اختتمت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، النسخة الحادية عشرة من البرنامج الرمضاني الحواري "وآمنهم من خوف"، والذي استمر على مدار أربعة أيام في جامع الإمام محمد بن عبدالوهاب، بحضور نخبة من علماء ومفكري العالم الإسلامي، لمناقشة قضايا جوهرية تتعلق بحاضر الأمة ومستقبلها، مع التركيز على تصحيح المفاهيم الخاطئة.
وناقشت الجلسة الختامية التي حملت عنوان "موجات معاداة الإسلام والمسلمين وسبل مكافحتها"، وأدارها الشيخ معاذ القاسمي، كيفية التصدي للإسلاموفوبيا، التي انهجها الخبر في سبيل تشويه صورة الإسلام، وتصدير صورة غير حقيقية عن المسلمين وسلوكياتهم الحياتية، مشيرة إلى أن هناك ضرورة كبيرة لتعزيز الجهود لتقديم الصور المثلى عن الدين الإسلامي.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور إبراهيم الأنصاري عميد كلية الشريعة بجامعة قطر: إن "الإسلاموفوبيا" نشأت في الغرب، وهو مصطلح يعبر عما يتعرض له المسلمون والعالم الإسلامي حاليا من ممارسات تمييزية في الغرب.
وأشار إلى وجود محاولات لتأكيد الصور النمطية السلبية عن العالم الإسلامي عبر الدراسات والمحاضرات ووسائل الإعلام، ومحاصرة أي صور إيجابية للإسلام في تلك الوسائل.
وشدد الدكتور الأنصاري على ضرورة التركيز على ملفات إسلامية تعمل على تصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام، والبحث في جذور ظاهرة الكراهية وأسبابها، داعيا إلى إعداد دراسات مشتركة مع جامعات مرموقة في الغرب تركز على قضايا تفصيلية تتعلق بالإسلاموفوبيا، وتبني كراسي علمية في الجامعات الغربية لمقاومة الترهيب من الإسلام، مؤكدا أهمية تنظيم مؤتمرات عالمية لتصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام.

بدوره، قال الدكتور علي القره داغي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، إن جذور قضية الإسلاموفوبيا تعود إلى أسباب دينية، وتوسعية، واقتصادية، واجتماعية، وفكرية، لافتا إلى أن فكرة الخوف من الإسلام بدأت أول مرة من قريش، مستشهدا بقوله تعالى: "وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون".
وأوضح أن قاموس أكسفورد فسر مصطلح الإسلاموفوبيا بمعنى رهاب الإسلام، أي الخوف من الإسلام وكراهيته، مضيفا: "لقد قاموا بصياغة تعريف الإسلاموفوبيا بناء على افتراءات غير صحيحة لا أساس لها من الواقع.
من جانب آخر، نوه الدكتور القره داغي بأن آخر سورة الحجر أشارت بوضوح إلى كيفية معالجة هذه التحديات المتعلقة بكراهية الإسلام، حينما بين الله عز وجل ذلك بقوله: "فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين"، موضحا أن السورة منذ بدايتها إلى نهايتها تحدثت عن أعداء الإسلام.
وأضاف أن الله عز وجل لخص هذه الأمور، وكأنه يقول للرسول صلى الله عليه وسلم: "لا تهتم بهذه الأمور"، ففوضها إلى الله سبحانه وتعالى، مع اتخاذ الإجراءات الأساسية، والتي تشمل سلسلة أعمال، أولها الاعتزاز بهذا الدين، حينما قال تعالى: "وقل إني أنا النذير المبين"، منوها بأن هناك بعض المسلمين يقدمون صورة خاطئة عن الإسلام، حيث يركزون على آيات القتال ويتجاهلون آيات السلام، دون الاكتراث لميزان السلم والحرب.
وشدد على أهمية تقديم الصورة الحقيقية عن الإسلام، مشيرا إلى أن هناك سبعة أسباب رئيسية لقضية الإسلاموفوبيا، أبرزها "ما ينبع من الداخل الإسلامي، إلى جانب عدة اتهامات وجهت إلى الإسلام، منها التقصير في حقوق المرأة وحقوق الأقليات، وعدم التعايش، بالإضافة إلى الجوانب العلمية والحضارية"، داعيا المؤسسات والجمعيات ووزارات الأوقاف إلى تقديم الدعوة القولية، وقبلها الفعلية.
من جهته، أشار الدكتور بلال بارودي أمين الفتوى في طرابلس، إلى أن هدف العلماء في مؤسساتهم، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الجاهلين وانتحال المبطلين وتأويل الغالين، مضيفا أن هدف المؤسسات العلمية الأساسية أن تجعل للإسلام بريقه الأول، بمحو كل تأويل جاهل يشوش الإسلام في نفوس سامعيه، لأن من مقاصد الدين أن يسمع الناس الحق.
وفي سياق ذي صلة، قال الدكتور عصام البشير نائب رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين، إن الصورة التي قدمها الغرب كأداة للتنوير المعرفي والقيمي قد انحسرت ويظهر ذلك في عدة مظاهر، مبينا أن المظهر الأول يتجسد بانهيار القيم وانتقائية التعامل مع الدين.
وأضاف أن المسلمين عندما يعرضون قضاياهم أمام الأمم المتحدة ويطالبون بها وفق ما أقرته الأمم المتحدة من قوانين ولوائح يجدون رفضا وتغولا من جهة الدول الكبرى وهذا يكشف الانتقائية في التعامل.
ولفت إلى أن الفكر الاستشراقي شوه الإسلام ولعب دورا كبيرا في تنامي ظاهرة ما أسميت بالإسلاموفوبيا.