في إطار حرص «الشرق» على توعية القراء بأحكام العبادات وتعميق الفهم الشرعي في مواسم الطاعات، يقدم فضيلة الدكتور علي محيي الدين القره داغي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، عبر «رمضانيات الشرق»، سلسلة موضوعات يجيب من خلالها عن أبرز الأسئلة والاستفسارات المتعلقة بزكاة الفطر، من حيث مقدارها ووقتها وأحكامها الشرعية، والأدلة المعتمدة لدى المذاهب الفقهية، إلى جانب أبعادها الاجتماعية والروحية والاقتصادية، وذلك في مقالات متتابعة تهدف إلى تقديم معرفة موثوقة وشاملة للقراء، بما يضمن أداء هذه الشعيرة العظيمة على الوجه الصحيح.
مكان الدفع وجواز نقله للحاجة:
قال فضيلة الشيخ علي القره داغي: «مكان الدفع بالنسبة لصدقة الفطر هو البلد الذي يعيش فيه المسلم، وبالنسبة لزكاة الأموال هو مكانه، ويجوز نقله في الحالات الآتية، كما ورد بذلك فتوى من الهيئة العالمية لقضايا الزكاة المعاصرة، وهي: أولا: الأصل في صرف الزكاة أن توزع في موضع الأموال المزكاة - لا موضع المزكي - ويجوز نقل الزكاة عن موضعها لمصلحة شرعية راجحة».
وأضاف: «ومن وجوه المصلحة للنقل: أ - نقلها إلى مواطن الجهاد في سبيل الله. ب - نقلها إلى المؤسسات الدعوية أو التعليمية أو الصحية التي تستحق الصرف عليها من أحد المصارف الثمانية للزكاة. ج - نقلها إلى مناطق المجاعات والكوارث التي تصيب بعض المسلمين في العالم. د - نقلها إلى أقرباء المزكي المستحقين للزكاة».
نقل الزكاة إلى غير موضعها
وأشار فضيلته أنه يمكن نقل الزكاة إلى غير موضعها في غير الحالات السابقة لا يمنع إجزاؤهاعنه ولكن مع الكراهة بشرط أن تعطى إلى من يستحق الزكاة من أحد المصارف الثمانية. كما أن موطن الزكاة هو البلد وما يقربه من القرى وما يتبعه من مناطق مما هو دون مسافة القصر (82 كم تقريبا) لأنه في حكم بلد واحد. كما أن موضع الزكاة بالنسبة لزكاة الفطر هو موضع من يؤديها لأنها زكاة الأبدان.
وأكد فضيلته أن مما يسوغ من التصرفات في حالات النقل: أ - تعجيل إخراج زكاة المال عن نهاية الحول بمدة يمكن فيها وصولها إلى مستحقيها عند تمام الحول إذا توافرت شروط وجوب الزكاة ولا تقدم زكاة الفطر على أول رمضان. ب - تأخير إخراج الزكاة للمدة التي يقتضيها النقل.
وقت إخراج الزكاة
وقال: «الغرض والحكمة من هذه الصدقة أن تحقق أهداف الفقير في تحقيق مشاركته مع الأغنياء في فرح يوم العيد، ولذلك كان ابن عمر يؤديها قبل العيد بيوم أو بيومين، حيث روى أبو داود بسند صحيح (الحديث1610): (أن ابن عمر كان يؤديها قبل ذلك باليوم واليومين) وقال الألباني في صحيح أبي دواد: (حديث صحيح). ومن المعلوم أن ابن عمر هو من أشد الصحابة تمسكاً بالسنة واقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم ومع ذلك كان يعطي صدقة الفطر قبل العيد بيوم أو بيومين حتى يتمكن الفقير من الاستفادة منها لأنه لو أعطى له في نفس اليوم قد لا يتمكن من الاستفادة منها الاستفادة المثلى.
وتابع: «ثم اختلف الفقهاء فذهب جماعة من الفقهاء، منهم ابن عمر، والمالكية والحنابلة، إلى جواز تقديم صدقة الفطر بيوم أو بيومين (يراجع: بلغة السالك (1/201) وكشاف القناع(1/471)، وذهب الشافعية إلى أن وقت أدائها المستحب هو قبل صلاة العيد، ولكنه يجوز تعجيلها إلى أول شهر رمضان إلى آخره على المذهب يراجع روضة الطالبين (2/292)، وذهب الحنفية إلى أن وقت وجوب أداء زكاة الفطر موسع، فهي تجب في مطلق الوقت، وإنما يتعين بتعيينه، ففي أي وقت أدى كان مؤدياً، لا قاضياً غير أن المستحب إخراجها قبل الذهاب إلى المصلى يراجع روضة الطالبين (2/292)، لكن جمهور الفقهاء بمن فيهم الحسن بن زياد من الحنفية ذهبوا إلى أن وقت الأداء ينتهي بنهاية يوم العيد. يراجع المصادر الفقهية السابقة، والموسوعة الفقهية الكويتية».
وأما آخر وقت دفع صدقة الفطر أداءً، فقد قال الشافعية إن أداءها في يوم العيد جائز مع الكراهة، وعند جماعة تصبح قضاءً بصلاة العيد، واتفق الفقهاء على أن زكاة الفطر لا تسقط بخروج وقتها، لأنها وجبت في ذمته لمن هي له وهم مستحقوها، فهي دين لهم لا يسقط إلا بالأداء، لأنها حق للعبد، أما حق الله تعالى في التأخير عن وقتها فلا يجبر إلا بالاستغفار والتوبة. يراجع المصادر الفقهية السابقة، والموسوعة الفقهية الكويتية.