تحت ركام منزلها بمدينة غزة، تجلس عائشة أبو ناصر (56 عاماً) أمام فرن من النار أوقدته بقطع الخشب، بعد أن سابقت العائدين إلى شمال المدينة، إثر هدنة نجحت في إنجازها دولة قطر ومصر والولايات المتحدة الأمريكية.

عائشة أو (أم أيمن) – كما يلقبها الجيران – تتذكر بمزيج من الأسى العائلة التي فقدتها أثناء العدوان الإسرائيلي على القطاع، الزوج ونجليها وحفيدتها، وشقيقيها، تقول، لـ "الشرق"، "الحمد لله.. راحوا شهداء".

وتضيف أن فقدان البشر أوجع من فقدان الحجر، لكنها تعود وتقول: 
"في بداية الحرب تم قصف المنزل، الأمر الذي أوجع قلبي، فالبيت ليس مجرد حجارة بالنسبة لنا هو تعب سنوات وتحويشة عمر وذكريات".

وتضيف: "كنت أخفف على زوجي ألم المنزل المهدم"، فرب العائلة الذي شعر بقهر كبير على فقدان منزله، "قد قضى سنوات طويلة من التعب والعمل والكدح حتى يكون له بيت".

وتتابع: "المنزل كان بداية القصة، أما بقيتها فاستشهاد الزوج والابن.. المصاب كبير لكن رحمة الرحمن الرحيم أكبر والذي ألهمني الصبر وشد من أزري في مواصلة الأيام المقبلة عليها بدون بيت وزوج وابن".

أخذت نفساً عميقاً وأضافت: "ما هي إلا فترة قصيرة حتى استشهد ابني الثاني وحفيدتي، والوداع لم ينته أبداً بعد استشهاد شقيقي الأول واستشهاد شقيقي الآخر، وأسر أخوتي لدى الاحتلال، حيث استشهد ما يزيد عن 11 فرداً من عائلتها. 

أم أيمن – الحديدية – لم تستلم لاستشهاد هذا العدد وعلى رأسه عائل الأسرة، تقول: "كنت أنتظر اللحظة التي أعود بها إلى شمال غزة، وبمجرد الإعلان عن ذلك حتى تركت كل شيء، وسرت من الجنوب مسافة تزيد عن عشرة كيلو مترات".

وتضيف:" رغم المرض لكن لم أشعر بالتعب فكانت فرحة العودة أكبر من الوجع".

وتتابع: "أعلم أن بيتي أصبح ركام، ومع ذلك لم أتخلى عن العودة حتى وإن عشت تحت ركامه، أو بين قماش خيمة".

وحول الحديث عن مخططات التهجير، أكدت عائشة صمودها في غزة، قائلة: "ما في مثل بلدنا ومستحيل أبدل ركامها بالهجرة إلى أي مكان"، مضيفة: "بإذن الله –تعالى، صامدين صابرين محتسبين وراح نعمر غزة وترجع أفضل من الأول".