بدأت أمس، أعمال مؤتمر «استراتيجيات الدفاع للدول الصغيرة والقوى الأصغر: التكيفات التكتيكية والابتكارات العملياتية»، الذي تعقده وحدة الدراسات الاستراتيجية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، على مدى ثلاثة أيام. يبحث المشاركون في المؤتمر، من باحثين رائدين في الحقل وخبراء ممارسين من 28 دولة حول العالم، في عشر جلسات، مجموعة التحديات الأمنية والاستجابات المتاحة للدول الصغيرة والفاعلين غير الدولتيين في 30 دولة صغيرة وحالة دراسية. وبالاستفادة من دراسات الحالة المقارنة والإقليمية، من منطقة البحر الكاريبي إلى جنوب شرق آسيا، بما في ذلك الخليج والشرق الأوسط الأوسع، يحلل المشاركون الطبيعة المتغيرة لممارسات الدفاع في الدول الصغيرة والوسائل المبتكرة التي تستخدمها لمواجهة التهديدات الأمنية.
استُهل المؤتمر بكلمة افتتاحية ألقاها عمر عاشور، مدير وحدة الدراسات الاستراتيجية، رحّب فيها بالباحثين المشاركين والحضور، مشيرًا إلى نسبية مفهوم الصغير والأصغر واعتماده على حجم الطرف الآخر في المواجهات، وأن فكرة المؤتمر جاءت لسد بعض الفجوات المعرفية في أدبيات الموضوع، ويشمل ذلك التعريفات، إذ ما زالت الأدبيات حول الموضوع قليلة مقارنةً بالأدبيات حول اقتصاديات الدول وعلاقاتها الدولية.
ثمّ أوضح الأهداف الثلاثة الرئيسة التي يسعى المؤتمر إلى تحقيقها، وهي: أولًا، تقديم تحليلات متعددة المستويات، من الابتكارات التكتيكية إلى التحولات الاستراتيجية في مجالات الحرب السبعة (البرية والبحرية والجوية والفضائية والمعلوماتية-الاستخباراتية والسيبرانية والإلكترو-مغناطيسية)، يُربَط فيها بين الخبرات الميدانية في الخطوط الأمامية من ناحية، والنقاشات الأكاديمية في الخطوط الخلفية. ثانيًا، تقديم دروس مقارنة مستمدة من خبرات الجيوش النظامية للدول الصغيرة (أو الأصغر) والقوى غير الدولتية اللانظامية، ما يبيّن كيفية إنتاج التحديات المتشابهة، مثل القوى البشرية المحدودة أو الموارد الاقتصادية أو النفوذ الجيوسياسي، وتكيّفات استراتيجية متنوعة ومفاجئة في بعض الأحيان، وكذلك ابتكارات عملياتية وتكتيكية. ثالثًا، النظر بحثيًا في كيفية تأطير هذه الدروس والمنظورات بغرض رفدِ أجندة سياسات الدفاع الاستراتيجي، والمساهمة في تعزيز الأمن الوطني والأمن الإقليمي والدولي.
ضمّت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، التي ترأّسها عبد الوهاب الأفندي، رئيس معهد الدوحة للدراسات العليا، مداخلتين قدّمهما أنتوني كينغ، أستاذ دراسات الحرب والأنثروبولوجيا الاجتماعية في جامعة إكستر، وعمر عاشور، أستاذ الدراسات الأمنية والعسكرية في معهد الدوحة. في مداخلة بعنوان «الدول الصغيرة في الحروب الحديثة: دور الحرب الحضرية والذكاء الاصطناعي في استراتيجيات الدفاع»، تطرّق كينغ إلى التحديات الماثلة أمام الدول الأصغر حجمًا في العصر الحالي، في ظل التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، مركزًا على دور الحرب الحضرية والذكاء الاصطناعي في صياغة استراتيجية دفاعية للدول الأصغر، مع التطرّق إلى الحالة الأوكرانية.