في تصريحات جريئة وحاسمة، أكد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف أن الكويت كانت "مختطفة" بفعل التجنيس غير المشروع والتلاعب بالهوية الوطنية، مشددًا على أن الدولة لن تتهاون في تصحيح التركيبة السكانية، وإعادة الجنسية إلى أصحابها الحقيقيين.

وقال اليوسف خلال ظهوره في برنامج "مسرح الحياة" الذي يقدمه الزميل علي العلياني: "الكويت كانت مختطفة، ليس فقط بجنسيات مختلفة دخلت البلاد، ولكن بطباع غريبة عن المجتمع الكويتي، بلغات ولهجات لم تكن جزءًا منا، وباختلاط في الأنساب. هذا الأمر كان مستمرًا منذ 40 و50 عامًا، لكن هل نستمر عليه إلى ما شاء الله؟ لا وألف لا، نحن اليوم أمام مسؤولية تاريخية لإعادة الأمور إلى نصابها".

وكشف وزير الداخلية عن حجم الفوضى التي عانى منها ملف الجنسية، مشيرًا إلى أن البعض حصل على الجنسية عن طريق التزوير، وآخرون عبر شراء الولاءات ودفع الأموال، مؤكدًا أن كل الملفات سيتم مراجعتها بدقة، ولن يُمنح شرف الجنسية إلا لمن يستحقها بحق.

انتخابات مجلس الأمة القادمة بتغيير جذري: حذف 35 ألفًا من السجلات الانتخابية، والمستقبل لمن يستحق.

بيع الجنسيات والتزوير

ولم يكن حديث اليوسف مجرد تصريحات عابرة، بل جاء مدعومًا بوقائع وأدلة صادمة، حيث أكد أن الجنسية الكويتية تحولت إلى سلعة تُباع وتشترى، قائلًا: "هناك فئات حصلت على الجنسية مقابل مبالغ مالية، دفعتها لأشخاص – للأسف – كويتيين، ساعدوهم على التزوير. لقد زرت بعض المسجونين، واعترفوا لي أنهم دفعوا الأموال مقابل أن يتم تسجيلهم كأبناء لعائلات كويتية، وهكذا أصبحوا مواطنين!".

وتابع:"لو لم نفتح هذا الملف، لاختلفت تركيبة الكويت بشكل جذري، ليس فقط من حيث الجنسية، ولكن حتى في الطبع الكويتي، في العادات، في التركيبة الاجتماعية، في كل شيء. ما كان يحدث هو سرقة ممنهجة لهوية الكويت، ونحن لن نسمح باستمرار هذا العبث".

جنسية الأعمال الجليلة

وحول ملف التجنيس عن طريق "الأعمال الجليلة"، الذي طالما كان بابًا خلفيًا لمنح الجنسية الكويتية؛ كشف وزير الداخلية أن هذا النظام كان يُستخدم بطريقة غير نزيهة، حيث تم منح الجنسية لأشخاص لم يقدموا شيئًا حقيقيًا للكويت، قائلًا: "ماكو عمل جليل.. كلها بفلوس وواسطة، هذا الملف لن يكون بعد اليوم بابًا لتجنيس غير المستحقين. الجنسية الكويتية لن تُمنح لأي شخص إلا وفق معايير دقيقة، ومن يعتقد أنه يستطيع أن يحصل عليها بالعلاقات والولاءات، فهو واهم".

وأوضح أن الدولة بصدد مراجعة جميع ملفات الأعمال الجليلة، قائلًا: "هناك أشخاص تم تجنيسهم بموجب هذه الأعمال، ولكن بعد التدقيق تبين أنهم غير مستحقين. هناك من جاء في 2005 أو 2010، وعمل لفترة قصيرة، ثم حصل على الجنسية. هل هذا عمل جليل؟ هل قدم شيئًا للكويت يعادل شرف أن يحمل جنسيتها؟ بالتأكيد لا!"

محاسبة الفاسدين مستمرة

أما فيما يتعلق بالحملة المستمرة لمكافحة الفساد، فقد أكد اليوسف أن الكويت لن تتهاون مع أي مسؤول تلطخت يده بالفساد، مشيرًا إلى أن الأيام الأخيرة شهدت إحالة وزراء، نواب، وقضاة سابقين إلى التحقيق، في قضايا تتعلق بالاختلاس وغسل الأموال، بقوله: "نحن نعيش اليوم في دولة القانون، ولا أحد فوق القانون. من سرق المال العام، ومن استغل نفوذه، ومن ظن أن الكويت غنيمة، سيحاسب.. ومكانه معروف".

وأضاف: "لدينا ريتز أيضًا، نعم! ولكن بأسلوبنا الخاص. كل مسؤول متورط في الفساد، وكل شخصية استفادت من المال العام بطرق غير مشروعة، سيكون لها موعد مع القضاء. السجن الآن يضم أسماء كانت تتقلد أعلى المناصب، والدور قادم على البقية، فلا أحد محصن".

مشاهير التواصل الاجتماعي تحت المجهر

وفي تطور جديد، أعلن وزير الداخلية عن إعادة فتح ملف مشاهير التواصل الاجتماعي، قائلًا: "هذا الملف لم يُغلق. نحن الآن نراجع مصادر ثرواتهم، كيف تحولوا بين ليلة وضحاها إلى أصحاب ملايين؟ كل من لا يستطيع إثبات مصدر ثروته، سيواجه المحاسبة"، مؤكدًا على أن وحدة التحريات المالية تتابع جميع التحويلات المشبوهة، مضيفًا: "من يظن أن بإمكانه التلاعب بالأموال تحت غطاء الشهرة، فهو مخطئ. سيتم استدعاؤهم واحدًا تلو الآخر، والمحاسبة قادمة".

مجلس الأمة القادم بتركيبة مختلفة

وكشف اليوسف أن الحملة الجارية لتصحيح ملف الجنسية سيكون لها تأثير سياسي مباشر، حيث سيتم حذف 35 ألف شخص من السجلات الانتخابية، مما سيغير التركيبة السياسية لمجلس الأمة: "من كان يصوت بغير حق، لن يصوت بعد اليوم. من كان يتحكم في مستقبل الكويت رغم أنه ليس جزءًا منها، سيخرج من المشهد. القادم سيكون مختلفًا تمامًا"، مؤكدًا على أنّ الانتخابات المقبلة ستعكس الإرادة الحقيقية للكويتيين، بعيدًا عن التأثيرات غير المشروعة التي كانت تلعب دورًا في توجيه النتائج".