المحامي حمد اليافعي: القرار الإداري خلا من التسبيب ومشوب بمخالفة القانون
المشرع أرسى مبدأ الضمان الإجرائي القائم على توفير الاطمئنان في نفس الموظف
القضاء بالإلغاء خير تعويض للموظف
قضت المحكمة الابتدائية ـ منازعات إدارية ـ كلي، بإلغاء قرارَي فرض جزاء تأديبي على مواطن يعمل موظفاً إدارياً في جهة حكومية، وهما: توقيع جزاء الوقف من العمل لمدة 4 أشهر، وجزاء خفض الراتب الأساسي بما لا يجاوز نهاية راتب الوظيفة مباشرةً، مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية ومالية، أخصها باعتبارهما كأن لم يكونا ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
تفيد مدونات القضية أنّ مواطناً يعمل موظفاً بجهة حكومية طالب القضاء بإلغاء القرار الإداري الذي قضى بخفض الراتب الأساسي، والقضاء بإلغاء القرار الإداري الذي قضى بوقف المدعي عن العمل بدون راتب لمدة 4 أشهر لمخالفته القانون، والقضاء بإلزام المدعى عليه وهي جهة العمل برد ما استقطعته من راتب أساسي، وإعادة ما تمّ وقفه من راتبه الأساسي بما يعادل 123 ألف ريال، والقضاء بإلزام المدعى عليه بصفته أن يؤدي للموظف مبلغاً قدره 500 ألف ريال تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقته جراء خطأ جهة العمل، وتحميل تلك الجهة الرسوم والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
تحكي تفاصيل الواقعة أنّ مواطناً يعمل بوظيفة إدارية حكومية على الدرجة الوظيفية التاسعة وبعدها انتقل لإدارة أخرى وعمل لفترة ثم انتقل لإدارتين، وتمت ترقيته إلى درجة وظيفية أعلى مع كافة الامتيازات المالية.
وعمل الموظف بالإدارة التي تتبع تلك الجهة مباشرة، واستمر بها لفترة وكان راتبه الإجمالي 30 ألف ريال، وفوجئ المدعي بصدور قرار من جهة العمل بتوقيع جزاء تأديبي قضى بخفض راتبه الأساسي، كما أصدرت الجهة قراراً قضى بتوقيع جزاء تأديبي بحقه، ومضمونه وقف الموظف عن العمل بدون راتب لمدة 4 أشهر، وتظلم من تلك القرارات وهذا الأمر حدا به لإقامة دعواه أمام القضاء.
وقدم المحامي حمد اليافعي الوكيل القانوني للموظف مذكرة قانونية مشفوعة بالأدلة والأسانيد التي تبثت أحقيته في دعواه.
وورد في حيثيات الحكم أنّ جهة العمل أودعت مذكرة استوفت كل أوضاعها الشكلية وتمسكت بدفاعها بصحة القرارات الصادرة عنها.
والثابت للمحكمة أنّ الإدارة تقدمت في البداية بمذكرة دفاعها وأورد موضوعاً على دفاع المدعي.
ويدل أنّ المشرع أرسى مبدأ الضمان الإجرائي أو التأديبي والقائم على قاعدة راسخة وهي توفير الاطمئنان في نفس الموظف وإعطائه فرصة للدفاع عن نفسه.
كما نظم المشرع هذه الضمانات قبل إنزال أية عقوبة إدارية، وتتمثل تلك الإجراءات في تحديد الجهة المنوط إليها تصديق العقوبة الإدارية وإجراء التحقيق الإداري وهو إجراء مسبق على إيقاع الذنب الإداري في العقوبات، والنظر في مدى ملائمة العقوبة مع الذنب الإداري المرتكب، وهي متروكة لسلطة قضاء المشروعية ووجوب تسبيبه، ولا يجوز بأي حال من الأحوال هدر أو تجاوز الإجراءات المرسومة قانوناً في تنظيم الجزاءات التأديبية.
وورد في مذكرة المحامي حمد اليافعي أنّ القرار الإداري خلا من التسبيب، وأنّ النص الصريح يلزم جهة الإدارة بتسبيب قراراتها التأديبية وهذا يعد مشوباً بعيب مخالفة القانون مما يؤدي إلى بطلانه.
فالواجب على جهة الإدارة عند إيقاع الجزاء التأديبي أن تفصح عن الأسباب التي استندت إليها واعتمدت عليها في إثبات صحة الذنب الإداري فضلاً عن بيان وصف التهمة الإدارية، وتحقيقاً لمبدأ المشروعية وضمانة لحق الدفاع، وإلا عدّ القرار معيباً بعيب جوهري يهوي به إلى درجة البطلان.
وأنّ عدم الالتزام بهذا الواجب يؤدي إلى بطلان القرار لمخالفته نصاً قانونياً صريحاً، حيث إنّ الغاية هي ضمان علم الموظف بالأسباب التي أدت إلى توقيع الجزاء عليه، وتمكينه من ممارسة حقه في الطعن أمام الجهات القضائية المختصة، ومناط صحة أي قرار تأديبي هو قيامه على إجراءات صحيحة وموافقة القانون أهمها التسبيب إذا ما نص المشرع على ذلك صراحةً.
وورد في حيثيات الحكم أنّ القضاء بالإلغاء هو خير تعويض للموظف، لا سيما مع قيام الخطأ في ركنه أي القرار الشكلي، وعدم تسبيب القرار مما يتعين على المحكمة رفضه.