في إطار حرص "الشرق" على توعية القرّاء بأحكام العبادات وتعميق الفهم الشرعي في مواسم الطاعات، يقدّم فضيلة الدكتور علي محيي الدين القره داغي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، عبر «رمضانيات الشرق»، سلسلة موضوعات يجيب من خلالها عن أبرز الأسئلة والاستفسارات المتعلقة بزكاة الفطر، من حيث مقدارها ووقتها وأحكامها الشرعية، والأدلة المعتمدة لدى المذاهب الفقهية، إلى جانب أبعادها الاجتماعية والروحية والاقتصادية، وذلك في مقالات متتابعة تهدف إلى تقديم معرفة موثوقة وشاملة للقراء، بما يضمن أداء هذه الشعيرة العظيمة على الوجه الصحيح.


   - كيف تؤدى زكاة الفطر
يقول د. علي القره داغي إن زكاة الفطر يؤديها الشخص القادر على الأداء عن نفسه، وعن زوجته وأولاده الصغار، أما أولاده الكبار فإن كانوا أغنياء فوجب عليهم أن يدفعوها، وإن كانوا فقراء فيدفع عنهم على الراجح من أقوال أهل العلم، لحديث ابن عمر: (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر عن الصغير والكبير، والحرّ، والعبد ممن تمونون) أي تنفقون عليهم، وهذا الحديث بهذا اللفظ ضعفه الكثيرون، ولكن الألباني في ارواء الغليل (839) حسنه بلفظ: ( أدّوا صدقة الفطر عما تُموّنون).







   - مقدار الزكاة
وأشار فضيلته إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم حدد صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير كما في حديث ابن عمر في الصحيحين، وفي حديث أبي سعيد الخدري قال: (كنا نخرج صدقة الفطر صاعاً من طعام، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من أقط، أو صاعاً من زبيب ) رواه البخاري، وفي حديث آخر للبخاري أيضاً بلفظ: (كنا نخرج في زمان النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام...الخ) وفي رواية ثالثة 1510 بلفظ ( كنا نخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفطر صاعاً من طعام والأقط والتمر)، وقال أبو سعيد: وكان طعامنا الشعير، والزبيب.

وأضاف: «وقد اتفق الفقهاء على أن المتصدق في زكاة الفطر لا يكفيه نصف صاع من هذه الأصناف الأربعة المذكورة في حديث أبي سعيد الخدري، وكذلك ذهب جمهورهم (المالكية والشافعية والحنابلة) إلى أنه لا يكفي أيضاً نصف صاع من القمح ونحوه، ولكن الحنفية أجازوا دفع نصف صاع من القمح، وذلك لما قال أبو سعيد الخدري: (إن معاوية قدم حاجاً أو معتمراً، فكلم الناس على المنبر، وكان فيما كلم به الناس أن قال: إني أرى أن مدّين من سمراء الشام (يعني القمح) تعدل صاعاً من تمر، فأخذ الناس بذلك، أما أنا فلا أزال أخرجه أبداً ما عشت كما كنت أخرجه) رواه البخاري».

ورأي معاوية رضي الله عنه مستند إلى رأي الخليفة الراشد عمر  الفارق رضي الله عنه، فقد روى مسلم بسند حسن عن ابن عمر قال: (كان الناس يخرجون صدقة الفطر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من شعير، أو تمر، أو سلت، أو زبيب، قال عبدالله فلما كان عمر رضي الله عنه وكثرت الحنطة جعل عمر نصف صاع حنطة مكان صاع من تلك الأشياء). قال ابن الهمام في شرح فتح القدير: (أعل سنده بابن أبي رواد، تكلم فيه ابن حبان، ووثقه غير واحد، والموثقون له أعرف) ولذلك سكت عنه أبو داود وبالتالي فهو حسن كما عبر عن منهجه، لكن الألباني ضعفه في: ضعيف أبي داود، وقال: (وذكر عمر وهم، والصواب: معاوية).


   - مقدار الصاع في عصرنا الحاضر
وقال رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: «يساوي الصاع في عصرنا الحاضر بالغرامات حوالي 2 كيلو وربع كيلو تقريباً، فلا يزيد على هذا المقدار، ولكنه يختلف من نوع إلى آخر حسب وزنه، لذلك فدفع 2 كيلو وربع الكيلو من الأصناف التي ذكرتها الأحاديث السابقة أو من الأرز جائز شرعاً وكاف بدون شك بإذن الله تعالى. وهو يساوي اليوم 15 - 20 ريالاً قطرياً، فمن دفع 15 ريالاً فقد كفته، ولكن من يدفع 20 ريالاً فهو الأحوط. وكل بلد يقوّم هذه الكمية (2 كيلو، وربع كيلو) من غالب قوت البلد، وعملته السائدة».