في عصر المعلومات السريعة والتواصل الرقمي، أصبحت إدارات الاتصال والعلاقات العامة تلعب دورًا حيويًا في نجاح المؤسسات. ومع ذلك نلاحظ أن بعض مدراء وموظفي تلك الإدارات يفتقرون إلى التخصص والخبرة اللازمة، مما يؤثر سلبًا على فعالية عملهم. إن عدم وجود خلفية قوية في مجالات العلاقات العامة والإعلام يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية تهدد سمعة المؤسسات.
ومن واقع تجربتي لسنوات طويلة في هذا الوسط، لا يزال هناك الكثير من العاملين في إدارات الاتصال والعلاقات العامة الذين لم يمارسوا المهنة بشكل متخصص. كثير منهم قد حصلوا على وظائفهم بناءً على علاقات شخصية أو دون إستيفاء المتطلبات الأكاديمية والمهنية اللازمة. هذا الوضع يخلق فجوة في المعرفة والمهارات، مما يؤدي إلى تراجع مخرجات العمل والتواصل مع الجمهور.
حين لا يمتلك الموظفون الخبرة اللازمة، قد يؤدي ذلك إلى فقدان الثقة بين المؤسسة وجمهورها، فالجمهور بحاجة إلى معلومات دقيقة وموثوقة، وعدم توفر ذلك يمكن أن يؤدي إلى فقدان الثقة والإضرار بصورة المؤسسة، وكذلك تدهور العلاقات مع وسائل الإعلام بسبب عدم فهم كيفية التعامل معها، والذي يصل بالمؤسسة إلى سوء إدارة الأزمات وعدم استجابة فعالة للمواقف الحرجة، مما يعزز من إمكانية تفاقم المشكلات. كما أن غياب الخبرات المتخصصة قد يؤدي إلى نقص الإبتكار في الحملات الإتصالية، مما يجعل المؤسسة غير قادرة على التكيف مع متغيرات السوق.
للتغلب على هذه التحديات وسد هذه الفجوة، لابد من إتخاذ خطوات متسارعة لإنقاذ هذه المهنة، تتمثّل في توظيف المتخصصين، حيث أنه من الضروري أن تسعى المؤسسات لتوظيف أفراد لديهم خلفية أكاديمية وخبرة عملية في مجال الإتصال والعلاقات العامة والإعلامية، على أن تكون معايير التوظيف صارمة لضمان إختيار الأفراد الأكفاء.
كما يجب في رأيي على المؤسسات الإستثمار في برامج تدريبية وورش عمل تهدف إلى تطوير مهارات العاملين في مجال العلاقات العامة. يمكن أن تشمل هذه البرامج موضوعات مثل: إستراتيجية التواصل، إدارة الأزمات، وتحليل البيانات.
ومن المهم أن تتقبل إدارات الاتصال والعلاقات العامة التعلم والتعاون مع الجهات المتخصصة، حيث يمكن للمؤسسات التعاون مع شركات العلاقات العامة المتخصصة لتوفير الخبرات اللازمة وتقديم إستشارات إستراتيجية تصل بها إلى تجارب ناجحة، مع أهمية عدم التدخل بشكل عشوائي وفرض قرارات وفقاً لأهواء شخصية أو "عناد" لا تستند إلى معايير عملية إحترافية، كما نقول محليًا : "أعط الخباز خبزه" وتعلم منه مع تقييم الأداء بشكل دوري لإدارات الاتصال والعلاقات العامة، وتقديم التغذية الراجعة لتحسين الأداء.
إن تخصص العاملين في إدارات الإتصال والعلاقات العامة وخبراتهم الحقيقية في هذا المجال هما أساس نجاح أي مؤسسة، والإستثمار في الكوادر البشرية هو استثمار في المستقبل، فالمتخصصين القادرين على التعامل مع التحديات الإتصالية سيقودون مؤسساتهم نحو النجاح المستدام.