■ عاصرت 6 حكام لقطر وتعلمت منهم الكثير من التجارب والخبرات

■ والدي كان يصطحبني إلى مجالس حكام وشيوخ قطر فنهلت منها المعرفة

■ حضوري للمناقشات في مجالس الحكام أورثني تراكما معرفياً كبيراً

■ ميزة أهل قطر محبتهم لبعضهم وهم مسالمون يحبون الخير للجميع

■ أهل قطر تجاوزوا كل التحديات دون تفريط في الوطن والتقاليد

■ عاصرت مع أهل قطر أوقات الشدة وأفراحهم بظهور البترول

■ معظم الكفاءات الوطنية هم من خريجي الجامعات القطرية

■ التعليم الجامعي في قطر يوفر أفضل بيئة أكاديمية واجتماعية لشبابنا

■ حرصت على تعليم أبنائي في جامعات قطر ولم أرسلهم للخارج

■ مستشفى الرميلة أُنشئ عام 56 وكان الأفضل في الوطن العربي

■ استفاد جميع أهل قطر من ثروة البترول وكان التكافل بين الجميع

■ طبائع القطريين لم تتغير بعد الثروة وظلت صفاتهم الحميدة قائمة

■ فخورون بالمقيمين الذين عاشوا معنا الحلوة والمرة

■ بيوتنا مفتوحة للجميع والكرم والأمان متجذران في مجتمعنا

■ كان عمري 10 سنوات عندما نصحني أحدهم بتجنب الظلم والطمع

■ رفضت وضع حراسة لأنني أخاف الله وأشعر بالأمان في بلدي

■ ننعم بالأمن والأمان ومعدل الجريمة لدينا صفر

■ المواطنون يرفضون أي عادات دخيلة على مجتمعهم

■ كتاب "قطر التي عشناها" يختزل تاريخاً وقصصاً في حياة قطر

■ وضعت في الكتاب كل ما لدي من معلومات ووثائق وذكريات

■ أنا مع تعليم الشباب داخل البلد لأن جامعاتنا توفر أفضل مستوى

■ شباب قطر أبدعوا في تحمل المسؤولية أمام العالم ونحن نفتخر بهم

■ تلقينا طلبات من 50 دولة و20 جامعة أمريكية لاستضافة معرض المجلس

■ ليس لدي الوقت لمتابعة الذكاء الاصطناعي وأعتمد على فريق عملي

■ 8 نصائح ذهبية للراغبين بدخول عالم الأعمال والمشاريع

■ ابدأ صغيرا حتى تـكبر واحرص على التعلم

■ إذا نجح مشروعك استمر وتوسع وإذا تعثر استبدله بآخر

■ كل منافس يضيف لك جديدا وأنا استفدت كثيرا من المنافسين

■ المتابعة والإشراف اليومي للمشروع وإدارته بنفسك

■ النجاح في عالم الأعمال لا يشترط رأس المال الكبير

■ الوقت هو الفلوس وأنصح الشباب باستثماره في إدارة الأعمال

■ الاهتمام ببناء الاسم والسمعة في سوق الأعمال

■ عدم التقليد لأن المطلوب هو الابتكار وحسن الاختيار

■ نرحب بأي مشروع أو عمل ثقافي يخدم المجتمع ويسعد الناس

■ الفيصل الثقافية تهدف لتقديم مقتنياتي بإطار مؤسسي بطابع عالمي

■ مؤسسة الفيصل تدرس المشاريع الثقافية وتطلقها بمستوى عالمي

■ أسعى أن تصبح الفيصل الثقافية وجهة عالمية للمراجع والوثائق

■ مبادرات القطاع الخاص الثقافية تحتاج إلى الدعم والتشجيع

■ كنت أجلب الكتب من لبنان وأقرأ المذكرات لتعميق ثقافتي



سعادة الشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني شخصية استثنائية ينفرد بكثير من الخصال والمزايا، فهو تاريخ في رجل، وهو الرجل المخضرم الذي عايش أجيالا وعقودا. فكان شاهدا على تاريخ قطر وعاصر 6 حكام من أصل 8 حكام، وكان يرتاد مجالس الحكام مع والده حتى تعلم منهم أكثر مما تعلمه من المدارس والجامعات، حيث إن حضوره للمناقشات في مجالس الحكام أورثه تراكما معرفيا كبيرا وعزز انتماءه الوطني والعربي.
 ويمتاز الشيخ فيصل بن قاسم بأنه شخصية موسوعية فهو متنوع المعارف والثقافات ومتعدد الاهتمامات والمسؤوليات من الاقتصاد والأعمال إلى الثقافة والفكر والتراث والمتاحف وصولا إلى المبادرات الإنسانية والدعم الدائم للتعليم، خصوصا أن شغفه بالتعليم لا يوصف فهو يقول: أكثر شيء يسعدني هو التعليم لأنه زرع وحصاد والإنسان المتعلم يصبح ثروة وطنية.

قد يصعب الحديث عن شخصية الشيخ فيصل في سطور، فهو صاحب الشخصية الجامعة التي كلما اقتربت منها أصبت بشغف النهل من معارفها مثلما يصعب الاكتفاء بحوار صحفي واحد، فالحديث معه وعنه يطول ويحملك في رحلة إبحار إلى أعماق التاريخ والماضي المجيد وصولا إلى حاضر المجتمع القطري الذي يعتز ويفتخر به لما يحمله من سمات رائعة حيث يقول: «أهل قطر مسالمون يحبون الخير للجميع مثلما يحبون بعضهم البعض وتجاوزوا كل التحديات دون تفريط في الوطن والتقاليد فهم ثابتون راسخون في انتمائهم وولائهم لم تبدلهم الشدة ولا الرخاء».





لدى الشيخ فيصل قاعدة ثلاثية تقوم عليها شخصيته وهي الإيمان وخشية رب العالمين وحب الوطن والمجتمع القطري والتواضع مع الناس بعيدا عن كل مظاهر الترف والإسراف. ويقول إنه تلقى نصيحة عندما كان عمره 10 سنوات من رجل التقاه في المسجد وكان صاحب جاه وثروة وقال له «حافظ على صلاتك فهي تدوم وما عداها كل شيء زائل». ولذلك تمسك بالصلاة وحافظ عليها، أما حبه للوطن والمجتمع القطري فهو متجذر في نفسه ووجدانه ولا يتردد بفعل أي شيء لخدمة المجتمع، أما التواضع فهو سلوك تربى عليه منذ الصغر.

خلال حوار «الشرق» مع سعادة الشيخ فيصل كنا نشعر أننا أمام كنز من المعلومات والذكريات الجميلة، وكنا نقلب معه صفحات التاريخ والمحطات الثقافية والتراثية والإنسانية، فالشيخ فيصل يدرك قيمة ما يختزنه من معلومات ومقتنيات، ولذلك فهو حريص على توثيق ما يملكه من معارف لتبقى إرثا للوطن والأجيال ولذلك كانت مبادرته بتأسيس أكبر متحف شخصي في الشرق الأوسط، ثم مبادرته بإطلاق مؤسسة الفيصل العالمية للثقافة والمعرفة لتتولى التوثيق وتبني المشاريع الثقافية بطابع عالمي، مثلما حرص أيضا على جمع الكثير من الوثائق والذكريات في كتاب قطر التي عشناها والذي يعتبر مرجعا وطنيا لتاريخ قطر.

الحديث مع الشيخ فيصل لا يخلو من الفخر والاعتزاز بشباب قطر الذين أثبتوا للعالم قدرتهم على تحمل المسؤولية كما أنه لا يخفي انحيازه للتعليم الجامعي في قطر، حيث يفتخر بأن جميع أبنائه تعلموا في جامعات قطر ولم يرسلهم للخارج ويقول إن الجامعات في قطر خرجت أهم الكفاءات الوطنية والمسؤولين في مختلف المجالات، كما أن الجامعات الوطنية توفر أفضل بيئة تعليمية وأكاديمية وتحفظ ارتباط الطلبة بعاداتهم وتقاليدهم.
وفي الحوار مع سعادة الشيخ فيصل استخلصنا 8 نصائح ذهبية للشباب ورواد الأعمال حتى ينطلقوا بمشاريعهم في عالم الأعمال بنجاح.
«الشرق» التي تشكر الشيخ فيصل على استضافتها في جولة شاملة في متحفه الخاص تنشر اليوم الجزء الأول من الحوار ثم تخصص الحلقة الثانية للجولة داخل المتحف.






 بداية، سعادة الشيخ فيصل، نأمل منكم كلمة سريعة، في مستهل هذه المقابلة، وفي أعقاب جولتنا بمتحفكم؟
 حقيقة، سعادتي كبيرة بالمقابلة معكم، وزيارتكم للمتحف، وجولتكم فيه، والتي ستضيف الكثير له، على خلفية هذا اللقاء، حتى يتعرف الناس أكثر على المتحف، ويستفيدوا مما تطرحه المقابلة من معلومات، توثق للتاريخ القطري الأصيل.


    - أهل قطر يحبون الخير
 لكم حضور لافت في العديد من المجالات العلمية والثقافية والاقتصادية والخيرية، علاوة على المسؤولية المجتمعية، فمن أين نبدأ برأيكم؟
بداية، أؤكد أنني أحاول قدر الاستطاعة تقديم المعلومات، لتنتقل إلى الناس، سواء ممن كانت لديهم خبرة عنها، أو غيرهم، وذلك بعدما لاحظت اندثار الكثير من مظاهر التراث، لعدم الحفاظ عليها.
وهنا، أؤكد أن دولة قطر تتميز عن غيرها، بأن أهلها مسالمون، ويحبون الخير للجميع، فهم أهل كرم وتسامح وعطاء، وهذا طبعنا على الدوام، ويعتبر نسيجاً قطرياً راسخاً في وجدان القطريين، يضاف إلى ذلك الأمن الذي نتمتع به، ما جعل الجريمة لدينا صفراً، منذ سنوات عديدة.


    - تعلمت الكثير من مجالس الحكام
 تسمح لنا سعادة الشيخ فيصل، بالعودة إلى بواكير نشأتكم، فكيف كانت البداية، والتي منها انطلقتم إلى عالم المال والثقافة والتعليم، والأعمال الخيرية غيرها ؟
بداية حياتي كانت بسيطة للغاية، والدي كان يتيماً، ما جعله يخاف علىَّ كثيراً، وهذا الخوف جعلني، أحفظ عنه ومن غيره الكثير، إذ كان والدي يصطحبني معه إلى حكام قطر، بالإضافة إلى حضور العديد من المجالس، وهذا الحضور، جعلني أشهد العديد من المناقشات والحوارات الدائرة في هذه المجالس، فتعرفت خلالها على العلاقة بين الحكام والناس، وهذا الأمر، عزز لدىَّ الانتماء الوطني، وكذلك الانتماء إلى وطني العربي الكبير، إذ ساهمت كل هذه المحطات واللقاءات والنقاشات في إثراء تراكم معرفي كبير لديّ. وهنا أذكر، أنني عاصرت الشيخ عبدالله بن جاسم آل ثاني، رحمه الله، فكنت أزوره كل يوم، وكذلك عاصرت الشيخ علي بن عبدالله آل ثاني، رحمه الله، وكنا نحضر إلى مجلسه كثيراً، ثم الشيخ أحمد بن علي آل ثاني، رحمه الله، ثم صاحب السمو الأمير الأب الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، رحمه الله، ثم صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، ثم حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظهما الله ورعاهما.
مثل هذه الزيارات، وحضور تلك اللقاءات شكلت لدىَّ خلفية كبيرة من المعلومات، عن كافة التواريخ والأحداث في الوطن والمنطقة، لذلك أحاول أن أنقل كل هذه الخبرات والتجارب والآراء واللقاءات للناس، حتى يستفيدوا منها.


    - مزايا المجتمع القطري
 وكيف كنتم تجدون أهل قطر خلال كل هذه الفترات؟
 دائماً، أقول في شباب قطر وأهلها كل ثناء ومدح، إذ أجد فيهم واقعاً من المحبة لبعضهم البعض، والكلام في حقهم جميعاً لا يكفي، ولا يوافيهم حقهم، إذ لدينا محبة لبعضنا البعض، بشكل لا يوصف، سواء بين الكبير والكبير، أو بين الكبير والصغير، فالجميع يتمتعون بالمساواة في الوطن، وهذه ميزة يتميز بها المجتمع القطري، قد لا تتوفر في غيره، وهى من النعم الكبيرة، التي نحظى بها في وطننا الغالي.






    - توثيق المعلومات التاريخية
 خلال زياراتكم للمجالس، بصحبة الوالد، وقتها، كيف كنتم ترون الفرق بين تلك الأيام التي مضت، وبين واقع اليوم؟
 أرى أن الذاكرة التي يتمتع بها أبناء جيلي في معاصرة الدولة، منذ نشأتها وبدايات تأسيسها إلى اليوم، يحظون بمعلومات تاريخية كبيرة، ما يستوجب على الجميع، أن يقدمها للحفظ والتوثيق، ومن جانبي، أحرص على نقل كل ما في ذاكرتي للتوثيق والحفظ، حتى يصل إلى الأجيال القادمة، ليتعرفوا جميعاً على أمجاد الماضي، وتاريخه العريق.
وهنا، أستحضر حياة زمن لوّل، حيث كانت الحياة تعتمد على صيد اللؤلؤ، في الوقت الذي كانت تشهد فيه هذه الأيام كساداً واضحاً، وأوضاعاً معيشية صعبة، غير أن أهل قطر تجاوزوا كل ذلك، دون تفريط في الوطن، أو تفريط في العادات والتقاليد، وظلوا على أوضاعهم، أوفياء في الانتماء للوطن، رغم كل الظروف التي تعرضوا لها، سواء أيام الحرب العالمية، أو غيرها من أحداث، وتحديات.


    - السعادة باكتشاف النفط
 عاصرتم كل هذه الفترات، والتي تعاقب عليها ستة من حكام دولة قطر، وعايشتم مسيرة أهل قطر، في التكافل والتعاضد والتعاون، فهل تعتقدون أن هذه الروح، مازالت قائمة بين أهل قطر، في تعاونهم وتماسكهم؟
نعم، فلقد عاصرت في مراحلي المختلفة فترات عدد من حكام قطر، وعاصرت مع أهل قطر أفراحهم بظهور البترول، كما عاصرتهم في أوقات شدتهم، وكان ظهور النفط، بمثابة سعادة غمرت الجميع، إذ تحققت على أيدي قادتنا العديد من المعجزات، فبعد ظهور النفط، تم إنشاء المدارس النظامية، وإقامة محطات لتحلية المياه، وتوصيل الكهرباء، والتليفونات، وتقديم بقية الخدمات، بعدما كانت الحياة العامة تفتقرها.
كل هذه الخدمات، كان يتم تقديمها للمواطنين مجاناً، علاوة على تقديم الدولة لهم كل ما يفيدهم، فكان لدينا أفضل مستشفى في العالم العربي، وهى مستشفى الرميلة، والتي أنشئت في 1956، أي بعد ظهور البترول بنحو ست سنوات، إلى غيرها من الخدمات، كما كان التكافل واضحاً بين الجميع، حيث استفاد جميع أهل قطر، من الثروة التي تحققت في البلاد، نتيجة ظهور البترول.

وكان اللافت أنه مع هذه الطفرة في البترول، والثراء الذي أصبحت عليه البلاد، أن عادات وطبائع القطريين لم تتغير، إذ ظلت صفاتهم الحميدة قائمة فيما بينهم، من تواضع وتكافل وتعاضد ومساواة، وغيرها من صفات وخصال حميدة، وظلوا على هذه الحالة إلى يومنا، كونهم من أرض الوطن.
وحقيقة، لدىَّ قصص كثيرة عن حياة لوَّل، وحياة القطريين وقتها، حيث كان الناس يفدون إلى مجالس الحكام، صباح مساء، لعرض كل ما يدور في خاطرهم، وكان يتم استقبال الجميع، والاستماع لهم. ولذلك أحاول تدوين كل هذه الأمور، وما هو راسخ في ذاكرتي لحفظه، صوناً لتاريخنا، وعاداتنا وتقاليدنا، وموروثنا الأصيل.


    - التكاتف والتعاضد بين القطريين
 وهل يعني هذا، أن أهل قطر ظلوا متمسكين بعاداتهم، سواء في أوقات تطور حياتهم، أو في خلال فترة الكساد، التي عاشوها؟
 صحيح، ظل القطريون طوال حياتهم متمسكين بعاداتهم وتقاليدهم في جميع الأوقات والفترات التي عاشوها، كما أن المواطنين أنفسهم يرفضون أي عادات دخيلة عليهم.
كما أن علاقة الناس مع الشيوخ، كانت تقوم على التكاتف والتعاضد، ورغم ما تعرض له المجتمع من تحديات وظروف، إلا أن المجتمع تجاوز كل ذلك، كما سبق أن ذكرت، علاوة على أن المقيمين أنفسهم تطبعوا بعادات وتقاليد أهل قطر، وحملوا نفس طبائعهم، وهذا ما يميزنا في قطر أيضاً، فبيوتنا مفتوحة للجميع، بكل أمان وضيافة لهم، فالأمان والكرم متأصلان ومتجذران في مجتمعنا.


    - قصص كرم أهل قطر
 وبالطبع، توارث أهل قطر كل هذه العادات والتقاليد؟
بالفعل، علاقتنا ومحبتنا للآخرين قائمة منذ القدم، ودائماً أهل قطر يفزعون لمساعدة الغير ونجدتهم، ولدىَّ في هذا السياق العديد من القصص التي ترصد عادات وتقاليد أهل قطر مع غيرهم، في الكرم والجود والعطاء. وكما ذكرت إن هذه العادات والتقاليد متجذرة في المجتمع.







    - فكرة إنشاء المتحف
 ونحن بين جنبات هذا الصرح العريق، وفي داخل متحف الشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني، ما هى البدايات الأولى لإنشاء المتحف؟، وكيف نبعت فكرته لديكم؟
 بداية، أؤكد أن فكر إنشاء المتحف، نبعت من حرصي الدائم على استثمار أوقات فراغي، حيث أحرص على قضائه في القراءة والكتابة، وتعودت على هذا الأمر منذ الصغر، فدائماً، أستثمر أوقات فراغي في القراءة والكتابة، حيث كنت أقرأ منذ صغري كتباً تتجاوز عمري. وأذكر أنني في مراحلي الأولى، وعندما كنت في لبنان، كنت اجلب كتب "البداية والنهاية"، و"المتنبي"، كما كنت أقرأ المذكرات والكتب المختلفة، بالشكل الذي يعمق ثقافتي، ويسهم في الوقت نفسه في التعرف على الآخرين.
ومن وقتها، كنت أحرص على الاحتفاظ بكل ما هو ثمين، حتى تكونت عندي مجموعة قيمة، خاصة من السيوف والبنادق والصور القديمة، وأردت عرضها في متحف صغير، غير أنني لاحظت أن لدىَّ إمكانيات أكبر لإنشاء متحف، وهو ما حدث، وأصبح يزورني فيه العديد من الزوار، من كبار الشخصيات في دول العالم، ولذلك أردت عرض كل ما عندي من مقتنيات ثمينة، سواء تحف أو غيرها في هذا المتحف.


    - نصيحة من ذهب
 في ظل عملكم في مجال الاستثمار والأعمال، فأنتم أيضاً سعادة الشيخ فيصل، لكم مبادرات في المسؤولية المجتميعة والثقافة، وغيرهما، فكيف تحققون كل هذا التجانس؟
هذا توفيق الله عز وجل وجل لي منذ الصغر، وأحرص على مراعاته، وابتغاء مرضاته، في كل عمل أعمله، دون ظلم لأحد، أو جور عليه، وعندما يكون الإنسان كذلك، فلن يخشى فقراً أو مرضاً، بل سيظل مطمئناً، بل ويسعد حين يلاقي ربه على هذه الحالة.
وأذكر أنني، وعندما كان عمري 10 سنوات، وكنت خارج قطر، قدم لي أحد الأشخاص نصيحة، عندما رآني هذا الشخص أصلي، فقال لي إنه كان في مناصب عليا، ولكنه ظلم كثيراً من البشر، وتاب عن ذلك وقتها، ويرجو غفران ربه، ونصحني بتجنب الظلم، وعدم الطمع لما في أيدي الناس، واتقاء الله في كل شيء.
وبالفعل، ألتزم هذه النصيحة وأحرص عليها، وأعمل بها، والحمد لله، فأنا أرتاح لهذه النصيحة، ولا ألتفت إلى غيرها. ولذلك، أجد الله تعالى يوفقني في كل عمل، لدرجة أنني أنام مطمئناً في غرفتي، وبابها مفتوح، وكذلك باب البيت والسور مفتوحان، ورفضت وضع حراسة لذلك، لأنني أشعر بالأمان في بلدي، وأن الله تعالى يحفظنا جميعا من كل سوء.


    -"قطر التي عشناها"
 بعد إنجاز كتابكم، "قطر التي عشناها: تاريخها وشعبها وحكامها"، هل ستكون لكم كتب أخرى في المستقبل؟
بداية، أؤكد أن هذا الزمن قل فيه من يقرأ، حيث أفسدت الوسائل الحديثة القراءة لدى الناس، ولذلك، حرصت خلال هذا الكتاب على اختصار كثير من القصص، ووضعت صوراً، وتحتها شرحها، محاولاً في ذلك تحفيز القارئ للبحث، وتحفيزه كذلك على المزيد من القراءة.


     - كل المعلومات في الكتاب
 الكتاب غني جدا بما يتضمنه من معلومات ووثائق فهل سيكون هناك أجزاء أخرى ؟
 لقد حرصت أن أضع في الكتاب كل ما هو متوفر عندي من معلومات ووثائق وذكريات. الانسان الذي عاش فترة الخمسينات والستينات والسبعينات يختزن ذكريات مهمة عن ذلك الزمن الجميل والغني بمجرياته واحداثه السياسية والثقافية والاجتماعية. بينما جيل التسعينات لا يعلمون شيئا عن الماضي وهذا الإرث الجميل الذي عشناه ونتمنى ان يصلهم ويستفيدون منه. كنا سعداء ولا نملك شيئا كنا نحب بعضنا البعض ولا نملك شيئا. هذا ما أود أن يصل إلى هذا الجيل ومهما تكلمت عن ماضي مجتمعنا العريق لن استطيع ان أقول كل ما أود قوله.







    - المقتنيات الثقافية بطابع عالمي
 في مسيرتك تحملت الكثير من المسؤوليات والاهتمامات من عالم الاعمال الى المبادرات الإنسانية الى دعم التعليم وكان اخرها اطلاق مؤسسة الفيصل العالمية للثقافة والمعرفة ما أهمية هذا المشروع ؟
 من عادتي ان اجمع أشياء كثيرة ومن ضمن ما اجمعه هناك مقتنيات تتعلق بالثقافة ولها أثر في المجتمع ولذلك أردت ان اقدمها من خلال اطار مؤسسي ذي طابع عالمي. وبالتالي سيكون في هذه المؤسسة خبراء يقومون بدراسة المشاريع المفيدة للثقافة المحلية واطلاقها على المستوى العالمي. وانا احرص دائما على العمل ضمن فريق وليس العمل بمفردي. فما افكر فيه وارغب به نتشاور بشأنه ونستخلص الأفكار الجيدة قبل ان نتبناها. واحرص أيضا على الاستماع الى الآراء والتمعن بوجهات نظر فريق العمل قبل اتخاذ أي قرار. خصوصا وانني استقبل الكثير من الناس والزوار وكل واحد يقترح مشروعا ثقافيا أو فكرة معينة وبالتالي احتاج الى فريق العمل لاتخاذ القرار. واذكر انه زارني مؤخرا شخص من عمان يريد ان يطبع كتابا وقمت بتحويل الموضوع الى فريق العمل لاتخاذ القرار ونحن نرحب بأي مشروع او عمل ثقافي بعيد عن السياسة والأمور الخلافية انا مع المشاريع التي تخدم المجتمع وتسعد الناس. وأيضا انا اهدف من مؤسسة الفيصل الثقافية ان احفظ ما املكه من وثائق تاريخية ومراجع وكتب ومقتنيات ثقافية بحيث يتم توثيقها لتكون في خدمة كل باحث وطالب علم ومعرفة. واسعى ان تصبح مؤسسة الفيصل الثقافية وجهة بحثية متخصصة بتوفير المراجع والوثائق والصور للمؤسسات الوطنية والتعليمية والثقافية.


   - التعليم أكثر ما يسعدني
• لقد أوليت اهتمامك لقطاعي الثقافة والتعليم وهما مجالان صعبان لماذا ؟

 للحقيقة اجد التعليم اسهل شيء واكثر شيء يسعدني. يكفي انك تزرع زرعا مثمرا حيث يأتيك الشخص المحتاج للتعليم ثم تراه بعد التخرج وقد اصبح ثروة علمية تخدم المجتمع. منذ عدة أيام احتفلت احدى مؤسساتنا بتخريج 40 طالبا من الجامعات ولعل اكثر ما اسعدني ان جميع الخريجين حصلوا على فرص العمل المناسبة. وذلك بفضل الله انا كنت احمل هم هؤلاء وافكر كيف اوفر لهم فرص العمل. لكنهم بفضل الله حصلوا على افضل الوظائف في افضل المؤسسات بدون وساطة فقط بكفاءاتهم العلمية. وهذا الشيء يسعدني.


    - التعليم الجامعي في قطر مفخرة
• لقد عشت في زمن كان فيه شباب قطر يسافر بحثا عن التعليم الجامعي واليوم نعيش في زمن أصبحت فيه قطر وجهة للتعليم الجامعي تستقطب الطلاب من مختلف دول العالم فكيف تقارن الأمس باليوم؟

 الشاب الذي يصل إلى الثانوية اعتبره طفلا. وعندما كنت في الثانوية كنت اظن نفسي بطلا من الابطال ولكن بعد التجارب تبين ان الانسان ينضج وتكتمل شخصيته في مرحلة الدراسة الجامعية حيث يبدأ الاعتماد على النفس ويصبح مجتمعه زملاءه الذين يدرسون معه. ولذلك أرى ان البيئة الجامعية مهمة جدا في بناء الشخصية. وأنا افضل التعليم الجامعي في قطر حيث شبابنا لا يخرجون من بيئتهم وعاداتهم وتقاليدهم. في جامعات قطر يتعلم الشاب متى يتحدث ومتى يستمع وكيف يتعامل مع الناس وكيف يحترم الكبير ويرعى الصغير كما يحسن اختيار اصدقائه. ولذلك انا افضل التعليم الجامعي داخل الدوحة ولكن اذا كان للطالب طموحات ولا يجد التخصص المطلوب في بلده عندها يكون له الحق في السفر الى الخارج. ويكفي ان نرجع الى قائمة الكفاءات الوطنية حتى نجد ان افضل المسؤولين والوزراء والوكلاء وقادة الاعمال هم من خريجي الجامعات القطرية. وهذا دليل على مستوى التعليم في جامعاتنا. ولذلك حرصت على تعليم ابنائي في جامعات قطر ولم يتعلموا في الخارج. وربنا يبارك فيهم اثبتوا كفاءاتهم ومهاراتهم في العمل واصبحوا يتفوقون علي. كما واكبت حرصهم على تطوير مهاراتهم من خلال الدورات المستمرة في مختلف المجالات. وهناك دورات تدريبية مفيدة جدا تعلم في أسبوع ما لا يمكن ان تتعلمه في الجامعة بسنة. واعتبر ان الدورات التي تنظمها البنوك والشركات والوزارات مهمة جدا وتصقل خبرة الشباب بعد التخرج من الجامعة. لقد أصبحت جامعات الدوحة توفر اعلى مستوى من التعليم ولذلك انا مع تعليم الشباب داخل البلد.





    - إحياء معرض المجلس
 أطلقتم فكرة معرض المجلس المستوحى من المتحف وطاف عدة دول غربية، هل لديكم رغبة بإحياء هذه الفكرة؟
 اطلقنا فكرة المجلس لتعريف الناس بدولة قطر والمجتمع القطري وسافرنا الى مالطا والى فرنسا وفيينا واسبانيا وإيطاليا وروسيا لكن الفكرة توقفت بسبب الكورونا. ولعل المشكلة التي واجهتنا صعوبة نقل التحف النادرة والثمينة والتي تحتاج الى تأمين وتخزين بمبالغ باهظة. واذكر انهم طلبوا منا في فيينا ان نقيم نسخة دائمة من المجلس عندهم. وبدلا من جلوس الطلبة في المقهى يأتون الى المجلس ويتعرفون على ثقافتنا. ولدي نوعان من المتاحف، المتحف الجاهز للسفر والمتحف الخاص بالمناسبات الوطنية.


   - طلبات لاستضافة المجلس
 بعض الدول طلبت استضافة المجلس فهل ستفعلون ؟
لقد تلقينا طلبات من اكثر من 50 دولة وهناك أيضا حوالي 20 جامعة أمريكية في ولايات مختلفة. وتقديرا لهذه الجهات خصصت لهم اجنحة في هذا المتحف. وهناك دول اسيا الوسطى مثل كازاخستان وغيرها وجهوا لنا الشكر لأننا حفظنا قطعا اثرية مهمة في تاريخهم.


   - جوائز الفيصل بلا حدود
 مؤسسة الفيصل بلا حدود أطلقت جوائز لتحفز البحث العلمي بالتعاون مع جامعة قطر، هل لديكم نية لتوسيع نطاق هذه الجوائز؟
كل شيء مفيد للمجتمع لا نتأخر بتبنيه. الان تمكنت الجوائز من استقطاب مشاركين من الجزائر وعمان والسعودية ومن أماكن كثيرة ونحن نحرص من خلال هذه الجوائز على تحقيق هدفين الأول دعم البحث العلمي وثانيهما تعريف الفائزين بدولة قطر من خلال استضافتهم هنا في الدوحة. أما بالنسبة الى فكرة استحداث جوائز جديدة فهذا يعود الى نوعية المقترحات حيث نقوم بدراستها فاذا تبين انها ستكون مفيدة للناس والمجتمع وتشكل إضافة جديدة نبادر الى تبنيها فورا.


    - التعاون الثقافي مع القطاع الخاص
• جوائز مؤسسة الفيصل تعتبر الأولى من القطاع الخاص لدعم الثقافة، فما هي رؤيتكم لدور القطاع الخاص بدعم الثقافة ؟

 القطاع الخاص لم يقصر. وكل مؤسسة او جهة تشارك بمبادرات حسب قدراتها. ولكن لابد من تشجيع وتسهيلات للقطاع الخاص للقيام بهذه المبادرات، فالمبادرة اذا لم يتم احتضانها ودعمها من قبل الجهات المختصة تبقى غير مكتملة وعلى سبيل المثال جامعة قطر لم تقصر معنا وكذلك كتارا وهناك الكثير من المؤسسات الثقافية التابعة للدولة ولوزارة الثقافة نستفيد منها وهذه الجهات تشكر على دعمها لنا.كذلك لابد من التنويه بدور وزارة التربية والتعليم حيث نلمس لديهم الخبرة والمعرفة وعندما نلجأ لهم يضيفون لنا المعلومات المفيدة ويقدمون لنا التسهيلات المطلوبة.


    - استخدام الذكاء الاصطناعي
• هل تتابع الذكاء الاصطناعي وهل تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي ؟

 اقولها بصراحة لا يوجد انسان كامل. ربما ليس لدي الوقت الكافي لمتابعة الذكاء الاصطناعي والثورة الرقمية لكنني اعتمد على فريق عملي في هذا المجال. ليس بإمكان الانسان أن يفعل كل شيء ولذلك افضل التركيز على الأشياء التي تتقنها من الدخول في متاهات لا تعرفها. يكفي ان تختار خبيرا أو متخصصا ليقوم بالشيء المطلوب.





    - مواقف لا تنسى لتجار قطر
 ماذا تقول لأهل قطر وبماذا توصيهم ؟
أهل قطر كاملو الاوصاف. لا يوجد شيء ناقص عليهم ومهما مدحت اهل قطر ابقى مقصرا في التعبير. أيام الظروف الصعبة في قطر هناك اشخاص دافعوا عن قطر بالسلاح وهناك اشخاص وقفوا بوجه الجوع واقصد تجار قطر مواقفهم لا تنسى أيام الحرب العالمية كانوا يبيعون لأهل قطر بالدين وهذه تحسب لهم. وكما قلت كل اهل قطر يكملون بعضهم.


    - نفتخر بشباب قطر
 كيف تنظر إلى جيل الشباب، وهل أنت راض عن شباب هذه الأيام ؟
 جيل الشباب مفخرة. نحن نفتخر بشباب قطر. وايام الحصار لم نتأثر واكتشفنا الطاقات الشبابية حيث رأينا ورأى العالم كيف أبدع شباب قطر في تحمل المسؤولية. وأيضا نحن فخورون بالمقيمين الذين عاشوا معنا الحلوة والمرة.


    - نصائح ذهبية لرواد الأعمال
ما الذي تود قوله لجيل الشباب الذين لم يعيشوا تجارب وخبرات الزمن الماضي؟
 نصيحتي للشباب الذي يرغب بدخول عالم الاعمال: ابدأ صغيرا حتى تكبر. ومن تجربتي الشخصية ليس لدي أي مشروع أو مؤسسة بدأتها بشكل كبير بل كنت احرص ان ابدأ صغيرا من البداية. بحيث ابدأ المشروع بشكل صغير ومحدود واتعلم فيه فاذا وجدت فيه آفاق النجاح استمررت وتوسعت به، واذا وجدت انني سوف اتعثر به استبدله بمشروع اخر. وهناك نقطة مهمة جدا وهي ان كل منافس لك يضيف لك جديدا وانا استفدت من المنافسين كثيرا. فهم خلقوا عندي التحدي وطالما انت تعمل بشكل صحيح فليس عليك ان تخشى المنافسين. والنصيحة الثالثة هي المتابعة والاشراف اليومي. انا ادير المشروع بنفسي ولا اقبل ان يقوم احد بإدارته نيابة عني يجب ان أكون مطلعا عليه. وانبه الشباب الى ان النجاح لا يشترط رأس المال الكبير لأن النجاح يكون برأس المال القليل. كذلك انصح الشباب باستثمار الوقت في إدارة الاعمال والمشاريع فالوقت هو الفلوس وعندما تستثمر الوقت الكافي لشغلك تحقق النجاح وتحصل على المال. فلا يمكن تحقيق النجاح بالاعتماد على الموظفين فقط لابد من إعطاء الوقت للعمل والمتابعة. في البداية يجب التدرج في العمل وعندما يتحقق النجاح بالإمكان الاهتمام بنفسك، لأن بعض الشباب مجرد ان ينطلق المشروع يبدأون بالإنفاق على انفسهم وعلى ترف الحياة وهذا خطأ كبير. فالمطلوب من رواد الاعمال الاهتمام ببناء الاسم والسمعة في سوق الاعمال والاعتماد على الصدق والأمانة. واذا تحققت هذه الأمور نضمن النجاح. وكذلك اوصي الشباب بعدم التقليد حيث اجد ان البعض يرى فلانا لديه مشروع ناجح فيقوم بتقليده، وهذا خطأ لأن المطلوب هو الابتكار وحسن الاختيار للمشروع. اكرر النصيحة ابدأ صغيرا تكبر ولا تبدأ كبيرا فتصغر وفي الحياة كثير من الأمثلة حيث هناك اشخاص ورثوا الملايين ولم يحققوا شيئا وهناك اشخاص لم يكن لديهم شيء واصبحوا أصحاب مشاريع ناجحة لأنهم اعتمدوا على انفسهم واستثمروا وقتهم.