■ فوزي بالجائزة مسؤولية لردّ الجميل إلى بلدنا ومجتمعنا وإنجاز تاريخي لمسيرتي العلمية والعملية
■ ضرورة اعتماد التحول الرقمي على تقنية الذكاء الاصطناعي الذي يعد اليوم عاملًا حاسمًا في ثورة التقنية الرقمية
■ السيادة التقنية لاتقل أهمية عن السيادة السياسية
■ التحكم في التكنولوجيا أصبح شرطًا أساسيًا للحفاظ على السيادة الوطنية والأمن الاقتصادي
فاز د. عبد العزيز الدوسري بجائزة التميز العلمي، حيث تم تتويجه في حفل جائزة يوم التميز العلمي في دورتها الثامنة عشرة لعام 2025، وذلك عن أبحاثه كطالب دكتوراه في كلية الهندسة بجامعة قطر. وفي غمرة سعادته بهذه الجائزة، فإنه لا ينسى التأثير الإيجابي لجامعة قطر في مسيرته المهنية والعلمية، والأفكار التي يسعى لإنجازها بصفته خريج جامعة قطر. وأكد د. عبد العزيز الدوسري على أن جائزة التميز العلمي تُكرّم المواطنين المتميزين في دولة قطر، الذين أظهروا نبوغاً في مجالات متنوعة، وتهدف هذه المبادرة إلى نشر ثقافة الإبداع والتميز في المجتمع القطري، وتشجيع الطلاب على السعي لتحقيق النبوغ الأكاديمي، وتعزيز التكامل بين الجهود الفردية والمؤسسية من أجل الارتقاء بمعايير منظومة التعليم في قطر، والتي تتجاوز المنظومات الأخرى في العالم.
- فخر والامتنان
ووصف شعوره قائلاً :" حقيقة أشعر بفخر كبير لفوزي بالجائزة، ومواصلة التفوق في مسيرتي المهنية، ولاشك أن تكريمي بأعلى جائزة علمية في الدولة وشرف لقاء حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي أضفت رعايته الكريمة على الحفل مكانة كبيرة لجوائز التميز العلمي، يبعث في نفسي شعوراً عميقاً بالفخر والامتنان، ويدفعني لمواصلة السير على طريق التميز والإبداع، وفي المقابل فإن هذه الجائزة تمثل مسؤولية كبيرة للفائزين بها لتقديم الأفضل دائما لمجتمعنا. كما أنني فخور أيضاً بالفوز بهذه الجائزة، لأنها كانت تنافسية للغاية، ولا يحصل عليها سوى متنافس واحد يحمل درجة الدكتوراه، أو متقدم واحد في المجال العلمي سنوياً.
- نظرة طموحة
وعن أهم نقاط بحث الدكتوراه الذي كان وراء تتويجه بجائزة التميز العلمي قال د. عبد العزيز ": تضمنت رسالة الدكتوراه وجود تحديات تعيق عملية التحول الرقمي للمؤسسات الأمر الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى فشل المشروع إن لم يتم التغلب على تلك التحديات ووضع الحلول الناجحة لها. إن النظرة الطموحة تواجه بتحديات عدة في تبني مشاريع التحول الرقمي، مما قد يؤدي إلى فشلها، مبينًا أن أساليب وأدوات التحول الرقمي التقليدي لم تعد مقبولة في ضوء التطورات الكبيرة في الذكاء الاصطناعي وحجم البيانات الهائل. وأشار إلى أن الدول الجادة في مقاربتها للتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، والجريئة في مبادراتها ومشاريعها المتعلقة بهذه التقنيات، تحقق استفادة حقيقية وتضمن لنفسها مكانة مرموقة في المستقبل التكنولوجي.
- تغييرات كبيرة
وأضاف قائلاً:" معوقات التحول الرقمي – بحسب الرسالة تتمثل أولًا في نقص الرؤية الاستراتيجية الواضحة مما أدى إلى عدم تحديد أهداف واضحة قابلة للقياس لتحقيق النجاح، وثانيًا في مقاومة التغيير في الوقت الذي يتطلب حدوث تغييرات كبيرة في الثقافة التنظيمية وفي كيفية أداء الأعمال، وثالثًا في نقص المهارات والقدرات الذي يعتبر عائقًا كبيرًا لتطبيق هذه التقنيات مما يوجه إلى الاستثمار في تدريب وتطوير مهارات الموظفين لضمان نجاح هذه المشاريع.
أما التحدي الرابع فهو يتمثل في البنية التحتية التكنولوجية غير الملائمة، حيث قد تواجه المؤسسات مشكلات في البنية التحتية التكنولوجية التي تكون قديمة أو غير قادرة على دعم التقنيات الجديدة، علمًا بأن تحديث هذه البنية التحتية يتطلب وقتًا وجهدًا واستثمارات كبيرة.
والتحدي الخامس هو مواجهة العديد من المؤسسات الصعوبة في إدارة البيانات بكفاءة واستخدامها لاتخاذ القرارات الاستراتيجية، فيما يتمثل التحدي السادس في ضعف التكامل بين الأنظمة حيث الصعوبة في التكامل بين الأنظمة والتطبيقات المختلفة، مما يؤدي إلى تعقيد العمليات وصعوبة تحقيق الفوائد المرجوة من التحول الرقمي.
أما التحدي السابع فهو يتعلق بالتمويل والاستثمار غير الكافي نظرًا لأن نقص التمويل يمكن أن يؤدي إلى تنفيذ غير كامل للمشاريع وبالتالي فشلها في تحقيق الأهداف، وأما التحدي الثامن والأخير فهو عدم التكيف مع الاحتياجات المتغيرة، حيث تحتاج المؤسسات إلى أن تكون مرنة وقادرة على التكيف مع الاحتياجات المتغيرة للسوق والعملاء.
- تقنية الذكاء الاصطناعي
أوضح د. عبد العزيز أهداف الرسلة قائلاً :" تهدف أطروحة الدكتوراه إلى دراسة التحول الرقمي دراسة متعمقة وذلك لفهم أسباب فشل مشاريع التحول الرقمي وتحديد ركائز نجاحها، حيث لا يكفي توفر الموارد المالية في نجاحها. وتطرقت الرسالة إلى ضرورة اعتماد التحول الرقمي على تقنية الذكاء الاصطناعي الذي يعد اليوم عاملًا حاسمًا في ثورة التقنية الرقمية، إذ يمكن أن يحدث تحولات جذرية في جميع جوانب حياة الإنسان والاقتصاد والمجتمع.
- برامج تدريبية مستمرة
وجهت الرسالة كذلك بالاهتمام أيضًا بأتمتة الإجراءات باستخدام ميكنة العمليات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي والتكامل لتحقيق تدفق سلس لعمليات الإجراءات، وتأهيل الكوادر البشرية وذلك عبر تقديم برامج تدريبية مستمرة لتطوير المهارات الرقمية لدى الموظفين، وتشجيعهم على الحصول على شهادات معترف بها في مجالات التقنية والذكاء الاصطناعي. وشددت على الاهتمام بالابتكار المستنبط من البيانات الرقمية وذلك باستخدام تقنيات تحليل البيانات لاكتشاف الأنماط والاتجاهات التي يمكن أن تقود إلى ابتكارات جديدة، وتطبيق تقنيات التعلم الآلي لتطوير حلول مبتكرة بناءً على البيانات المتاحة، وتعزيز ثقافة الابتكار داخل المؤسسة من خلال تشجيع التفكير الإبداعي والتجريب المستمر. وأكدت الرسالة في تفصيلها العميق على أهمية هذه الركائز في تحقيق التحول الرقمي الناجح المعزز بالذكاء الاصطناعي، حيث قدمت أمثلة عملية ودراسات حالة توضح كيفية تنفيذ هذه الركائز في المؤسسات الناجحة. كما تناولت الرسالة بعمق الجوانب التقنية والإدارية والثقافية التي يجب مراعاتها لضمان التكامل السلس بين هذه الركائز وتحقيق الأهداف الاستراتيجية للمؤسسة.
- السيادة التقنية
وأختتم الحوار بالحديث عن السيادة التقنية حيث قال د. الدوسري :" في عالم يعتمد بشكل متزايد على البيانات والذكاء الاصطناعي، أصبح التحكم في التكنولوجيا شرطًا أساسيًا للحفاظ على السيادة الوطنية والأمن الاقتصادي. الدول التي لا تمتلك بنيتها التحتية الرقمية المستقلة ولا تستثمر في توطين التقنيات الأساسية ستجد نفسها في موقف ضعف أمام القوى التكنولوجية الكبرى، حيث يصبح أمنها الرقمي واقتصادها مرتبطًا بقرارات خارجية لا تتحكم بها. ولكي نحقق السيادة التقنية يمكن التالي :
• تطوير بنية تحتية رقمية مستقلة من خلال إنشاء مراكز بيانات وطنية ومنصات سحابية محلية، مما يقلل الاعتماد على الشركات الأجنبية مثل AWS وGoogle Cloud، ويحمي البيانات السيادية.
• توطين التقنيات الحساسة عبر الاستثمار في الأبحاث والتطوير، ودعم الشركات الناشئة في الذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، والروبوتات، مما يحولنا من مستهلكين إلى منتجين.
• بناء تحالفات تقنية إقليمية تتيح تبادل الخبرات وتطوير أنظمة محلية قوية بدلاً من الاعتماد على التقنيات المستوردة، كما فعل الاتحاد الأوروبي في مشروع Gaia-X لضمان استقلاليته الرقمية.
السيادة التقنية لم تعد رفاهية، بل ضرورة استراتيجية. الدول التي لا تتحكم في تقنياتها وبنيتها الرقمية ستظل عرضة للتبعية التكنولوجية، في حين أن الدول التي تستثمر اليوم في امتلاك التكنولوجيا ستقود المستقبل الرقمي غدًا.