بين الخراب الذي يزحف على الخرطوم، تقف غابة جامعة أم درمان الأهلية كشاهدٍ أخير على ماضٍ لم يعد، إذ إنها الآن تواجه خطر الزوال تحت ضربات المناشير. منذ تأسيسها في عام 1987، ظلت الغابة ملاذًا للطلاب ومتنفسًا أخضر في مدينة تعجّ بالفوضى. اليوم، يُطلق مدير الجامعة، البروفيسور المعتصم أحمد الحاج، نداء استغاثة لإنقاذ الغابة من التدمير الممنهج، محذرًا من أن "ما تبقى منها قد لا يصمد طويلًا".من رمز أخضر إلى أرض جرداءالغابة، التي كانت يومًا رمزًا للتواصل بين الطبيعة والتعليم، تتعرض لحملة قطع شرسة من جهات مجهولة. محاولات الجامعة للحصول على دعمٍ من الإدارة العسكرية القريبة باءت بالفشل، ما ترك الأشجار العريقة وحيدة أمام مصيرها. "هذه ليست مجرد أشجار تُقطع، بل هوية تُمحى" كما يؤكد الحاج.الخرطوم.. مدينة بلا ذاكرةما يحدث في غابة الأهلية ليس سوى حلقة في مسلسل الخراب الذي ينهش الخرطوم. متاحف نُهبت، آثار دُمّرت، وذكريات أجيال تُسلب. الحرب في السودان لا تفرّق بين البشر والحجر، وبين الماضي والمستقبل. "غابة الأهلية ليست مجرد مكان، إنها جزء من تاريخ السودان الذي يختفي تحت رماد الصراع"، كما يعلّق أحد النشطاء.جدل