بينما يعلو هدير النيل الأبيض ويبتلع الأرض والتاريخ في لحظة محكومة بالخوف، يقف السودان على حافة كارثة غير مسبوقة، طوفان لا يرحم يغمر حياة مئات الآلاف، ويشطب إرثًا تاريخيًا لا يعوض. من غار الإمام المهدي في الجزيرة أبا إلى آثار الكوة، يندثر وجه حضارة إنسانية تحت وطأة هذا الطوفان الذي يحمل في طياته نُذُر فقدان مزدوج: الأرواح والماضي. هل نحن على موعد مع مأساة تشبه ما عايشته درنة الليبية؟فيضان النيل الأبيض، الذي يتدفق بوحشية، يحول الحياة إلى كابوس مزمن لمئات الآلاف الذين يعيشون على ضفتيه. أكثر من 700 ألف إنسان في قلب طوفان مدمر يهدد وجودهم بكل ما يحملونه من أمل، حيث تغرق الأراضي الزراعية والحيوانية التي كانت مصدر قوتهم. في مناطق مثل "مصران" و"أم جر"، تذبل آخر خيوط الأمل، وتحيط المياه بكل شيء حتى أصبح الزرع والرعي على حافة الفناء التام.الجزيرة أبا.. بين الطوفان والانهياربدوره، قال نصر الدين مفرح، الوزير الأسبق وأحد أبناء الجزيرة أبا بولاية النيل الأبيض، لـ"العربية.نت": في قلب هذه الكارثة، تقف الجزيرة أبا، تلك الأرض التي تفتخر بتاريخها، عاجزة أمام قسوة المياه الجارفة. انهار نحو 9 آلاف منزل،