ارتفعت أسعار الذهب يوم الخميس، مدفوعة بمخاوف الأسواق بشأن التعريفات الجمركية التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي قد تؤدي إلى تصعيد حرب تجارية عالمية، مما عزز الطلب على المعدن النفيس كملاذ آمن.
جاء هذا الارتفاع في ظل ترقب المستثمرين لبيانات التضخم الأمريكية بعد أن كشفت أحدث التقارير عن ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك لشهر يناير بأكبر نسبة خلال 18 شهرًا، مما عزز قناعة بنك الاحتياطي الفيدرالي بعدم التسرع في خفض أسعار الفائدة.
بحلول الساعة 07:50 بتوقيت جرينتش، ارتفع الذهب الفوري بنسبة 0.5% إلى 2,918.00 دولارًا للأوقية، مقتربًا مرة أخرى من أعلى مستوياته القياسية عند 2,942.70 دولارًا التي سجلها يوم الثلاثاء. كما ارتفعت العقود الآجلة للذهب الأمريكي بنسبة 0.6% إلى 2,945.40 دولارًا للأوقية.
التعريفات الجمركية تدفع المستثمرين نحو الذهب
أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه سيفرض قريبًا تعريفات متبادلة على كل دولة تفرض رسومًا على الواردات الأمريكية، في خطوة تهدد بتصعيد النزاع التجاري العالمي. أدت هذه الخطوة إلى زيادة المخاوف بشأن تأثير الرسوم الجمركية على التضخم الأمريكي، مما دفع المستثمرين إلى اللجوء إلى الذهب كوسيلة للتحوط ضد تقلبات الأسواق.
وقال ييب جون رونج، استراتيجي الأسواق في IG Group: "الذهب يستمر في إثبات نفسه كأداة رئيسية للتحوط في ظل حالة عدم اليقين التجاري. يسعى المستثمرون إلى تقليل التقلبات في محافظهم الاستثمارية، مما يدعم الطلب على المعدن الأصفر".
في المقابل، تراجعت أسعار الذهب بأكثر من 1% يوم الأربعاء بعد أن كشفت بيانات التضخم الأمريكية عن أكبر قفزة في مؤشر أسعار المستهلك منذ منتصف عام 2023، مما أكد أن بنك الاحتياطي الفيدرالي لن يكون في عجلة من أمره لخفض الفائدة.
ومع ذلك، انتعشت الأسعار مرة أخرى، حيث زاد التوتر التجاري من جاذبية الذهب كملاذ آمن، مما جعله يحتفظ بمكاسبه رغم الضغوط التي تفرضها السياسات النقدية.
أثار ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي تكهنات بشأن قرارات الفيدرالي القادمة، حيث صرح جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، بأن معركة البنك المركزي مع التضخم لا تزال مستمرة، وأن أي تخفيض إضافي في أسعار الفائدة يجب أن ينتظر حتى يتم التأكد من عودة التضخم إلى مستهدف 2%.
وأضاف باول أن الاقتصاد الأمريكي يتمتع بالقوة الكافية لمنح البنك المركزي الوقت اللازم لاتخاذ قرارات مدروسة بشأن أسعار الفائدة، مما يعني أن التخفيضات المتوقعة قد تتأخر، وهو ما يزيد من حالة عدم اليقين في الأسواق، وبالتالي يدعم أسعار الذهب.
ووفقًا لتحليل بنك ANZ، فإن الطلب على الذهب لا يزال قويًا بفضل التدفقات الاستثمارية المرتفع، والطلب المستمر على المعدن من قبل البنوك المركزية، والشراء المتزايد من المستثمرين كتحوط ضد التقلبات الاقتصادي، كما أشار البنك إلى أن الذهب سيظل أحد الملاذات الاستثمارية الرئيسية في ظل البيئة الاقتصادية العالمية غير المستقرة.
وسط ارتفاع أسعار الذهب، ظهرت تقارير تفيد بأن الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي أعربا عن أملهما في إنهاء الحرب، خلال محادثات منفصلة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ووفقًا لتصريحات ترامب، فقد وجه كبار المسؤولين الأمريكيين لبدء محادثات سلام، في خطوة يمكن أن تؤدي إلى إنهاء النزاع الذي استمر منذ 2022. جاء ذلك بعد إعلان وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث أن أوكرانيا لن تسعى إلى عضوية الناتو بعد الآن، وهو ما كان أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت روسيا إلى الغزو.
رغم أن هذه الأنباء أشعلت موجة من التفاؤل في الأسواق المالية الأوسع نطاقًا، إلا أن الذهب استمر في الصعود، مدفوعًا بمخاوف أخرى تتعلق بالتعريفات الجمركية والسياسات النقدية الصارمة.
ارتفعت المعادن النفيسة الأخرى يوم الخميس، حيث سجلت الأسعار تحركات كالتالي:
• الفضة ارتفعت بنسبة 0.5% إلى 32.37 دولارًا للأوقية
• البلاتين زاد بنسبة 0.7% إلى 999.85 دولارًا
• البلاديوم قفز بنسبة 1.2% إلى 984.86 دولارًا
أما المعادن الصناعية فقد شهدت تحركات متباينة:
• العقود الآجلة للنحاس في بورصة لندن للمعادن انخفضت بنسبة 0.1% إلى 9,474.75 دولارًا للطن
• عقود النحاس لشهر مارس ارتفعت بنسبة 0.8% إلى 4.7265 دولارًا للرطل
في ظل استمرار حالة الترقب بشأن أسعار الفائدة الأمريكية وتصاعد التوترات التجارية، يظل الذهب في وضع قوي كملاذ آمن للمستثمرين.
ومع استعداد الأسواق لاستقبال بيانات مؤشر أسعار المنتجين الأمريكي، يعتقد المحللون أن تأثيرها سيكون أقل حدة مقارنة بمؤشر أسعار المستهلك، نظرًا لأن التوقعات باتت متكيفة مع بيئة تضخم مرتفع لفترة أطول.
وقال المحللون في Investing.com إن استمرار تهديد ترامب بفرض تعريفات جمركية يجعل الذهب أكثر جاذبية، خصوصًا في ظل تقلبات الأسواق المالية.
في ظل هذه العوامل، تظل أسعار الذهب عند مستويات قياسية، في حين أن أي تصعيد جديد في الحرب التجارية أو تأخر في خفض الفائدة قد يدفع المعدن الأصفر إلى تسجيل مستويات قياسية جديدة.