتصاد ومتخصص في الطاقة المستدامة، كيف ترى العلاقة بين هذين المجالين في التحول إلى اقتصاد مستدام؟
الاقتصاد والطاقة المستدامة مرتبطان بشكل وثيق. لا يمكن فصل النمو الاقتصادي عن كيفية استهلاك وإنتاج الطاقة. التحول إلى اقتصاد مستدام يتطلب تغييراً في كيفية استغلال الموارد الطبيعية، بحيث نوفر بيئة تدعم التنمية الاقتصادية من دون الإضرار بالبيئة. الطاقة المستدامة هي أحد المفاتيح لتحقيق هذا الهدف من خلال خفض التكاليف البيئية وتحقيق نمو اقتصادي مستدام على المدى الطويل. الطاقة المستدامة ليست مجرد خيار بيئي، بل هي استثمار اقتصادي يضمن التنمية طويلة الأجل.
• ما هي الأفكار أو الابتكارات التي تركزت عليها أبحاثك في مجال الاقتصاد المستدام؟
في أبحاثي، ركزت على حلول مبتكرة لنشر التوعية حول التحول إلى الاقتصاد المستدام، حيث إن لدي 3 أوراق نوعية في مجلة علمية ومحكمة تساهم في نقل وجهة نظر قطرية تتضمن حلول التحول إلى الاقتصاد المستدام، كما سأقدم المزيد من الأوراق البحثية ولكن الأهم الاستفادة من هذه الأوراق واستغلالها إلى أبعد حد من أصحاب القرار. ركزت أبحاثي على تقديم تعريف ومصطلح جديد للاقتصاد المستدام من خلال مراجعة الأدبيات المتاحة واستطلاع آراء الخبراء.
كما قمت بتطوير أدوات واستراتيجيات عملية مبتكرة لدعم التحول نحو الاقتصاد المستدام في قطر، أبرزها مؤشر الاقتصاد المستدام (SEI) الذي يقيس التقدم في الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. تضمنت الأبحاث إطار التنويع الذكي لتوجيه الاستثمارات نحو القطاعات المستدامة، ونموذج الاقتصاد الدائري المتكامل لتقليل الهدر وتعزيز الكفاءة البيئية، بالإضافة إلى نموذج المرونة التكيفية لبناء اقتصاد قادر على التكيف مع التغيرات. كما ركزت الورقة على مبادرات التعليم من أجل الاستدامة لإعداد أجيال قادرة على قيادة التنمية المستدامة، إلى جانب تعزيز الكفاءة البيئية في القطاعات الإنتاجية، وإقامة شراكات بحثية دولية لنقل المعرفة والتكنولوجيا المتقدمة لدعم استدامة الاقتصاد القطري.
كما قمت بتحليل الوضع الحالي للاقتصاد القطري مقارنة بدول أخرى، وتحديد التحديات والفرص ووضع خارطة طريق استراتيجية عملية لتحويل الاقتصاد القطري من اقتصاد يعتمد على الموارد الطبيعية إلى اقتصاد مستدام يعتمد على التنوع والابتكار وتعظيم العوائد على الاستثمار في المعرفة والبنية التحتية.
• كيف تقيم جهود قطر في تعزيز الاقتصاد المستدام ؟
تظهر قطر التزاماً واضحاً بتحقيق التنمية المستدامة عبر استراتيجيات ممنهجة ومبادرات متعددة تدعم التحول إلى اقتصاد مستدام. يعتمد تقييم هذه الجهود على مراجعة المبادرات الحكومية، الأداء الاقتصادي، الاستثمار في الطاقة النظيفة، وتنمية رأس المال البشري. قطر حققت تقدماً ملحوظاً في مسار التحول إلى الاقتصاد المستدام من خلال رؤية قطر الوطنية 2030، التي ركّزت على تنويع الاقتصاد، الاستثمار في الطاقة النظيفة، وتطوير رأس المال البشري. كما عززت الاستثمار في الاقتصاد المعرفي عبر واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا وبرامج دعم الابتكار وريادة الأعمال. رغم هذه الجهود، يبقى الاعتماد على الموارد الطبيعية تحدياً، ما يتطلب تسريع التنويع الاقتصادي وتعزيز الوعي المجتمعي بممارسات الاستهلاك والإنتاج المستدامين.
• ما هي خططك المستقبلية فيما يخص البحث العلمي والاقتصاد المستدام؟
أطمح إلى الاستمرار في تطوير أبحاثي في مجال الاقتصاد المستدام، وأتطلع إلى المساهمة في تحقيق رؤية قطر نحو اقتصاد أكثر استدامة وازدهاراً.