* الخور مدينة تحمل عبق الماضي الجميل

* المدينة كانت مركزاً لأهل الغوص و"الطواويش"

* التواصل ومساعدة المحتاجين أبرز عادات أهل المدينة

 

في قلب مدينة الخور التاريخية، التي يفوح منها عبق الماضي الأصيل، لا تزال المجالس تحتفظ بمكانتها كمنارات للمعرفة والتواصل الاجتماعي، موروث أصيل تناقلته الأجيال جيلاً بعد جيل. كانت هذه المجالس بمثابة مدارس مفتوحة، يجتمع فيها الوجهاء والعامة، يتحاورون ويتبادلون الأخبار حين لم تكن وسائل الإعلام قد وجدت طريقها إلى الحياة اليومية.

وفي تقليدٍ راسخٍ يعكس أصالة المجتمع وتقاليده العريقة، استضافنا السيد غانم بن خميس بن علي المريخي في مجلسه العامر، الذي أصبح ملتقى يجمع مختلف شرائح المجتمع، من رجال الدين والمثقفين والإعلاميين والرياضيين وحتى البسطاء. وقد خصص يوم الثلاثاء من كل أسبوع ليكون موعدًا ثابتًا لاستضافة العلماء والدعاة لإلقاء المحاضرات، إلى جانب الندوات الثقافية التي يحييها نخبة من الضيوف.

وقد عُرف المجلس بزيارة شخصيات بارزة، من بينهم الإعلاميان سعد الرميحي وعقيل الجناحي، إضافةً إلى نجوم الرياضة مثل عادل خميس والكابتن حسن الهيدوس والمعز علي وغيرهم. صحيفة الشرق التقت براعي المجلس غانم المريخي وإخوانه وأبنائه، الذين استعادوا ذكريات الماضي، متأملين في إرث أجدادهم الذي لا يزال حياً في هذه المجالس العامرة بالود والمعرفة.

فضيلة الشيخ علي بن خميس المريخي: الكباب المشوي والدراجات كانت أبرز أنشطتنا الرمضانية
أكد فضيلة الشيخ علي بن خميس المريخي، إمام المسجد وشقيق غانم بن خميس المريخي الأكبر، أن شهر رمضان المبارك يتميّز عن سائر الشهور بكونه الشهر الذي أنزل فيه القرآن الكريم، وفيه ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر. وشدّد على ضرورة التوبة النصوح، قائلاً: "كم من شخص فقدناه قبل قدوم هذا الشهر الكريم، لذا علينا أن نستغله في العودة إلى الله والإكثار من الطاعات".

 


وحثّ الشيخ الشباب على المسارعة في أداء الصلوات جماعة، ولا سيما صلاة التراويح في المسجد، إلى جانب الحرص على الورد اليومي، وختم القرآن الكريم مع تدبر آياته ومعانيها. كما أشار إلى أن الحسنات في رمضان مضاعفة، مما يجعله فرصة ذهبية للشباب لتعزيز القرب من الله بالأعمال الصالحة. وشدّد على أهمية صلة الأرحام وزيارة الأهل والأقارب والاهتمام بالوالدين، لما في ذلك من بركة وأجر عظيم.


وأضاف الشيخ علي بن خميس المريخي: "أحرص على زيارة مجالس إخواننا في مدينة الخور والذخيرة، للسلام عليهم وتهنئتهم بالشهر الكريم. فهذا الشهر الفضيل تصفّد فيه الشياطين، وتفتح أبواب الجنة، وتغلق أبواب النار، وفيه عتقاء من النار، جعلنا الله وإياكم منهم".


والدي قدوتي
استذكر الشيخ علي والده الراحل، خميس بن علي المريخي، قائلاً: "كان قدوتي ومعلمي ومرشدي والناصح الأول لي. ربّاني منذ الصغر على الحرص على أداء الصلاة في أوقاتها في المسجد، وكان يصطحبني معه لأداء صلاة الفجر، ويحثني على الصيام، ويعلّمني احترام الآخرين، صغيرهم وكبيرهم. كما كان يشجّعني على صلة الرحم، حيث كان يأخذني معه عند زيارة أقاربنا، ويوجّهني دائمًا للاجتهاد في الدراسة من أجل مستقبلي، خاصة أنني الابن الأكبر".


وأضاف: "والدي رحمه الله، الذي توفي عن عمر ناهز 90 عامًا، كان معروفًا بحرصه الشديد على الصلاة في المسجد، حتى لقّب بـ(حمامة المسجد)، وقد بكت مدينة الخور على فراقه".


الدورات الرمضانية.. ذكريات لا تُنسى
وتحدث الشيخ علي عن ذكرياته مع الدورات الرمضانية الليلية في الثمانينات والتسعينيات، قائلاً: "كان لهذا الشهر نكهة خاصة، حيث شاركت في دورات رمضانية كانت تُقام في مدينة الخور، مثل دورة صالح صقر وغيرها، وكان الهدف منها الترويح عن النفس وممارسة الرياضة. كانت تلك الدورات تحظى بحضور جماهيري كبير، والناس يستمتعون بمتابعة المباريات وسط أجواء رمضانية رائعة".

ذكريات رمضان الجميلة
وعن ذكريات رمضان في السبعينات والثمانينات، قال: "كنا نحرص على شراء الكباب المشوي من الباعة، خاصة عندما تفوح رائحة الشواء، فتجذبنا لتذوقه. وبعد صلاة التراويح، كنا نجوب حواري وفرجان مدينة الخور الجميلة بالدراجات الهوائية، في مجموعات، وكان كل واحد منا يزيّن دراجته بطريقته الخاصة، لنعيش أجواءً لا تُنسى".

 



حكايتي مع نادي التعاون والرياضة
تحدث الشيخ علي عن عشقه للرياضة منذ الصغر، قائلاً: "انضممت إلى نادي التعاون (الخور حاليًا) عام 1979 في مرحلة الناشئين، ثم انتقلت إلى مرحلة الشباب عام 1980، حيث لعبت في مركز حراسة المرمى. وفي عام 1981، أتيحت لي الفرصة للعب مع الفريق الأول، بعد قرار اتحاد كرة القدم إلزام الأندية بأن يكون حارس المرمى قطريًا. كانت فرصة رائعة لي، ونجحت في تجربتي الأولى بفضل دعم الكابتن سعيد المسند (رحمه الله)، الذي كان له دور كبير في اكتشاف موهبتي وتدريبي."
وأعرب عن سعادته بإقامة دورة تحمل اسم الكابتن سعيد المسند في شهر رمضان على إستاد البيت، قائلاً: "إنها لفتة وفاء مستحقة لهذا المدرب الكبير".
وأضاف: "من أفضل المباريات التي لعبتها في مسيرتي كانت ضد نادي السد عام 1984، حيث أنقذت مرمانا من عدة كرات خطرة، وحققنا الفوز بنتيجة (2-1). كما أذكر مباراتنا مع فريق الروضة السعودي، حيث تألقت في التصدي لعدة كرات، وفزنا في مباراة قوية بنتيجة (4-3)."

غانم بن خميس المريخي: مجالس الخور.. منارة للمعرفة والتواصل
رحّب السيد غانم بن خميس المريخي بالحضور في مجلسه بمدينة الخور خلال شهر رمضان المبارك، مؤكّدًا أنه شهر الطاعة والرحمة والمغفرة والعتق من النار، حيث تعمّ الأجواء الروحانية والسكينة المجتمع، ويغلب عليه التسامح والتصالح والتآخي.
وأشار إلى أهمية صلة الرحم وزيارة الأهل والأقارب والمجالس الرمضانية لتقديم التهاني بالشهر الكريم، قائلاً: "أحرص على تكثيف قراءة القرآن الكريم خلال رمضان، وختمه عدة مرات مع تدبر معانيه، فالتقرب إلى الله في هذا الشهر له أجر مضاعف. كما أنني، حتى في غير رمضان، أخصص وقتًا يوميًا لقراءة القرآن، وحفظ بعض السور، وإتقان التلاوة والتجويد".

 


وأضاف: "نسعى دائمًا إلى التواصل مع الآخرين، ونحرص على العمل الخيري والإكثار من فعل الخير، خصوصًا خلال هذا الشهر الفضيل، لما فيه من بركات عظيمة وأجر مضاعف".

حب المجالس.. شغف منذ الصغر
أوضح غانم المريخي أن علاقته بالمجالس بدأت منذ صغره، حيث كان مولعًا بحضورها والاستماع إلى كبار السن وتعلم القيم والعادات منهم. وأضاف: "ورثت هذا الشغف من أعمامي وأخوالي، وكنت أحرص على الاستفادة من أحاديثهم، التي كانت بمثابة مدرسة للحياة. كما كنت أشارك في الإعداد للضيافة، وأساعد في استقبال الضيوف، وكانت تلك اللحظات تسعدني كثيرًا".

 

 

 


واستذكر مجلس والده، قائلاً: "كان والدي خميس بن علي المريخي يفتح مجلسه كل يوم خميس عند قدومه من دخان، حيث كان يعمل في شركة النفط، وكان يزوره الأصدقاء وأهل المنطقة، وكانت المجالس حينها ملتقى لتبادل الأخبار والنقاش في مختلف شؤون الحياة. وقد ورثنا عنه هذه العادة، وحرصنا على أن يظل مجلسنا مفتوحًا للجميع، محافظين على إرثه في غرس القيم النبيلة فينا، من احترام الكبير والصغير، والاهتمام بالدراسة، وأداء الصلاة، وحب القرآن الكريم".


البحر.. إرث الأجداد
تحدّث غانم المريخي عن ارتباط أسرته بالبحر، قائلاً: "نحن من أسرة تعشق البحر، وكان لأجدادي دور بارز في الغوص على اللؤلؤ. كنت دائمًا حريصًا على الجلوس مع كبار السن في الخور، للاستماع إلى حكاياتهم عن البحر، ومعاناتهم خلال رحلات الغوص، وكيف كانوا يتحدّون المخاطر لكسب الرزق".


وأضاف: "الخور مدينة ساحلية، وكانت من أبرز مناطق الغوص، وأجدادي من عائلة المريخات كانوا من روّاد البحر، يمتلكون سفنًا بحرية، ويخوضون مغامرات عديدة في البحث عن اللؤلؤ. كنا جميعًا عائلة واحدة مترابطة، والمجالس مفتوحة للجميع، وهو ما عزّز لديّ حب المجالس منذ الصغر، وجعلني أحرص لاحقًا على فتح مجلسي الخاص ليكون ملتقى للجميع، وخاصة الشباب".


الغبقة.. تقليد متوارث
تحدّث غانم المريخي عن تقليد الغبقة الرمضانية في مدينة الخور، مشيرًا إلى أنها وجبة تقليدية تسبق السحور، تبدأ عادة بين الساعة الحادية عشرة والنصف والثانية عشرة منتصف الليل.
وأضاف: "نحرص على أن تكون وجبة الغبقة مكوّنة من أكلات بحرية، مثل السمك والمحمر (البرنيوش)، والعيش الأبيض، والمجبوس بالسمك، فالبحر جزء أساسي من تراثنا. أما الفطور، فإننا نفضّل تناول الثريد والهريس مع اللحم، إلى جانب اللقيمات بالدبس، وهي من أشهر أكلاتنا الشعبية".


رحلات العمرة في رمضان
أوضح غانم المريخي أنه كان يحرص في شهر رمضان المبارك على مرافقة والديه إلى مكة المكرمة لأداء العمرة، قائلاً: "كان والدي يحب قضاء جزء من رمضان في مكة، وقد غرس فينا هذا الحب منذ الصغر، فكان يأخذنا معه لأداء العمرة. وعندما تقدّم به العمر، كنت وإخواني نحرص على رعايته والاهتمام به، ونصطحبه يوميًا في جولة إلى الأماكن التي يحبها، خاصة إلى السيف في الميناء، حيث كان البحر عشقه الأول".
وأشار إلى أن الوالدة كانت تحظى أيضًا باهتمام خاص، من خلال زيارتها يوميًا، والتجمع كأسرة في بيت الوالد، للحفاظ على الروابط العائلية وتقوية أواصر المحبة بين أفراد العائلة.

تاريخ حافل في البحر والغوص
استعرض غانم المريخي تاريخ أجداده مع البحر، قائلاً: "جدي إبراهيم بن عيسى المريخي كان يملك سفن غوص، لكنه فقد في عاصفة قوية أثناء رحلة غوص قرب جزيرة رأس ركن في أواخر القرن الثامن عشر. أما جدي سلطان بن خلف بن سلطان المريخي، فقد كان من أثرياء الخور وامتلك ثلاث سفن من نوع جالبوت، إحداها الصير التي كانت تحمل 88 بحارًا. كان من أشهر الطواويش (تجار اللؤلؤ)، يذهب إلى البحرين، وكان معروفًا بالكرم ومساعدة المحتاجين".


رياضة القنص شغف الأجداد
أشار غانم المريخي إلى أن جده كان قناصًا ماهرًا، وكان يخرج في رحلات مقناص مع مشايخ آل ثاني وأهل قطر، مشيرًا إلى قصة شهيرة حيث اصطادوا 60 حبارى في يوم واحد في منطقة أم لخلق.
كما تحدّث عن سباقات الهجن التي كان يقيمها أبناء سلطان بن خلف المريخي في فصل الشتاء، قائلاً: "كانت سباقات قوية تجمع أبناء العائلة في روض جيري سميح وأم بركة، وكانوا يشتهرون بمهارتهم في ترويض النوق".
ختم غانم المريخي حديثه بالحديث عن دوره الإداري في نادي الخور، مشيرًا إلى أنه كان إداريًا لفريق الناشئين، وحقّق إنجازات مهمة، وأبرز العديد من اللاعبين الموهوبين، مؤكدًا أن العمل مع الشباب كان تجربة ثرية ساهمت في تطوير النادي.


مساعد بن غانم المريخي: أهل الخور أبناء البحر وأجدادي كانوا نواخذة
أكد مساعد بن غانم المريخي أن القيم التي نشأ عليها ترسخت بفضل تربية والده، قائلاً: "تعلمنا من الوالد التواضع، واحترام الآخرين، والمحافظة على الصلاة في أوقاتها، كما عوّدنا على صلة الرحم وزيارة الأقارب، لا سيما في شهر رمضان المبارك، لما فيه من أجر عظيم وبركة كبيرة."
وأشار إلى حرصه على الإكثار من قراءة القرآن الكريم وتدبر معانيه خلال الشهر الفضيل، إلى جانب السعي إلى ختمه عدة مرات. وأضاف: "كما أن رمضان لا يخلو من الترويح عن النفس، حيث نحرص بعد صلاة التراويح على لعب كرة القدم مع مجموعة من الشباب وأبناء العمومة، في أجواء تسودها الألفة والمتعة."

 

 


رياضة التجديف.. مصدر للفخر
تحدث مساعد المريخي عن شغفه برياضة التجديف، التي ورثها عن أجداده، قائلاً: "نحن أبناء البحر، وأجدادي كانوا نواخذة يمتلكون سفنًا بحرية، وكان لديهم أكثر من 80 بحارًا، وقد نشأت وأنا أسمع عن أمجادهم في البحر والغوص."
وأضاف: "عندما سنحت لي الفرصة للانضمام إلى فريق التجديف، فضّلت أن أكون في موقع القيادة والتوجيه، حيث اكتسبت هذه الشخصية القيادية من أجدادي. وبعد الموافقة على انضمامي، بدأت في توجيه الفريق وقيادته، ونجحت في أولى التجارب، مما حفزني على الاستمرار."
وأشار إلى مشاركته مع الفريق في البطولات الرسمية في قطر، وتحقيقهم عدة انتصارات، من بينها المركز الثالث في فئة الناشئين. ووجّه شكره إلى مركز إبراهيم بن علي لإحياء التراث في مدينة الخور، لدعمه الشباب وتشجيعهم على الحفاظ على الرياضات التراثية، مشيرًا إلى أن فريقه يضم 33 شابًا قطريًا، جميعهم شغوفون بهذه الرياضة العريقة.

القنص.. متعة وتواصل بين الأجيال
إلى جانب الرياضات البحرية، أكد مساعد المريخي على شغفه برياضة القنص، التي تعد جزءًا من تراث الأجداد، قائلاً: "نستمتع بالدعو في منطقة النوف، حيث نلتقي مع الأصدقاء وأبناء العائلة، ونتعلم فنون القنص التي مارسها أجدادنا من قبلنا، مما يسهم في تقوية علاقتنا وتعزيز الترابط بيننا."
وختم حديثه بالتأكيد على أهمية التوازن بين الرياضة والعبادة، قائلاً: "رغم استمتاعنا بهذه الرياضات، إلا أن ذلك لا يمنعنا من أداء الصلاة في أوقاتها، فهي الأساس الذي نبني عليه يومنا وحياتنا".


عبدالعزيز بن خميس المريخي: رمضان أيام زمان.. ذكريات لا تُنسى
استعاد عبدالعزيز بن خميس المريخي ذكريات شهر رمضان في أيام الشباب، قائلاً: "كانت تلك الأيام مليئة بالجمال والبساطة، عندما كنا صغارًا كنا نحرص على قراءة القرآن الكريم وختمه عدة مرات، وكان خميس بن عبدالله المريخي يجتهد في تحفيظنا القرآن، حيث كان ينظم لنا حلقات، ويتابع تقدمنا، ويختبرنا في الحفظ، مما جعلنا مرتبطين بالقرآن الكريم منذ الصغر."

 


جولات الدراجات والسباقات الليلية
تحدّث المريخي عن الأجواء الرمضانية التي كانت تملأ ليالي الخور بالحيوية، قائلاً: "بعد الإفطار، كنا نخرج في جولة بالدراجات الهوائية، ونجوب أحياء وفرجان الخور مع الأصدقاء، مستمتعين بالنسيم العليل وروح الجماعة. وبعد صلاة التراويح، كانت الحماسة تتصاعد بيننا، حيث كنا نتسابق بدراجاتنا في تحديات مليئة بالإثارة والتشويق، وكان كل واحد منا يسعى للفوز وترك بصمته في هذه السباقات الودية."
لم يخلُ رمضان في الماضي من طقوسه المميزة، ومن أبرزها شراء الكباب المشوي، حيث استذكر المريخي ذكرياتهم مع البائع الإيراني الشهير، قائلاً: "كنا نعشق الكباب المشوي على الفحم، وكان هناك بائع إيراني يُدعى (آغا)، يملك بقالة صغيرة، لكنه في شهر رمضان كان يحولها إلى مطعم شعبي، حيث يشوي أسياخ الكباب بطريقة مميزة، مما جعل الإقبال عليه كبيرًا حتى من خارج الخور، بل حتى من الدوحة".


المسحر.. صوت يوقظ الذكريات
تحدث عبدالعزيز المريخي عن المسحر، الذي كان جزءًا أساسيًا من ليالي رمضان، قائلاً: "كنا نشتاق لسماع صوت المسحر وهو يجوب فرجان الخور، يوقظ الناس للسحور بصوت الطبل وإيقاعاته المميزة، وكان صوته يبعث البهجة في نفوسنا."
وأضاف: "كنا نحن الشباب ننتظره بفارغ الصبر، وعندما نسمع صوته، نسرع لنلحق به بدراجاتنا، ونتبعه في جولته الليلية، مستمتعين بهذه العادة الرمضانية العريقة. كان يعمل بدون أجر، ويعتمد فقط على عطايا أهل البلاد، الذين كانوا يجودون عليه بما تيسر، تقديرًا لدوره في إحياء هذه العادة التراثية."


سلطان علي المريخي: الموروثات الشعبية الرمضانية لا تزال حاضرة بقوة

أعرب سلطان علي خميس المريخي عن اشتياقه لقدوم شهر رمضان المبارك، مؤكدًا أنه شهر الخير والبركة، حيث يتقرب العبد إلى ربه، ويكثر من قراءة القرآن الكريم، وختمه عدة مرات، بالإضافة إلى صلة الأرحام، وتقديم الصدقات والزكوات.
وحثّ الشباب على استغلال الشهر الفضيل بالإكثار من الطاعات والأعمال الصالحة، والاستفادة منه في تهذيب النفس وتعزيز الروح الإيمانية.
وأشار إلى أن والده، الذي كان إمام مسجد، كان شديد الحرص على أداء جميع الصلوات في المسجد، مؤكدًا أن إقامة الصلوات في الجماعة من أهم العبادات التي ترسخ روح التقوى والخشوع في هذا الشهر الفضيل.
كما سلط الضوء على الناحية الاجتماعية لرمضان، قائلًا: "من أجمل ما في الشهر الفضيل هو تجمع العائلة حول مائدة الإفطار، حيث كانت قمة سعادة الوالد والوالدة أن نجتمع معهم جميعًا. وكان والدي يحرص على اصطحابنا معه في زيارات الأقارب والمناسبات، فتعلمنا منه الكثير عن قيمة صلة الرحم وأهمية التواصل الاجتماعي".


وأضاف: "تعتبر المجالس من التقاليد الراسخة في مجتمعنا، حيث يتجمع الرجال والشباب يوميًا، وتُقام الغبقات الرمضانية في معظم المجالس، مما يعزز الروابط الاجتماعية بين الأهل والأصدقاء".

القرنقعوه.. موروث شعبي يعشقه الأطفال
استعاد سلطان المريخي ذكرياته مع الكرنقعوه، وهي إحدى العادات الشعبية القطرية التي تُقام في ليلة الرابع عشر من رمضان، قائلًا: "لطالما كان الكرنقعوه من أجمل تقاليد رمضان التي ننتظرها بفارغ الصبر، حيث كانت الأجواء مليئة بالفرح والتنافس بين الأطفال على جمع أكبر كمية من الحلوى والمكسرات."

 

 


وأوضح أن القرنقعوه في مدينة الخور كان يبدأ بعد صلاة الظهر، وذلك لأن المنطقة لم تكن تحتوي على كهرباء في الماضي، بينما كان يقام ليلًا في الدوحة.
وأضاف: "كنا نحرص على الاستعداد لهذا اليوم المميز، ونرتدي الملابس التقليدية، ونجوب الأحياء حاملين أكياسنا، وسط أجواء من البهجة والمرح. كنا نحرص على التحدي فيما بيننا لمعرفة من سيتمكن من جمع أكبر كمية من الحلوى في نهاية اليوم".
كما استذكر عادة رمضانية أخرى كان يحرص عليها، قائلًا: "من العادات الجميلة التي تعلمتها من الأهل، كنت أحرص على مساعدة عائلتي في توزيع الأطباق على الجيران، خاصة خلال فترة (إمسيان) قبل المغرب، حيث كان هذا جزءًا من روح التكافل الاجتماعي التي يتميز بها رمضان."
وختم حديثه مؤكدًا أن الموروثات الشعبية الرمضانية لا تزال حاضرة بقوة، وتعكس روح المحبة والتلاحم بين أفراد المجتمع، داعيًا إلى المحافظة عليها ونقلها إلى الأجيال القادمة.