سجلت الصين عام 2024 مستوى قياسيا من الصادرات، في دفعة ضرورية للاقتصاد قبيل وصول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى السلطة في ظل توقعات بأن يفرض رسوما جمركية باهظة على المنتجات الصينية.

وشكلت الصادرات أحد المؤشرات الإيجابية النادرة بالنسبة للاقتصاد الصيني الذي يعاني منذ نهاية أزمة وباء كوفيد ضعفا في الاستهلاك وأزمة متواصلة في القطاع العقاري تؤثر على النمو.

لكن ترامب الذي فرض رسوما جمركية على مروحة واسعة من المنتجات الصينية في ولايته الأولى، هدد برسوم أكبر على القوة الاقتصادية الثانية في العالم مع عودته إلى البيت الأبيض الأسبوع المقبل.

يفيد مراقبون بأن ارتفاع الصادرات الصينية مؤخرا جاء على الأرجح بفضل زيادة الشركات مخزوناتها استباقا لولاية ترامب الثانية وسط المخاوف من حرب تجارية محتدمة.

وقال الناطق باسم الإدارة العامة للجمارك في الصين لو داليانع في مؤتمر صحافي إنه "في العام 2024، تجاوزت قيمة إجمالي الصادرات الصينية 25 تريليون يوان لأول مرة، فوصلت إلى 25,45 تريليون يوان (3,47 تريليون دولار)، في زيادة من عام لآخر نسبتها 7,1 في المئة".

في الأثناء، ارتفعت قيمة إجمالي الواردات بنسبة 2,3 في المئة إلى 18,39 تريليون يوان، بحسب لو.

وأما نائب وزير إدارة الجمارك وانغ لينغجون، فأشار إلى أن التجارة الخارجية الصينية سجّلت نموا بنسبة 5% عام 2024 بالمقارنة مع العام السابق، محققة مستوى قياسيا قدره 43,85 تريليون يوان.

وأكد وانع أن "موقع الصين كأكبر دولة تجارية في العالم بات أكثر ثباتا".

وأظهرت بيانات الجمارك الاثنين أن الصادرات ارتفعت في ديسمبر بنسبة 10,7 في المئة عن العام السابق، لتتجاوز بفارق كبير توقعات خبراء اقتصاد استطلعت بلومبرغ آراءهم والبالغة 7,5%.

وكتبت خبيرة الاقتصاد الصيني لدى "كابيتال إيكونوميكس" زيشون هوانغ في مذكرة "نتوقع أن تبقى الصادرات قوية في الشهور المقبلة مع مواصلة المستوردين في الولايات المتحدة تخزين المنتجات الصينية قبيل رفع الرسوم الجمركية".

وأضافت "لكن يرجّح أن تتراجع الصادرات في وقت لاحق هذا العام مع تطبيق الرئيس ترامب الرسوم الجمركية التي هدد بها".

سجّلت الواردات الشهر الماضي ارتفاعا نسبته 1% بالمقارنة مع الشهر ذاته من العام السابق، بحسب بيانات الجمارك، مقارنة مع تراجع بالنسبة ذاتها توقعته بلومبرغ.

لطالما شكّلت الصادرات المحرّك الأساسي لنشاط الاقتصاد الصيني الذي يقول مسؤولون إنه سجّل على الأرجح نموا نسبته 5% العام الماضي.

وخلال حملة الانتخابات الأميركية الأخيرة، هدد ترامب بفرض رسوم نسبتها 60% على جميع المنتجات الصينية.

ورجّحت هوانغ أن تبقى الصادرات الصينية "صامدة على الأمد القريب".

وتابعت أن الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة المتوقعة "قد تؤدي إلى انخفاض كميات الصادرات بحوالى ثلاثة في المئة وتراجع إجمالي الناتج المحلي الصيني بنحو 0,5 في المئة".

أعلنت بكين منذ أيلول/سبتمبر عن تدابير في سياساتها تعد الأقوى منذ سنوات في مسعى لإعادة إطلاق الاقتصاد الذي أخفق حتى اللحظة في التعافي بالكامل من أزمة وباء كوفيد-19.

وشملت الخطوات الجديدة إلغاء قيود مفروضة على شراء العقارات وحزم دعم لشراء المعدات المنزلية وخفض معدلات الفائدة.

وأفاد كبير خبراء الاقتصاد لدى "بنبوينت لإدارة الأصول" جيوي جانغ في مذكرة الاثنين أعقبت نشر البيانات التجارية "بمساعدة الصادرات القوية وتيسير السياسة الكليّة، استقر الزخم الاقتصادي على الأرجح".

ومن المقرر أن تنشر الحكومة بيانات النمو الاقتصادي للعام 2024 في وقت لاحق هذا الأسبوع. وعبّر الرئيس الصيني شي جينبينغ مؤخرا عن ثقته بأن البلاد حققت هدفها الرسمي للنمو البالغ حوالى 5%.

يرى العديد من خبراء الاقتصاد أن هناك حاجة لمزيد من سياسات الدعم الهادفة لتحفيز الاستهلاك المحلي، ما يشير إلى أن الإجراءات المتخذة مؤخرا لم تثمر بعد عن انتعاش قوي في الإنفاق المحلي.

وقد يؤدي انخفاض التضخم إلى زيادة في معدلات الفائدة الحقيقية، بحسب كبيرة خبراء الاقتصاد لدى "إكونوميست إنتلجنس يونت" Economist Intelligence Unit يو سو.

وأفادت : "يجب أن يكون تخفيف السياسة النقدية استباقيا أكثر ليؤدي فعلا إلى خفض تكاليف الاستدانة بالنسبة للشركات، وهو أمر مهم من أجل التعافي الواسع للاقتصاد".

سبق لصندوق النقد الدولي أن توقع تسجيل الاقتصاد الصيني نموا نسبته 4,8% عام 2024 قبل التباطؤ إلى 4,5% هذا العام.