حققت جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) ووزارة البيئة والمياه والزراع تقدمًا ملموسًا في بناء قطاع الاستزراع المائي محليًا وبشكل مستدام في المملكة، وذلك من خلال برنامج تطوير الاستزراع المائي المشترك، المتوقع أن يسهم في إنتاج حوالي 280,000 طن من المنتجات البحرية في البداية، لتصل إلى 530,000 طن سنويًا بحلول عام 2030.

تم الإعلان عن إنجازات البرنامج خلال ورشة العمل الدولية السادسة لتطوير الاستزراع المائي السعودي، التي عُقدت في كاوست بتاريخ 14 نوفمبر 2024. وقد أحرزت (شركة المنارة للتطوير) وهي شركة استشارية بيئية مقرها كاوست وتتولى الإشراف على البرنامج، تقدم كبير في تعزيز الأمن الغذائي عبر تحسين إنتاج الأسماك وتطوير استراتيجيات استزراع مائي مستدامة.

وتشكل تغذية الأسماك ما يصل إلى 70% من تكاليف إنتاجها، مما يعني أن تحسين نسبة تحويل الأعلاف السمكية (FCR) - وهي مقياس لكفاءة إنتاج الأسماك - قد يؤدي إلى توفير كبير في التكاليف. وبهذا الصدد، طوّر فريق المنارة للتطوير أكثر من 30 تركيبة جديدة للأعلاف السمكية، حققت تحسينات ملحوظة تتراوح بين 10-15% في نسبة تحويل الأعلاف، ومن 15-35% في نسبة تحويل الطاقة لأنواع مختلفة من الأسماك تحت ظروف البحر الأحمر.

وفي هذا الإطار، صرّح الدكتور علي محمد الشيخي، وكيل الوزارة المساعد للثروة الحيوانية والثروة السمكية في وزارة البيئة والمياه والزراعة: "في حال تطبيق جميع الأنظمة الغذائية التي طورناها على نطاق صناعي في السعودية للوصول إلى أهداف الإنتاج لعام 2030، فسنتمكن من توفير نحو 417 مليون دولار سنويًا في تكاليف الإنتاج".

وفي هذا السياق، قال الدكتور إيان كامبل، نائب رئيس معهد التحول الوطني في كاوست: "يعتبر الأمن الغذائي أولوية رئيسية في السعودية، ولهذا نعمل مع وزارة البيئة والمياه والزراعة على تسريع نمو قطاع الاستزراع المائي المحلي لتلبية احتياجات المملكة من المنتجات البحرية وتعزيز الاقتصاد".

وفي مجال تكاثر الأسماك، نجح فريق المنارة للتطوير في إتمام دورة الإنتاج الكاملة لأسماك السبيطي ، وهي من الأنواع الشائعة في منطقة الخليج العربي، بدءًا من مرحلة تفقيس البيض وصولًا إلى الحجم التجاري. يعني هذا أنهم قادرون على استنساخ هذا النوع في بيئة مُحكَمة، مع العناية بالبيض واليرقات حتى تصل إلى حجم قابل للتسويق أو لإعادة التوطين، حسب الأهداف المنشودة.

كما تمكّن الفريق من إنتاج نوع سمك الدنيس، وهو من الأنواع المفضلة في دول البحر الأبيض المتوسط، في ظل ظروف البحر الأحمر الفريدة، وطوروا بروتوكولًا كاملًا لتربية ستة أنواع من الأسماك البحرية في بيئات استزراع محكمة.

وعرضت هذه الإنجازات على المشاركين في ورشة العمل حول "تحليل سلسلة القيمة لمنتجات الاستزراع المائي السعودي وتقييم جودة المنتجات البحرية"، التي استضافتها وزارة البيئة والمياه والزراعة وجامعة كاوست، بمشاركة نخبة من الخبراء المحليين والدوليين في هذا المجال. وقدّم فريق المنارة للتطوير نتائج أبحاثهم التطبيقية لمعالجة تحديات الإنتاج، وعرضوا خارطة طريق للتطوير المستدام للاستزراع البحري في المملكة، وناقشوا إمكانات المنتجات المائية السعودية من خلال تحليل سلسلة القيمة وتقييم الجودة.

يسعى البرنامج إلى تقليل الاعتماد على استيراد الأسماك، وخلق فرص عمل جديدة، وجذب الاستثمارات، ومساعدة المجتمعات المحلية المعتمدة على الصيد في تحقيق الاكتفاء الذاتي. والأهم من ذلك، يهدف البرنامج إلى تخفيف الضغط على المخزون السمكي الطبيعي - الذي يعاني من الاستنزاف على طول السواحل السعودية نتيجة للصيد الجائر والضغوط البيئية - وبالتالي الحفاظ على التنوع البيولوجي البحري.