تشهد الفترة الحالية تزايدًا ملحوظًا في أعداد الإصابات بالفيروسات المسببة لأعراض الإنفلونزا الموسمية، مما يستوجب الحذر واتخاذ التدابير الوقائية للحد من انتشارها، ومع تسجيل ارتفاع في أعداد المرضى، أكد أطباء ضرورة تجنب الاختلاط، خاصة بالنسبة لكبار السن ومرضى الأمراض المزمنة، نظرًا لضعف مناعتهم، مما يجعلهم أكثر عرضة لمضاعفات خطيرة.
وحذر عدد من الأطباء الذين استطلعت آراءهم «الشرق» أولياء الأمور من إرسال أبنائهم المصابين بأي نوع من أنواع الفيروسات المسببة لأعراض الإنفلونزا الموسمية إلى المدرسة للحد من العدوى بين الطلبة الآخرين.
وشدد الأطباء على ضرورة اتباع التوصيات التي من شأنها تقليل فرص الإصابة والحد من انتشار الفيروسات، ومنها تجنب الاختلاط بكبار السن ومرضى الأمراض المزمنة، لحمايتهم من المضاعفات، الحرص على النظافة الشخصية، خاصة غسل اليدين بانتظام واستخدام المعقمات، استخدام أقنعة الوجه الواقية «الكمامة» في الأماكن المزدحمة أو عند الشعور بالأعراض، تجنب إرسال الأطفال المصابين إلى المدرسة حتى يتماثلوا للشفاء، الحصول على لقاح الإنفلونزا الموسمي، خاصة للأطفال وكبار السن والمصابين بأمراض مزمنة، تعزيز المناعة من خلال التغذية السليمة وتناول الفيتامينات الضرورية والتعرض لأشعة الشمس بشكل معتدل، لدورها في تقليل نسبة الإصابة بالفيروسات.
ودعا الأطباء إلى ضرورة التعامل مع الإنفلونزا بجدية، وعدم الاستهانة بها، مع الالتزام بالإجراءات الوقائية والتدابير الصحية، يمكن الحد من انتشار المرض وتقليل مخاطره على الفئات الأكثر ضعفًا.
 

* الحد من العدوى

في هذا السياق أكد البروفيسور محمد حندوس- استشاري طب الأطفال-، أنَّ نسبة الإصابة بالإنفلونزا هذا العام شهدت زيادة حقيقية مقارنة بالسنوات الماضية خلال الفترة نفسها، قائلا «إنَّ غالبية الحالات التي تصل إلى المستشفى تعاني من ارتفاع شديد في درجة الحرارة، ما يستدعي إجراء الفحوصات الطبية اللازمة، وتقديم العلاج المناسب لتخفيف الأعراض والسيطرة على الفيروس».
وأشار إلى أن بعض الحالات، خاصة المصابة بإنفلونزا الخنازير، تحتاج إلى وقت أطول للتحسن، وفي بعض الأحيان قد تستدعي الدخول إلى المستشفى للحصول على السوائل الوريدية والتحكم في درجة الحرارة. وأوضح أن الأطفال يشكلون نسبة كبيرة من المصابين، خصوصًا في البيئة المدرسية، حيث ينتقل الفيروس بسهولة من طفل إلى آخر.
وأضاف البرفيسور حندوس «إنَّ النظافة الشخصية تلعب دورًا كبيرًا في الحد من انتشار العدوى، لكن للأسف، عدد قليل فقط من الأطفال يلتزمون بارتداء الكمامات أو بغسل اليدين بشكل دوري. لذلك، فإن مسؤولية التوعية تقع على الأهل في المقام الأول، إذ يجب عليهم تعليم أطفالهم أهمية غسل اليدين واستخدام المعقمات».
وأكد أن هناك حالات يجب فيها منع الأطفال من الذهاب إلى المدرسة عند ظهور الأعراض، إلى أن يتم التشخيص من قبل الطبيب، وأردف «من بين كل 10 أطفال يراجعون المستشفى، هناك 4 مصابون بالإنفلونزا، ما يدل على سرعة انتشار الفيروس في هذه الفئة العمرية».
 

* الحصول على اللقاح 

أوضح الدكتور حكمت الحميدي- طبيب أطفال، قائلا «إنَّ المدارس والتجمعات تعد من أكثر الأماكن التي تنتشر فيها العدوى، نظرًا لتقارب الأطفال وعدم التزام الكثير منهم بإجراءات النظافة الشخصية».
وقال الدكتور الحميدي «شهدنا زيادة بنسبة تتراوح ما بين 20 %- 30 % في أعداد المصابين مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل، أبرزها تقلبات الطقس، وزيادة التجمعات، بالإضافة إلى السفر، الذي قد يكون سببًا في نقل الفيروسات».
وأشار الدكتور الحميدي إلى أن إصابة الأطفال بالإنفلونزا أمر شائع نظرًا لضعف مناعتهم، لكنه شدد على أهمية تكوين مناعة طبيعية لديهم من خلال التعرض التدريجي للفيروسات الموسمية، كما نصح أولياء الأمور بأخذ اللقاح الموسمي للإنفلونزا، مؤكدًا أن التطعيم يسهم في الحد من انتشار الفيروس وتقليل مضاعفاته.

*30 % زيادة في الحالات 

أكد الدكتور طارق فودة- طبيب طوارئ، تزايد أعداد المصابين بالإنفلونزا في الأسابيع الأخيرة، مشددًا على أهمية اتخاذ الاحتياطات اللازمة، ومنها ارتداء الكمامة في الأماكن المزدحمة، والحرص على عدم مخالطة كبار السن أو المرضى المزمنين، لافتا إلى أنَّ التعرض لأشعة الشمس يساعد في تقليل نسبة الإصابة، لكن الأهم هو اتخاذ التدابير الوقائية، مثل غسل اليدين باستمرار، وتجنب الأماكن المزدحمة.
وأشار الدكتور فودة إلى أن الفيروسات المسببة للإنفلونزا منتشرة بشكل ملحوظ بين الأطفال، مما يستدعي اهتمام أولياء الأمور بوقايتهم، لا سيما أن قسم الطوارئ سجل زيادة بنسبة 30 % في حالات الإنفلونزا مقارنة بالشهر الماضي، مضيفا «يجب التنبه إلى أن الإنفلونزا فيروسية المنشأ، ما يعني أن استخدام المضادات الحيوية ليس فعالًا، بل يجب التركيز على الراحة والسوائل الدافئة، واستشارة الطبيب عند الحاجة».

* دور أولياء الأمور 
 
 أكد الدكتور أحمد سعيد – طبيب طوارئ، زيادة في عدد الإصابات بالإنفلونزا بقسم الطوارئ للمستشفى الذي يعمل به، يصطحبها أعراض ارتفاع شديد في درجات الحرارة، إلى جانب الإسهال والقيء، لافتا إلى أنَّ هذه الزيادة ملحوظة منذ قرابة الشهرين، الأمر الذي يستدعي من أولياء الأمور اتباع تعليمات الحد من العدوى خاصة بين أبنائهم في سن المدرسة، مع ضرورة تدريبهم على طرق الوقاية من العدوى المتمثلة بغسل اليدين، وتجنب الأطفال المرضى.
وشدد الدكتور أحمد سعيد على أهمية الحصول على لقاح الإنفلونزا الموسمية للحد من تفشي العدوى، مع ضرورة التوجه إلى أقرب مركز صحي أو مستشفى في حال ظهور أي أعراض للإنفلونزا خاصة التي يصطحبها ارتفاع شديد في درجات الحرارة، وإسهال وقيء لما له من أثر إيجابي لتسريع التعافي عند بدء الخطة العلاجية دون تأخير.

* زيادة الطلب على أدوية الإنفلونزا

 تحدث د. كيرلس نوار – صيدلاني - عن أهمية التغذية السليمة في تعزيز المناعة والوقاية من الإصابة بالإنفلونزا، مشيرًا إلى أن التغيرات المناخية تزيد من احتمالية الإصابة، ما يستوجب تعزيز الجهاز المناعي عبر تناول الفيتامينات الضرورية، مثل فيتامين C والزنك.
وأكد الدكتور كيرلس نوار أن الفترة الحالية تشهد زيادة في الطلب على أدوية الإنفلونزا والمضادات الحيوية وخافضات الحرارة، إلا أنه شدد على ضرورة عدم تناول المضادات الحيوية دون وصفة طبية، نظرًا لأن الإنفلونزا في بعض الحالات هي مرض فيروسي وليس بكتيريا.
وأضاف الدكتور كيرلس نوار قائلا «إنَّ الأطفال هم الفئة الأكثر إصابة، بسبب ضعف مناعتهم ووجودهم في بيئات مزدحمة مثل المدارس. لذلك، من الضروري اتخاذ الاحتياطات اللازمة، لا سيما إذا كان هناك كبار سن أو مرضى مزمنون في المنزل، إذ يجب تجنب اختلاطهم بالمصابين، والتأكد من غسل اليدين باستمرار، واستخدام الكمامة في حال وجود أعراض المرض».