أكد العلماء المتحدثون في برنامج "وآمنهم من خوف " الذي تنظمه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أن التمسك بقيم الدين الإسلامي يحفظ الأسر الأسر من التفكك في مواجهة تيارات العصر الرامية إلى هدم بنيان الأسرة المتين.. وقال العلماء إن دعوات للمساواة بين الجنسين أمر مخالف للفطرة تكون نهاية تصدع بنيان الأسرة.. وتناول العلماء جواني عديدة من قضايا الأسرة العصرية تنشرها الشرق فيما يلي:
أكد فضيلة الشيخ الدكتور محمد المحمود من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على أهمية الحديث في موضوعات الأسرة والاعتناء بها وتصحيح الأخطاء، وحث من يتمسكون بالأخلاق الفاضلة والصفات الحسنة أن يتمسكوا بها ويحافظوا عليها، مشيراً إلى أن الأسرة هي أساس المجتمع، فإذا صلحت صلح المجتمع، وإذا فسدت الأسرة يظهر ذلك على المجتمع، وينتشر الفساد بعد ذلك.
الأسرة تقوم على الدين
وقال د. المحمود: الأسرة في أساسها ينبغي أن تقوم على الدين، وهو أول أساس إذا تحقق نعتقد أن ما بعد ذلك سيكون وضعاً سليماً، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: تُنكح المرأة لأربع، لمالها وجمالها وحسبها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك.
وأضاف: الدين هو الأساس، فإذا بُنيت العلاقة على أساس الدين، والدين ليس بمفهومه الذي يظنه بعض الناس، فالمقصود به أن يتحاكم الناس إذا اختلفوا إلى الدين، وأن يكون الدين هو الذي يسير هذه العلاقة في الخلاف، وأن يرجع الزوج والزوجة إلى الدين، فهو المهيمن على هذه العلاقة.
وأردف فضيلته: مما يلفت نظر المتأمل ان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر في الزوجة الدين، فقال: فاظفر بذات الدين تربت يداك، وقال في الرجل: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه، فأضاف على الرجل قضية الخلق، وبعض الناس يغفل هذا الجانب، فيأتيه الرجل، فينظر فقط ظواهر التدين، وهي تختلف عن حقيقة التدين.
وأوضح أن العناية بحقيقة التدين بأن يكون الإنسان ذا خلق، فضلا عن المحافظة على الصلوات وأركان الإسلام الظاهرة، فيتخلق الشخص بالدين.
وأشار إلى أن العلاقة يجب أن تقوم على أساس أن أؤدي ما عليّ وأنتظر ما لي، وأنها كما قال ربنا سبحانه وتعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ. وأن ذلك يتعلق بالحقوق والواجبات، بأن يؤدي الرجل ما عليه، ويسأل الله تبارك وتعالى أن يحقق له ما يرجو، وأن المرأة كذلك تؤدي ما عليها من واجب، وتصبر على أن يؤدى لها ما تطلبه.
لا تنشئة بلا أسرة سليمة
وقال الدكتور عبد الرزاق قسوم – جمعية العلماء المسلمين الجزائريين – إن المتأمل في المجال اللغوي والحضاري للأسرة يكتشف أن الأسرة تنطلق من التجمع وتعود إلى التجمع، وهذا له دلالات ينبغي ألا تغيب عنا كمسلمين. إضافة إلى أن الأسرة هي الحضن الدافئ الإنساني الأول، لأنها مؤتمنة على بناء الإنسان وتنشئته وإعداده الإعداد المطلوب لبناء المجتمع الإنساني. وأشار إلى أن ثقافة الأسرة هي المحدد الأساسي لتكوينها، معتبرًا أن هذه المحددات تصنع المقومات التي تطبع الأسرة بطابع الانتماء الاجتماعي والثقافي والحضاري.
وأضاف الدكتور قسوم قائلًا: "العقيدة الدينية تأتي في ضوء هذه المقومات والمحددات كلها لإيجاد العلاقة المتينة بين الكائن الإنساني والمكون الإيماني، وهما خطان متوازيان يفضيان إلى التكامل من أجل بناء مجتمع إنساني أفضل. إن الأسرة المسلمة تقوم على دعائم، وهي الزوج والزوجة والأبناء".
وأكد أن هناك داعمًا وضامنًا أساسيًا للأسرة المسلمة، وهو عقد الزواج، مشيرًا إلى أن الأسرة المسلمة في واقعنا الحالي تواجه إيديولوجيات ومفاهيم ومصطلحات مشوهة قد طغت على المجتمع الإنساني، وانعكست سلبًا على بناء الإنسان. ومن بين هذه المصطلحات مصطلح "حرية النساء".
وعرّف الدكتور قسوم الزواج في المجتمع الإسلامي بأنه عقد بين قلبين، ووصل بين نفسين، ومزج بين روحين حتى يكون هناك انسجام ومودة، وفي النهاية تقارب بين جسمين. مؤكدًا أن تحقيق هذه الأمور هو الضمانة والتحصين للأسرة المسلمة ضد الآفات الاجتماعية الوافدة، وهذا بدوره يجسد التكامل بين الزوجين.
وتابع أن هناك عدة مقاصد للأسرة المسلمة، أولها الإحصان والإعفاف، ثم حفظ النسل والمحافظة عليه صحيًا ونفسيًا واجتماعيًا، إضافة إلى إشاعة السكينة والمودة، والإبقاء على النوع الإنساني، وهو هدف ومقصد أساسي. إلى جانب تلبية الحاجة للانتماء الإنساني، لأن الأسرة هي التي تنمي في الإنسان البعد الإنساني المفقود، لكونها تؤمن بالإسلام الذي هو دعوة للإنسانية في أسمى معانيها.
وقال فضيلة د. عبدالسلام المجيدي الاستاذ بكلية الشريعة جامعة قطر ان من يقلب صفحات الآيات سيجد نماذج عظيمة جدا للاسر الناجحة وفي المقابل سوف يجد ايضا نماذج للاسر التي اصابها الخلل عند احد الركنيين الاساسيين للاسرة مستدلا فضيلته بسورة البقرة.
وأوضح ان السورة ترسم لنا ابتدء من الآية 221 وامتدادا الى الآية 242 خريطة لهندسة الوفاق الزوجي حيث نجدها قد وضعت القوانين المتعددة التي تطبق الوفاق والفراق مشيرا الى انه فيما يتعلق بالتلذذ المعيشي بين الزوج والزوجة فإننا نجد قصة ادم عليه السلام وزوجه " وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما " .
وقال فضيلته انه عندما وقع آدم في الخطيئة فقد بين الله تبارك وتعالى انهما اشتركا فيها وانهما جميعا ينبغي ان يتوبا وان الرجل هو الذي تصدر لتحمل المغرم كما هو متصدر فيما يجب ان يتوزع من المغنم حيث قال المولى سبحانه وتعالى " فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ" كما قال سبحانه وتعالى في سورة الاعراف على لسانهما" ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين" مشيرا الى انه هنا تكمن المسؤولية المشتركة العظيمة للزوجين
ولفت د. عبدالسلام المجيدي الى انه في اسرة آدم ايضا.. ظهر لنا ابنا آدم، ووجدنا ان الحسد قد أكل قلب احدهما، فاختلت العلاقة بين الاخوين بسبب اتباع شهوة الشيطان عند احدهما، مضيفا فضيلته: اننا هنا قد رأينا اسرة قد طرأت عليها الطوارئ الطبيعية للحياة البشرية واستطاع آدم ان يستدرك ما وقع فيه هو وزوجه ومن ثم بقية الاسرة سعيدة لكن الاخوين لم يستطع احدهما ان يكبت مشاعره " فطوعت له نفسه قتل أخيه" .
الدعوة للمساواة مخالف للفطرة
شرح الدكتور البشير عصام المراكشي المدير العلمي لمركز إرشاد الدراسات والتكوين بالمملكة المغربية كيفية تبليغ الخطاب الديني الذي ينبغي أن يوجه للشباب خاصة حتى يفهموا الفهم الصحيح للأسرة ودورها في المجتمع وما ينبغي أن تكون عليه الثنائيات " ذكر وأنثى " بين قطبي الأسرة حتى يستقيم أمرها وتسلم من الصراعات بسبب التجاذبات التي نجمت عن التحولات العصرية..
وأكد الدكتور المراكشي أن الخطاب الديني الصحيح يحفظ الأسرة من التفكك لافتا إلى أن الأسرة قائمة على الاختلاف إذ أن للذكر دوره ومهامه وللمرأة دورها ومهامها.. ووصف هذه النزاعات التي تحدث بين الأسر بالمرض الذي يقتضي دراسة أسبابه وعلاجه من جذوره..
وشدد على أن الأسرة تقوم على المودة التي قال إنها غائبة وهذا الغياب هو أساس المشكلات في أي وقت ومكان.. وقال في هذه الأثناء ذكر أن الخطاب الديني يجب أن يكون قائما على الكتاب والسنة لأن هذه المصدرين وضعا الأساس المتين لبقاء الأسرة..
وقال "إننا نريد أن نرجع بالأسرة إلى الفطرة حتى لا يجتاحها تيار الذكورية أو الأنثوية اللتان لا تقومان على الاختلاف في الجنس الذي هو أساس الأسرة وقال إنه إذا تساوت خصائص أفراد الأسرة انتهى الاختلاف وذهبت الأسرة في مهب الريح.. وحذر من ما اسماه بالطغيان في الأسرة كما حذر من المفاهيم الخاطئة للذكورية والأنثوية.. وقال ما معناه " يجب أن تقف المرأة في حدود خصائصها كما يقف الرجل في حدود خصائصه على أن تقوم الأسرة على الثنائية والاختلاف النوعي"..
وحذر من تداعيات المساواة بين الجنسين التي ظهرت في الوقت الحاضر وهدفها هدم الأسرة وتفكيك أركانها.. وشخص أسباب سقوط الأسرة وحصرها في عدم قيام الرجل بمسؤوليته وكذا المرأة..