خلال شهر رمضان المبارك، تسابقت المدارس والمؤسسات التعليمية في قطر للاحتفال بليلة «القرنقعوه»، تلك المناسبة التراثية التي كان الأطفال ينتظرونها بفرح كبير. لكن ما قدمته أكاديمية قطر – الدوحة، التابعة للتعليم ما قبل الجامعي في مؤسسة قطر، هذا العام لم يكن احتفالًا تقليديًا، بل تجربة تربوية وإنسانية أعادت تعريف جوهر هذه الليلة بما عكس القيم الأصيلة لشهر رمضان.

فبدلًا من التركيز على الاسراف والمظاهر، تبنّت المدرسة نهجًا مغايرًا عزّز مفاهيم العطاء، والبساطة، والتكافل المجتمعي. إذ قُدّمت إرشادات عملية لأولياء الأمور شجّعتهم من خلالها على المشاركة في الاحتفال بطريقة أدخلت البهجة إلى قلوب الأطفال بعيدًا عن التبذير والمبالغة في الاحتفالات التي كثيرًا ما ترتبط بهذه المناسبة. توضح يارا الدرويش، نائب مدير المرحلة الابتدائية في أكاديمية قطر - الدوحة، وولي أمر بالأكاديمية نفسها، قائلةً: «ما ألهمنا لتنظيم هذه المبادرة هو الملاحظات المتكررة حول تحول بعض الاحتفالات إلى مناسبات يغلب عليها الطابع الاستهلاكي والمادي، وهو ما أردنا معالجته من خلال تقديم نموذج مختلف يُعزز المعنى الحقيقي لليلة القرنقعوه، ويُشرك الطلاب في تجربة تعليمية واجتماعية تُثري وعيهم وتعكس قيم شهر رمضان.»

وتضيف: «مع مرور الوقت؛ بدأ احتفال القرنقعوه يفقد جوهره الحقيقي، وتحول إلى مناسبة تطغى عليها المقارنات والمظاهر. أذكر جيدًا عندما عاد ابني إلى المنزل يحمل أكثر من 25 علبة حلوى من زملائه، عندها أدركت أننا بحاجة لإعادة النظر في طريقة تنظيم هذا الحدث بما يعيد له بساطته وقيمته».

وتابعت: «تُسهم هذه المبادرة في الحد من مظاهر الإسراف المرتبطة باحتفالات القرنقعوة، من خلال تشجيع الطلاب وأولياء الأمور على تبني ممارسات بسيطة وواعية تنسجم مع قيم الشهر الفضيل. وقد أسهمت بشكل فعّال في تعزيز الوعي بأهمية ترشيد الاستهلاك، وساعدت في بناء وعي مجتمعي مبكر لدى الطلاب، وعمّقت فهمهم لاحتياجات الآخرين، ورسّخت في نفوسهم أن السعادة الحقيقية لا تكمن فقط في الأخذ، بل في العطاء والمشاركة». وسلّطت الضوء على أن هذا النهج الجديد في الاحتفال بليلة القرنقعوه جاء بدعم من المجلس الطلابي. وتمحورت المبادرة حول إطلاق «مبادرة حقيبتيَّ القرنقعوه»، التي تضمنت حقيبتين بلونين مختلفين: حقيبة باللون العنابي لتبادل هدايا القرنقعوه بين الطلاب داخل المدرسة، وأخرى باللون الأزرق، تم توزيع جزء منها على الأطفال الفلسطينيين ممن تم إجلاؤهم إلى الدوحة، فيما تم إيصال الجزء الآخر إلى أطفال الأسر ذات الدخل المحدود عبر جمعية قطر الخيرية.

وأشارت إلى أن الحقائب المُستخدمة في المبادرة صُنعت من مواد صديقة للبيئة وقابلة لإعادة الاستخدام والتدوير، تأكيدًا على أهمية دمج ممارسات الاستدامة في حياة الطلاب اليومية. وبالإضافة إلى ذلك، شارك الطلاب في مجموعة من الأنشطة التراثية مثل نقش الحناء، وسرد القصص، والألعاب الشعبية.
وقالت: تُضيف هذه المبادرة قيمة تربوية عالية للطلاب من خلال تعزيز وعيهم بالمسؤولية الاجتماعية.